"لا نهتم".. نادٍ نسائي رقمي يتمرد على ثقافة إرضاء الجميع
"لا نهتم".. نادٍ نسائي رقمي يتمرد على ثقافة إرضاء الجميع
أسست المؤثرة الأمريكية، ميلاني ساندرز، البالغة من العمر 45 عامًا والمقيمة في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا، نادي "لا نهتم" كمساحة رمزية للنساء اللواتي بلغن مرحلة ما قبل انقطاع الطمث أو عشنها، وتوقفن عن محاولات إرضاء المجتمع والانصياع لمعاييره.
ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، أطلقت ساندرز هذا النادي عبر مقاطع فيديو بسيطة ظهرت فيها وهي ترتدي نظارات القراءة، وتسرد قائمة بالأشياء التي لم تعد تُقلقها، مثل دهون الذراعين، أو حضور حفلات الشواء العائلية، أو حتى كيّ الملابس.
وقد حظيت مبادرتها بتفاعل هائل من نساء حول العالم، شاركن تجاربهن في التحرر من تلك الضغوط اليومية الصغيرة والمتكررة.
منصة للبوح الجماعي
نشرت ساندرز مقطع فيديو التقطته من سيارتها، بعد ليلة بلا نوم، معلنةً فيه إنشاء النادي الجديد قائلة: "نحن بصدد إنشاء نادٍ لمرحلة ما قبل انقطاع الطمث، سيكون اسمه نادي لا نهتم".
طلبت من متابعيها التفاعل في التعليقات ومشاركة الأمور التي لم تعد تعني لهم شيئًا، ولم تكن تتوقع أن يتجاوز عدد المتفاعلات بضع عشرات، إلا أن التفاعل تخطى كل التوقعات، حيث انهمرت آلاف التعليقات، واكتسب حسابها مئات الآلاف من المتابعين الجدد على منصتَي إنستغرام وتيك توك في أقل من 24 ساعة.
وانضمت الممثلة الأمريكية، آشلي جود، البالغة من العمر 57 عامًا، إلى النادي؛ معلنةً أن من بين ما لم يعد يهمها: التلفاز، الاستحمام اليومي، البقع على قميص النوم، بل وحتى القواعد الإملائية، وظهرت في مقطع وهي تضحك من خطأ هجائي على لافتة صغيرة كُتب فيها "نادي لا نهتم" دون حرف اللام، وعلّقت قائلة: "لا يهمني".
ومن جانبها، قالت الصحفية الأسترالية، شيلي هورتون، إنها ضحكت حد البكاء عند مشاهدتها لأول مرة مقاطع ساندرز، وأكدت أن الرسالة عميقة والمعنى لا يتجاوز الفكاهة.
صرحت ساندرز بأنها أمضت سنوات في رعاية الآخرين والاهتمام بصورتها أمام المجتمع، مثل التحقق من أن أطفالها يأكلون خضراواتهم، أو وضع المكياج، وأكدت أنها شعرت بالتحرر بعد تخليها عن هذه التفاصيل، خاصةً بعد دخولها مرحلة ما قبل انقطاع الطمث التي أعقبت عملية استئصال جزئي للرحم في سبتمبر 2024.
وصفت تلك المرحلة قائلة: "جسدي مُتعب، مزاجي متقلب، أعاني من الأرق، وحين بدأت أشعر بالاكتئاب، فقدت القدرة على الاحتفاء بالأشياء الجيدة".
تجارب شخصية ملهمة
روت ساندرز أنها في صباح أحد الأيام، لمحت انعكاس صورتها في مرآة السيارة، فرأت شعرها مبعثرًا ومظهرها غير مرتب، لكنها بدلًا من أن تشعر بالحرج، ضحكت، وفكرت: "لقد وصلتُ إلى النقطة التي لم أعد أهتم بها، وهذا جيد".
عندها قررت أن تشارك هذه اللحظة، وبدأت مسيرتها في بناء "نادي لا نهتم"، الذي تحول إلى مجتمع عالمي رقمي يجمع نساءً يشعرن بالإنهاك من إرضاء التوقعات المجتمعية، ويبحثن عن المساحة ليكُنّ على طبيعتهن.
نشر آلاف النساء تعليقات عبّرن فيها عن الأمور التي لم تعد تُقلقهن، مثل الانتقادات العائلية، أو ترتيب السرير، أو الاهتمام بردود فعل الآخرين، بعضهن أكدن أن مجرد مشاهدة مقاطع ساندرز ساعدهن على الشعور بأنهن لسن وحدهن في هذه المرحلة الانتقالية من الحياة.
خططت ساندرز لتحويل هذه المنصة إلى تجمع حقيقي، تحلم بإقامة ملاذ فعلي لأعضاء النادي، حيث يمكن للنساء الاستلقاء ببساطة، من دون مكياج أو تصفيف شعر، بعيدًا عن أي إلزامات اجتماعية.
إعادة ترتيب الأولويات
قالت ساندرز إن الفكرة ليست التوقف عن الاهتمام بكل شيء، بل التوقف عن الضغط النفسي الناتج عن الاهتمام بأشياء غير مهمة، مثل الترتيب المثالي للمنزل أو تلبية دعوات لا تروق لهن.
وأضافت مازحة: "لا شيء إلزامي بعد الآن سوى البقاء على قيد الحياة"، وذكرت أنها لم تعد تنشر أكثر من مقطع أو اثنين أسبوعيًا، رغم العروض التجارية المتزايدة التي تتلقاها، لأنها تفضّل تخصيص وقتها لصحتها وعائلتها.
وخلال مقابلة مصورة، جلست ساندرز أمام الكاميرا في غرفة نومها، حيث بدا السرير غير مرتب، والملابس متناثرة، وأوضحت أنها لم تنم سوى ثلاث ساعات في الليلة السابقة بسبب الأرق المرتبط بمرحلة ما قبل انقطاع الطمث، ثم هزّت كتفيها قائلة بابتسامة: "لا يهمني.. ببساطة".