اليوم العالمي للوقاية من الغرق.. دعوة أممية لحماية الفئات الأكثر هشاشة وحقهم في الحياة

يحتفل به 25 يوليو من كل عام

اليوم العالمي للوقاية من الغرق.. دعوة أممية لحماية الفئات الأكثر هشاشة وحقهم في الحياة
اليوم العالمي للوقاية من الغرق

في الخامس والعشرين من يوليو من كل عام، يرفع العالم صوته مجددًا لتسليط الضوء على واحدة من أكثر الكوارث "الصامتة" التي تحصد أرواح مئات الآلاف سنويًا: الغرق، وبينما تزداد أزمات العالم تعقيدًا، يُعاد التذكير في اليوم العالمي للوقاية من الغرق بأن لكل إنسان، بغض النظر عن جنسه أو عمره أو وضعه الاجتماعي، الحق الكامل في الحياة والسلامة، وهو حق يتطلب إجراءات ملموسة للحماية من الغرق.

وباء صامت يهدد الفئات المهمشة

لا يُعد الغرق مجرد حادث عرضي أو نتيجة للإهمال الفردي، بل أزمة صحية عامة وإنسانية تعكس التفاوتات العميقة في الوصول إلى الحماية والبنية التحتية والوعي، وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الغرق يتسبب في وفاة أكثر من 236 ألف شخص سنويًا، غالبيتهم من الأطفال والمراهقين الذين يعيشون في المجتمعات منخفضة ومتوسطة الدخل، ورغم هذا الثقل الإنساني، لا يزال الغرق غائبًا في الغالب عن الخطط الوطنية للأمن الصحي والسياسات الوقائية.

تتضح خطورة هذه الأزمة بشكل خاص في صفوف الأطفال، إذ يُعد الغرق من بين الأسباب الأربعة الأولى لوفيات الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و24 عامًا في 80 دولة، هذه الأرقام لا تُعد مجرد إحصاءات، بل تعكس فقدان مجتمعات لأحلامها، وأُسر لأطفالها، وشعوب لمستقبلها.

الغرق كقضية تنموية

في أبريل 2021، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بالإجماع بشأن الوقاية من الغرق، اعترافًا رسميًا بأهمية إدراج هذه المسألة في الأجندة العالمية للتنمية، ودعت الدول إلى الاعتراف بالغرق كقضية تهم الصحة العامة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، مطالبة بتكثيف التدابير الوقائية والإنقاذية، وتوفير بيانات دقيقة عن الحالات، خاصة في الدول الأكثر تضررًا.

كما حث القرار الحكومات على تنفيذ مجموعة من التدخلات الفعّالة مثل تعليم السباحة للأطفال، وتدريب المنقذين، وضمان وجود حواجز آمنة على مصادر المياه الخطرة، وتقديم الإسعافات الأولية في حالات الغرق.

المسؤولية مشتركة

في رسالتها بمناسبة اليوم العالمي للوقاية من الغرق، أكدت الأمم المتحدة أن الحد من الغرق لا يتطلب حلولًا باهظة أو تقنيات متقدمة، بل تدابير بسيطة ومنخفضة التكلفة أثبتت فاعليتها في العديد من البلدان، وشددت المنظمة الدولية على ضرورة إشراك المجتمعات المحلية، وتوسيع نطاق برامج التثقيف، ودمج الوقاية من الغرق في المناهج التعليمية، خاصة في المناطق الساحلية والنهرية.

كما شددت الأمم المتحدة على أهمية البيانات، إذ إن نقص المعلومات الموثوقة يعوق الجهود المبذولة لفهم أبعاد الظاهرة ووضع السياسات المناسبة، لذلك، دعت الدول إلى تحسين نظم الترصد الوطني لحالات الغرق.

الغرق والنزوح

لا يمكن فصل ظاهرة الغرق عن الأزمات الإنسانية المتشابكة الأخرى، وعلى رأسها النزوح الناتج عن الكوارث المناخية، فمع اشتداد العواصف، وارتفاع منسوب البحار، وغياب البنية التحتية الآمنة، تزداد حوادث الغرق في صفوف اللاجئين والمهاجرين، ما يجعل الغرق اليوم أزمة تتقاطع مع العدالة المناخية وحقوق اللاجئين.

وفي هذا السياق، تنبه منظمات إنسانية إلى أن العديد من حوادث الغرق التي تشمل لاجئين في البحر الأبيض المتوسط، أو ضحايا الفيضانات في بنغلاديش أو السودان، لا تُحتسب ضمن الإحصاءات الرسمية، ما يقلل من تقدير حجم الكارثة ويُبقيها في الظل.

دعوة للتحرك الجماعي

في اليوم العالمي للوقاية من الغرق 2025، تُوجه الأمم المتحدة نداءً إلى العالم أجمع: الحكومات، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، والمدارس، والأفراد، الجميع معنيّ بإنقاذ الأرواح عبر رفع الوعي، وتغيير السلوكيات، والضغط من أجل سياسات أكثر عدالة.

كما تشجع المنظمة على تنظيم فعاليات مجتمعية، وإضاءة المعالم الوطنية باللون الأزرق تضامنًا، ومشاركة القصص التي تسلط الضوء على ضحايا الغرق وناجيه، تكريمًا لهم ودرسًا للبشرية.

لا يُعد الغرق فقط قضية صحية أو طارئًا يمكن تجاوزه، بل مرآة تُظهر هشاشة الحقوق في بعض البيئات، وتقصير الأنظمة في حماية الأضعف.. في اليوم العالمي للوقاية من الغرق، يتجدد الالتزام بأن الحياة حق لا يجوز أن يُسلب بصمت، وأن لكل طفل في العالم الحق في النجاة، في اللعب، في التعلم، وفي أن يُنقذ.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية