البرتغال تغلق أبوابها.. قوانين جديدة تُقصي المهاجرين والبرازيليون في المقدمة

البرتغال تغلق أبوابها.. قوانين جديدة تُقصي المهاجرين والبرازيليون في المقدمة
مهاجرون - أرشيف

صوّت البرلمان البرتغالي، الأربعاء الماضي، لصالح حزمة تشريعات مشددة تطول المهاجرين، لا سيما الجالية البرازيلية، وهي الأكبر في البلاد. 

وتشمل الإجراءات الجديدة فرض قيود صارمة على لمّ شمل الأسر، ومنح تأشيرات العمل فقط للمهاجرين "ذوي المهارات العالية"، وإلغاء تسهيلات قانونية كانت تُعتبر من أكثر السياسات ترحيباً في أوروبا خلال السنوات الماضية، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، الخميس. 

وأثار هذا التحول قلقاً واسعاً بين منظمات حقوق الإنسان والجهات العاملة مع المهاجرين، معتبرة أن البرتغال تنقلب على إرثها الإنساني وتدفع بالمهاجرين إلى الهامش.

تغير في سياسة الهجرة

منذ وصول حكومة يمين الوسط بقيادة لويس مونتينيغرو إلى السلطة في مارس 2024، بدأت تظهر بوادر لتغييرات جوهرية في تعامل البرتغال مع المهاجرين، فبعد عقود من السياسات الليبرالية التي شجعت الهجرة لتغطية النقص في الأيدي العاملة ومواجهة الشيخوخة السكانية، جاءت التشريعات الجديدة لتفرض شروطاً صارمة على دخول وإقامة الأجانب، في خطوة لقيت تأييداً من اليمين المتطرف المتمثل في حزب "تشيغا".

وتقضي الإجراءات الجديدة بمنع لم شمل الأسرة إلا بعد إقامة قانونية لا تقل عن عامين، وإلغاء دخول البرازيليين والتيموريين بدون تأشيرة، كما لن تُمنح تأشيرات بحث عن عمل إلا للعمال ذوي "الكفاءات العالية"، وهو ما يُقصي شرائح واسعة من الباحثين عن فرص عمل، لا سيما من البرازيل.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة Publico المحلية، فإن المتضرر الأكبر من هذه السياسات هو الجالية البرازيلية، التي اعتادت على مرونة قانونية مكّنتها من دخول البرتغال والعمل دون شروط معقدة. 

وتشير بيانات دائرة الهجرة البرتغالية إلى أن عدد البرازيليين في البلاد تجاوز نصف مليون شخص في نهاية 2024، يشكلون أكثر من ثلث المهاجرين المقيمين في البلاد.

وبسبب القانون الجديد، ستُلغى التسهيلات السابقة التي كانت تسمح للبرازيليين بدخول البلاد بدون تأشيرة وتقديم طلبات تسوية بمجرد إثبات العمل ودفع اشتراكات الضمان الاجتماعي.

"قرار غير إنساني"

أكثر من 160 منظمة تعمل في مجال حقوق المهاجرين أصدرت وثيقة مشتركة نددت فيها بتقييد لمّ شمل الأسر، معتبرة أن الخطوة "تنتهك حقوق المهاجرين الذين يعيشون ويعملون ويدرسون في البرتغال"، وحذّرت من أن هذه القوانين تُهدد بانفصال آلاف العائلات وتؤجج مشاعر العزلة والتمييز.

من جهته، قال جواو كارلوس مارتينز، ممثل منظمة "سوليمار" المعنية بحقوق المهاجرين: "هذه ليست قوانين تنظيمية، بل بوابات إغلاق، والمفارقة أن البرتغال بحاجة إلى المهاجرين، لكنها الآن تطردهم فعلياً".

وشهد القطاع الصحي احتجاجاً مماثلاً، حيث وقع نحو ألف طبيب وممرض وعالم نفس في أواخر 2024 على رسالة مفتوحة ضد قانون يحد من حق المهاجرين غير النظاميين في تلقي الرعاية الصحية، معتبرين أنه "لا يمكن حرمان إنسان من العلاج بسبب وضعه القانوني".

أجهزة أمنية لترحيل المهاجرين

من أبرز مخرجات الحزمة التشريعية إنشاء "وحدة وطنية للأجانب والحدود" (UNEF) ضمن شرطة الأمن العام، ستكون مهمتها الأساسية تعقّب وطرد المهاجرين غير النظاميين. 

وتخطط الحكومة البرتغالية لفتح مركزين جديدين لترحيل المهاجرين، اعتماداً على تمويل من "الخطة الوطنية للتعافي والقدرة على الصمود"، ضمن مشروع أوسع للتنمية المستدامة.

ويُنظر إلى هذه الإجراءات على أنها تمثل منحى أوروبيًّا أوسع نحو تشديد سياسات الهجرة، لكنها في السياق البرتغالي تمثل قطيعة مع توجهات حكومة اليسار السابقة التي فتحت الباب أمام تسويات قانونية واسعة وتسهيلات للحصول على الإقامة والجنسية.

تقييد الجنسية تحت المجهر

رغم أن البرلمان مرر القسم الأول والثاني من التعديلات، لا تزال بعض البنود قيد المفاوضات، خاصة تلك المتعلقة بشروط الحصول على الجنسية البرتغالية. 

ويشمل ذلك مراجعة شروط الإقامة وعدد السنوات المطلوبة، إضافة إلى فرض اختبارات لغوية أو ثقافية أكثر صرامة، وهو ما ترى فيه منظمات حقوقية "تمييزاً مقنعاً" بحق فئات واسعة من المهاجرين، خصوصاً من الدول الناطقة بالبرتغالية.

وتشير بيانات دائرة الهجرة البرتغالية إلى أن عدد الأجانب المقيمين في البلاد بلغ 1.55 مليون نسمة في نهاية 2024، أي أربعة أضعاف العدد في عام 2017، ويشكّلون الآن نحو 15% من سكان البلاد. 

ودفع هذا الصعود العددي، إضافة إلى تدفق مهاجرين جدد بفعل الأزمات في أميركا اللاتينية وإفريقيا، ببعض الأحزاب إلى استثمار الملف انتخابياً، مطالبين بـ"وقف الفوضى" كما وصفها اليمين المتطرف.

دفاع حكومي عن التعديلات

من جانبه، دافع رئيس الوزراء مونتينيغرو عن التعديلات، قائلاً: "نحن لا نغلق الباب أمام أحد، بل ننظم الدخول لضمان مصلحة المجتمع البرتغالي". 

لكن المنتقدين يعتبرون أن هذه الإجراءات ستدفع بالمهاجرين إلى العمل في الظل، دون حماية قانونية أو اجتماعية، وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من الاستغلال والفقر.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية