"واشنطن بوست": خوارزميات السوشيال ميديا تُسهّل عمليات الاحتيال على المهاجرين

محامون وهميون على تيك توك وفيسبوك

"واشنطن بوست": خوارزميات السوشيال ميديا تُسهّل عمليات الاحتيال على المهاجرين
الاحتيال عبر الإنترنت

يستغل محتالون على مواقع التواصل الاجتماعي حالة الهشاشة التي يعيشها المهاجرون غير النظاميين في الولايات المتحدة، منتحلين صفة محامين معتمدين ومسؤولين في المحاكم، حيث يستخدم هؤلاء محاكاة دقيقة لملفات محامين حقيقيين، ويقنعون الضحايا بتحويل أموال مقابل "خدمات قانونية" مزيفة.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، السبت، في بعض الحالات، لا يقتصر الأمر على خسارة المال، بل يصل إلى ترحيل الضحية فعليًا بسبب تقديم مستندات مزورة باسمهم.

وتواصلت جيلما راميريز، وهي مهاجرة من غواتيمالا، مع حساب محامٍ للهجرة على تطبيق "تيك توك" بعد أن تركت تعليقًا على فيديو، لم تكن تعلم أن هذه الخطوة ستُعرّضها للاحتيال.

وتلقى حسابها رسالة من حساب يحمل اسم المحامية "نيكول ويتاكر" وصورتها، يطلب منها بياناتها الشخصية، تبع ذلك اتصال من شخص يدّعي أنه موظف حكومي، طالبها بتحويل 525 دولارًا لمتابعة قضيتها.

ووصفت راميريز شعورها بالقول: "كان مُصِرًّا للغاية، وكنت خائفة"، لم تستطع تجاهل الطلب خوفًا من أن يؤثر في وضعها القانوني.

وسائل رقمية للخداع

أنشأ المحتالون أنظمة معقدة على "تيك توك" و"فيسبوك" وحتى "واتساب"، تضمنت محادثات مزيفة، وجلسات استماع وهمية، وإعلانات مدفوعة تنتحل صفة محامين حقيقيين.

ساعدت خوارزميات المنصات هؤلاء على الوصول بسهولة إلى الفئة المستهدفة: مهاجرون يبحثون عن معلومات قانونية، ويظهرون اهتمامًا بمحتوى الهجرة.

وأكّد محامو الهجرة في الولايات المتحدة أن هذه الظاهرة تصاعدت بعد تولي الرئيس ترامب منصبه، وتشير بيانات لجنة التجارة الفيدرالية إلى تضاعف شكاوى الاحتيال المتعلّقة بالهجرة بين عامي 2023 و2024، يصنَّف هذا النوع من الاحتيال باعتباره الأكثر شيوعًا في تقارير المستهلكين التي تتلقاها اللجنة.

وأفاد محامو الهجرة أن الضحايا يخسرون مبالغ تراوح بين 2000 إلى 15000 دولار، وفي حالات نادرة وصلت الخسائر إلى 100 ألف دولار.

يستفيدون من خوف المهاجرين

وقالت إميلي مكابي، من نقابة المحامين الأمريكية، إن المحتالين يستفيدون من خوف المهاجرين من السلطات، ما يمنعهم من الإبلاغ عن الجرائم.

وأشارت المحامية كولين نورميل من منظمة "أيودا" إلى أن المحتوى الاحتيالي يصل بسهولة إلى المهاجرين الباحثين عن المساعدة، بفضل الخوارزميات التي تروّج لمحتوى مشابه عند أول تفاعل.

وأضافت أن كثيرًا من المحتالين يستغلون هذه الفرصة لنشر أرقام هواتف واتساب وروابط للتواصل، تحت غطاء المشورة القانونية.

وقالت المحامية غلوريا كارديناس، التي تملك جمهورًا يتجاوز 300 ألف متابع على "تيك توك"، إن حساباتها تتعرض يوميًا لهجمات من محتالين ينتحلون صفتها ويردّون على التعليقات بدلًا منها، وقد أرسلت هي وفريقها مئات البلاغات إلى تيك توك، لكنّ المحتالين لا يزالون نشطين.

شكاوى من 15 ضحية

أفادت كارديناس بتلقّي شكاوى من 15 ضحية مباشرة، لكنها تعتقد أن العدد الحقيقي أكبر بكثير، لأن معظم الضحايا لا يبلّغون عن ما حدث، وفي بعض الحالات، أنشأ المحتالون "محاكم هجرة" وهمية وعقدوا جلسات عبر "زووم" و"واتساب"، أوهموا خلالها الضحايا بشرعية الإجراءات.

وخسر أحد عملاء ويتاكر 26 ألف دولار بسبب هذا النوع من العمليات.

وتحذّر المحامية نورميل من أن هذه الخسائر تُضعف وضع المهاجرين بشكل كبير، حيث يخسرون المال دون الحصول على أي دعم قانوني حقيقي.

تقاعس من المنصات الرقمية

تؤكد شركات مثل "تيك توك" و"ميتا" أنها تطبق سياسات صارمة ضد "السلوك الزائف" وانتحال الشخصية، لكن الواقع يعكس ضعف التنفيذ.

أشار لويس غيرا، من الشبكة الكاثوليكية القانونية للهجرة (CLINIC)، إلى أن المحتوى الاحتيالي المنشور بلغات غير الإنجليزية غالبًا ما يمرّ دون رقابة فعّالة، ما يتيح للمحتالين الانتشار بسهولة.

وقال غيرا، إن القوانين الحالية لحماية المستهلك لا تكفي لحماية المهاجرين الأكثر هشاشة، وطالب بسنّ تشريعات تتيح لهم الإبلاغ دون خوف من الترحيل.

وأضاف أن العبء الأكبر يقع حاليًا على العائلات والمنظمات غير الحكومية، التي تسعى لتثقيف المتابعين عبر محتوى توعوي على وسائل التواصل، رغم أن ذلك يتطلب موارد كبيرة.

نهاية سعيدة وآلاف مفقودة

انتهت قصة راميريز نهاية سعيدة نسبيًا، إذ تمكنت من التواصل مع مكتب المحامية ويتاكر، وتأكدت من أن الرسائل التي تلقتها كانت مزيفة، لكنّ كثيرين غيرها لم يتداركوا الأمر إلا بعد فوات الأوان.

وقالت راميريز: "هؤلاء المحتالون بارعون في استخدام وسائل التواصل، ويعرفون أننا لا نملك الخبرة الكافية لاكتشافهم".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية