الأمم المتحدة: الإمارات نموذج رائد في تمكين المرأة وتعزيز حقوقها
خلال الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان
في تقييم أممي جديد يعكس تقديراً لجهود الإصلاح المتواصلة في دولة الإمارات العربية المتحدة، أشادت المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، ريم السالم، بالتقدم المحرز في ملفات تمكين المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين، معتبرة أن الإمارات قدمت نماذج واعدة في السياسات الحقوقية التي تراعي النوع الاجتماعي.
جاء ذلك في تقرير مفصل قدمته المقررة إلى الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في جنيف حتى 9 يوليو المقبل، واطلع «جسور بوست» على نسخة منه.
التقرير الذي يغطي زيارة رسمية أجرتها المقررة إلى دولة الإمارات خلال الفترة من 9 إلى 19 ديسمبر 2024، يعرض مجموعة من المبادرات والممارسات التي وصفتها بـ«الريادية»، إلى جانب توصيات تستهدف سد بعض الثغرات القائمة، إلا أن لهجته العامة اتسمت بالإشادة بالمسار الإصلاحي للدولة، وبتفاعلها الإيجابي مع الآليات الأممية.
التزام بدعم حقوق المرأة
أبرز ما جاء في التقرير هو الإقرار بـ«الالتزام القوي» للقيادة الإماراتية بحقوق المرأة وتمكينها، وهو ما تجسد في تبني الدولة لسياسات وطنية متقدمة أبرزها إنشاء مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين في عام 2015، وإطلاق الخطة الوطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 المعني بالمرأة والسلام والأمن عام 2021.
وثمنت المقررة الخاصة الدعم المؤسسي المقدم من قبل هيئة الأمم المتحدة للمرأة وهيئاتها المختلفة، مشيرة إلى الشراكات القائمة بين الدولة والوكالات الدولية.
وأشارت كذلك إلى الترحيب الرسمي الذي حظيت به خلال زيارتها، ما عكس انفتاح الحكومة على التقييم الحقوقي والتعاون مع الآليات الأممية.
مشاركة غير مسبوقة للمرأة الإماراتية
وعلى صعيد التمكين السياسي، حققت الإمارات سبقاً لافتاً في عام 2019 حين بلغت نسبة تمثيل النساء في المجلس الوطني الاتحادي 50%، ما جعلها من بين أعلى الدول عالمياً في هذا المؤشر.
ويشير التقرير إلى أن النساء الإماراتيات يشغلن مناصب وزارية بارزة، كما يترأسن لجاناً برلمانية، ويقمن بأدوار فاعلة في صنع السياسات العامة.
أما في المجال الاقتصادي، فقد اعتمد مجلس الوزراء قانوناً للمساواة في الأجور بين الجنسين عام 2018، وهو ما لاقى إشادة من البنك الدولي ضمن تقرير «المرأة، الأعمال والقانون 2024» الذي منح الإمارات تقييماً كاملاً في عدد من المؤشرات.
وأطلقت الدولة أيضاً المبادرة الوطنية لتمكين المرأة الإماراتية 2031 بالتعاون مع 70 جهة، في مسعى لتعزيز مشاركتها في ريادة الأعمال والمناصب القيادية.
إصلاحات تشريعية
ورصد التقرير جملة من الإصلاحات القانونية التي قامت بها الإمارات لمواءمة تشريعاتها مع المعايير الدولية، مثل إلغاء بند «تأديب الزوجة» من قانون العقوبات عام 2019، والسماح للنساء باتخاذ قرارات مستقلة بشأن صحتهن الإنجابية في حالات الطوارئ، وذلك بموجب مرسوم قانوني صدر في 2024.
ورحبت المقررة الخاصة بالقوانين الجديدة المتعلقة بحماية الأسرة، والتي وسعت تعريف العنف الأسري ليشمل العنف الاقتصادي والنفسي، إلى جانب الجسدي والجنسي، ووضعت آليات للإبلاغ والحماية عبر مؤسسات متخصصة.
مكافحة العنف والتحرش
واستعرض التقرير الإجراءات التي اتخذتها الإمارات لحماية النساء من العنف والتحرش في أماكن العمل، مثل إدراج التحرش الجنسي ضمن المحظورات القانونية في قانون العمل الجديد لعام 2021، واعتماد سياسات عمل مرنة للأمهات العاملات. كما أٌنشئت مراكز لرعاية العاملات المنزليات، تقدم خدمات طبية وقانونية ونفسية.
ورغم بعض التحديات المرتبطة بقلة الإبلاغ عن وقائع التحرش، فإن الدولة اتخذت خطوات لتعزيز ثقة النساء في الإجراءات القانونية، وتعمل على تدريب الكوادر الأمنية والإدارية للتعامل الحساس مع تلك الحالات.
دعم النساء بمناطق النزاع
وسلط التقرير الضوء على الدور البارز الذي تلعبه الإمارات دولياً في دعم النساء والفتيات في مناطق النزاع والكوارث، سواء عبر التمويل أو بناء القدرات. فقد أسهمت الدولة بأكثر من 2 مليار دولار منذ عام 2016 لدعم مبادرات حماية المرأة في أكثر من 113 بلداً، كما أنشأت مركز التميز للمرأة والسلام والأمن، ومولت برامج تدريبية لـ600 امرأة في عشر دول على عمليات السلام والأمن.
واستشهد التقرير بمبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك، التي أطلقت برامج لتأهيل النساء والفتيات في المجالات البيئية والتنموية، إلى جانب مبادرات تعليمية وصحية للنازحات واللاجئات في دول مثل الأردن، ومصر، والسودان، واليمن.
في ختام تقريرها، دعت المقررة الخاصة إلى البناء على المكاسب الحالية عبر تعزيز التشريعات والسياسات القائمة، وضمان استمرارية التمويل والموارد المؤسسية، وتعزيز الحوار بين الدولة والمجتمع المدني. ووصفت تجربة الإمارات بأنها «نموذج يُحتذى في المنطقة»، بشرط معالجة الفجوات المتبقية لضمان شمولية الجهود.