الأمم المتحدة: العنف ضد الأطفال بمناطق النزاع بلغ مستويات غير مسبوقة في 2024

الأمم المتحدة: العنف ضد الأطفال بمناطق النزاع بلغ مستويات غير مسبوقة في 2024
العنف ضد الأطفال - أرشيف

كشفت الأمم المتحدة في تقريرها السنوي أن معدل الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة سجل ارتفاعاً قياسياً غير مسبوق في عام 2024، مسجلاً أسوأ حصيلة منذ بدء عمليات الرصد الأممي قبل نحو ثلاثة عقود.

وبحسب التقرير الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن عدد الانتهاكات الجسيمة المؤكدة التي طالت أطفالاً دون سن 18 عاماً بلغ 41,370 حالة خلال عام 2024، منها 36,221 انتهاكاً وقعت خلال العام نفسه، و5,149 انتهاكاً آخر ارتكبت في سنوات سابقة ولكن تم توثيقها خلال هذا العام، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الجمعة.

ويُعد هذا الرقم الأعلى منذ بدء الأمم المتحدة رصد مثل هذه الانتهاكات عام 1996، حيث سجلت المنظمة زيادة بنسبة 25% مقارنة بعام 2023، والذي كان قد شهد بدوره ارتفاعاً بنسبة 21% عن العام الذي سبقه، مما يعكس منحى تصاعدياً مقلقاً للعنف الموجه ضد الأطفال.

أطفال يُحرمون من الطفولة

أوضح التقرير أن أكثر من 4,500 طفل قُتلوا خلال النزاعات في عام 2024، وأصيب نحو 7,000 آخرين بجروح، في حين تعرض نحو 22,495 طفلًا لانتهاكات متعددة مثل والقتل، والإصابة، والاغتصاب، والاختطاف، والتجنيد القسري في صفوف الميليشيات المسلحة.

وقالت فرجينيا غامبا، الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة، إن "صرخات 22,495 طفلاً بريئاً، كان من المفترض أن يكونوا في فصولهم الدراسية أو ملاعب كرة القدم، ولكن بدلاً من ذلك اضطروا لتعلم كيفية البقاء في مناطق القصف والنزوح.. يجب أن توقظ ضمائرنا".

وحذّرت غامبا من أننا "وصلنا إلى نقطة اللاعودة"، مؤكدة أن الأرقام المسجلة تمثل "ناقوس خطر للعالم بأسره".

الأراضي الفلسطينية في الصدارة

جاءت الأراضي الفلسطينية على رأس القائمة السوداء لانتهاكات حقوق الطفل، حيث سجلت الأمم المتحدة أكثر من 8,500 انتهاك في عام 2024 فقط، معظمها نُسب إلى القوات الإسرائيلية، بما في ذلك ما يزيد على 4,800 انتهاك في قطاع غزة وحده.

ويؤكد التقرير أن ما لا يقل عن 1,259 طفلاً فلسطينياً قُتلوا في غزة، فيما تتحقق المنظمة من تقارير إضافية حول مقتل 4,470 طفلاً آخرين في القطاع خلال نفس الفترة.

كما وثقت الأمم المتحدة إصابة أو مقتل أكثر من 500 طفل في لبنان نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية عبر الحدود، وهو ما وصفه التقرير بأنه يمثل توسعاً في نطاق الانتهاكات بحق الأطفال خارج نطاق الحرب الرئيسية في غزة.

أطراف النزاع تحت المجهر

أبقى التقرير كلاً من الجيش الإسرائيلي وحركة حماس في "قائمة العار" للعام الثاني على التوالي، إلى جانب قوى أخرى تورطت في انتهاكات جسيمة بحق الأطفال.

كما أُضيف إلى القائمة هذا العام تحالف عصابات "فيف أنسانم" في هايتي، بعد مسؤوليته عن زيادة مروعة في حجم الانتهاكات بنسبة 490%، شملت جرائم تجنيد الأطفال، اغتصابهم، واستخدامهم في هجمات مسلحة.

وشملت القائمة أيضاً جماعة "كلان ديل غولفو" الكولومبية التي تواجه اتهامات بتجنيد 450 طفلاً خلال عام 2024، مقارنة بـ262 فقط في العام السابق، وهو ما يعكس تصعيداً لافتا في أنشطة العصابات الإجرامية المنظمة في أميركا اللاتينية.

خرائط لانتهاكات الطفولة

احتلت جمهورية الكونغو الديمقراطية المرتبة الثانية في حجم الانتهاكات بعد الأراضي الفلسطينية، مع أكثر من 4,000 انتهاك، تليها الصومال ونيجيريا وهايتي، وكلها مناطق تشهد نزاعات مسلحة مزمنة تترافق بانهيار البنى الاجتماعية والقانونية.

كما أُدرج الجيش الروسي مجدداً في القائمة بسبب ارتفاع بنسبة 105% في الانتهاكات التي طالت الأطفال في أوكرانيا، في ظل استمرار العمليات العسكرية الروسية منذ فبراير 2022.

واستمر أيضاً إدراج الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على خلفية الحرب المستعرة في السودان منذ أكثر من عامين، والتي ألحقت أضراراً جسيمة بالأطفال، خاصة في إقليم دارفور.

الدعوة إلى مساءلة دولية

شدد التقرير الأممي على الحاجة إلى تحرك دولي جماعي وعاجل لوضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب، داعياً الدول الأعضاء إلى اتخاذ إجراءات فورية لضمان الحماية القانونية والإنسانية للأطفال المتأثرين بالنزاعات.

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن هذه الانتهاكات الجسيمة لا تشكل فقط جرائم ضد الإنسانية، بل تُهدد مستقبل مجتمعات بأكملها، وتحول الأطفال من بناة للسلام إلى ضحايا دائمة للنزاعات.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية