احتجاجات في البندقية ضد زفاف بيزوس.. "لا مكان للمليارديرات في مدينتنا"

احتجاجات في البندقية ضد زفاف بيزوس.. "لا مكان للمليارديرات في مدينتنا"
زفاف بيزوس

تظاهر نحو 500 شخص في شوارع مدينة البندقية التاريخية، السبت، رفضًا لإقامة حفل زفاف مؤسس شركة أمازون جيف بيزوس من الإعلامية الأمريكية لورين سانشيز، معتبرين أن المناسبة الفخمة تشكّل اعتداءً على هوية المدينة الثقافية والبيئية.

ورفع المتظاهرون لافتات حملت شعارات غاضبة مثل: "بيزوس، اخرج من البحيرة" و"التهموا الأغنياء" و"لا مكان لبيزوس"، في حين طالت هتافاتهم رئيس بلدية المدينة باتهامات بالفساد، على خلفية تسهيله الإجراءات اللوجستية الخاصة بالزفاف، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد.

"لا مكان لبيزوس"

قاد التحرك الاحتجاجي ائتلاف "لا مكان لبيزوس"، وهو تحالف من نشطاء يساريين ومجموعات مدنية، عبّروا عن رفضهم لما وصفوه بـ"احتلال الأغنياء" للمدينة، وتحويلها إلى منصة ترفيهية نخبوية على حساب سكانها المحليين الذين يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة وندرة المساكن.

وقالت أليس باتزولي (24 عامًا)، وهي ناشطة تقيم في المدينة منذ خمس سنوات: "نحن هنا ضد ما يمثله بيزوس... ضد نموذج أمازون القائم على استغلال العمال والموارد الطبيعية. زفافه ليس مجرد مناسبة شخصية، بل استعراض للقوة الاقتصادية، يتم على حساب مدينة تواجه تحديات بيئية ومعيشية متزايدة".

وخلال التظاهرة، رفع المحتجون لافتة ضخمة كُتب عليها "لا مكان لبيزوس" على جسر ريالتو الشهير المطل على القناة الكبرى، في خطوة رمزية أكدت، بحسب المنظمين، أن المدينة ما زالت حيّة بمقاومتها الشعبية رغم الهيمنة السياحية المتزايدة.

وأشعل المتظاهرون ألعابًا نارية، فيما لوّحوا بالأعلام الحمراء واللافتات البيئية، وسط هتافات تطالب بـ"استعادة المدينة من قبضة الرأسمالية المتوحشة".

وقال الطالب ماتيو باتيستوتا (20 عامًا): "البندقية ليست ديكورًا لحفلات الأغنياء، بل مدينة حقيقية لسكان حقيقيين. نريد أن نعيش فيها، لا أن نُقصى منها لأجل الثراء الفاحش".

حفل زفاف مثير للجدل

أقيم زفاف بيزوس وسانشيز في جزيرة سان جورجيو ماجوري، على بُعد خطوات من ساحة سان ماركو التاريخية، في مراسم امتدت على أسبوع كامل من الحفلات والأنشطة الفاخرة، شهدت حضور شخصيات بارزة ومشاهير عالميين، بعضهم وصل على متن يخوت وطائرات خاصة.

واختُتم الحفل بعرض خاص أحيته المغنية العالمية ليدي غاغا، ما زاد من حدة الانتقادات التي رأت في الزفاف استعراضًا مبالغًا فيه في وقت تواجه فيه المدينة أخطاراً بيئية واقتصادية حقيقية، مثل ارتفاع منسوب المياه وتآكل البنية الحضرية نتيجة النشاط السياحي المكثف.

وفي محاولة واضحة للتهدئة، أعلن بيزوس، الذي تُقدّر ثروته بما يقرب من 215 مليار دولار، عن تبرعه بثلاثة ملايين يورو لعدد من الهيئات المحلية، من بينها جمعية حماية البحيرات، وجامعة البندقية الدولية، ومكتب اليونسكو في المنطقة، بحسب ما أكده رئيس إقليم فينيتو لوكا زايا.

لكن الناشطين شككوا في دوافع التبرع، وعدّوه "رشوة ناعمة لتبرير تدمير المدينة"، كما قال أحد المشاركين في التظاهرة: "لا يمكن لثلاثة ملايين يورو أن تمحو الأثر الكارثي للسياحة المفرطة وثقافة الاستهلاك".

مدينة على حافة التغيير

تعكس الاحتجاجات ضد زفاف بيزوس الاحتقان المتزايد في البندقية، مدينة تواجه منذ سنوات أخطار فقدان سكانها الأصليين بسبب ارتفاع أسعار العقارات وتحولها إلى وجهة سياحية فاخرة تفقد تدريجيًا طابعها المحلي.

وفي وقت تتحدث فيه منظمات محلية عن انخفاض عدد السكان الدائمين إلى ما دون 50 ألفًا، تحاول جهات مدنية إعادة تسليط الضوء على أن البندقية ليست مسرحًا لحفلات الأثرياء، بل مدينة تتطلب سياسات حماية وإنقاذ عاجلة.

ولعل الاحتجاجات ضد زفاف الملياردير الأمريكي تؤشر إلى ما قد يكون بداية موجة جديدة من الرفض الشعبي للعولمة غير العادلة، ولتحويل المدن التاريخية إلى مواقع استهلاك محض على حساب سكانها الحقيقيين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية