"فايننشيال تايمز": الناخبون اليابانيون يعاقبون الحكومة على الغلاء وتراجع الأجور
في انتخابات المجلس المحلي لطوكيو
تكبّد الحزب الليبرالي الديمقراطي، في اليابان، بقيادة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، خسارة غير مسبوقة في انتخابات المجلس المحلي للعاصمة طوكيو، في تصويتٍ شكّل صفعة سياسية قبيل استحقاق وطني حاسم.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "فايننشيال تايمز"، اليوم الاثنين، سجّل الحزب الحاكم في اليابان، الذي يتولى السلطة ضمن ائتلاف هش، أدنى نتيجة له في تاريخه الانتخابي داخل العاصمة، بعد أن حصل على 22 مقعدًا فقط من أصل 127 مقعدًا في مجلس طوكيو الحضري، مقابل 30 مقعدًا كان يشغلها قبل الانتخابات، بمن في ذلك ثلاثة مرشحين لم ينالوا اعتمادًا رسميًا رغم انتسابهم السابق للحزب.
الغلاء وتراجع الأجور
أدلى الناخبون في العاصمة اليابانية بأصواتهم في أجواء سياسية متوترة، عبّروا خلالها عن استيائهم من تصاعد تكاليف المعيشة، لا سيما أسعار المواد الغذائية، وتراجع النمو في مستويات الأجور، ورأى مراقبون أن التصويت حمل رسالة احتجاجية ضد أداء الحكومة المركزية، رغم أن الانتخابات محلية الطابع.
وأشار محللون إلى أن هذه النتيجة قد تُلقي بظلالها الثقيلة على انتخابات مجلس الشيوخ الوطني المقررة في 20 يوليو المقبل، حيث يُواجه إيشيبا تحديات متراكمة تهدد استقرار حكومته، بل وقد تُفضي إلى استقالته في حال تدهورت نتائج حزبه في التصويت المقبل.
وفقد الحزب الليبرالي الديمقراطي موقعه القيادي في الجمعية لصالح "تومين فيرست نو كاي" (سكان طوكيو أولًا)، وهو حزب محلي أسسته حاكمة طوكيو يوريكو كويكي، التي تُعد أقوى مسؤول حكومي محلي في البلاد خلال السنوات التسع الأخيرة، حصد الحزب 32 مقعدًا، بما في ذلك مرشح مستقل مدعوم منه، متفوقًا على حزب إيشيبا.
ودفع حزب كويكي بمجموعة من السياسات الاجتماعية التي لاقت استحسانًا نسبيًا لدى الناخبين، خصوصًا تلك المتعلقة برفع معدل المواليد وتحسين منظومة الرعاية الاجتماعية، وشكّل الفوز تعزيزًا لحضور الحزب المحلي الذي يعمل غالبًا بتعاون غير رسمي مع الحزب الحاكم.
تراجع التيارات الشعبوية
كسب حزب "سانسيتو"، ذو التوجه اليميني الشعبوي، ثلاثة مقاعد للمرة الأولى، رغم حداثة تأسيسه في عام 2020، وخاض الحزب حملته بشعارات قومية لافتة، أبرزها: "لا تُدمّروا اليابان بعد الآن!".
في المقابل، شهد "طريق النهضة"، حزب شينجي إيشيمارو، هزيمة ساحقة، بعدما فشل جميع مرشحيه الـ42 في الفوز بأي مقعد، رغم حلّ زعيمه ثانيًا في انتخابات الحاكم السابقة.
وواجه رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا ضغوطًا إضافية على خلفية ملفات اقتصادية وتجارية شائكة، أبرزها تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية مرتفعة على الصادرات اليابانية، ما زاد من هشاشة المناخ السياسي والاقتصادي.
وتزامن ذلك مع استمرار تسجيل زيادات قياسية في أسعار السلع الأساسية، مثل الأرز، ما فاقم استياء الرأي العام المحلي، وأضعف منسوب الثقة بقيادة إيشيبا.
المزاج الوطني
أوضح المحلل السياسي توبياس هاريس، من مركز "جابان فورسايت"، أن قراءة نتائج طوكيو يجب ألا تُفسر بشكل حتمي على أنها انعكاس مباشر للانتخابات الوطنية، لأن الساحة السياسية في مجلس الشيوخ تفتقر إلى شخصية مشابهة لكويكي أو حزبها المحلي، إلا أنه اعتبر طوكيو "مقياسًا مفيدًا" لاتجاهات الرأي العام، في ظل بلوغ عدد ناخبيها 11.5 مليون شخص، يحق لهم اختيار ستة أعضاء من المجلس، إلى جانب المشاركة في التصويت النسبي الوطني.
تُمهّد نتائج طوكيو لمواجهة سياسية مفتوحة في انتخابات مجلس الشيوخ، التي قد تُعيد رسم توازنات السلطة في اليابان، وقد تؤدي خسارة إضافية للحزب الحاكم إلى منح أحزاب المعارضة الصغيرة مساحة تفاوضية أوسع داخل البرلمان، وربما تُدفع إيشيبا نحو الخروج من المشهد، إذا لم يُعالج سريعًا تداعيات ما وصفه مراقبون بـ"الإنذار الانتخابي المبكر".