من وسط ركام الحرب.. عودة تدريجية للحياة في العاصمة السودانية
من وسط ركام الحرب.. عودة تدريجية للحياة في العاصمة السودانية
بدأت الحياة تعود تدريجيًا إلى شوارع وأسواق العاصمة السودانية الخرطوم، بعد أكثر من عامين من الحرب الطاحنة بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، والتي تركت المدينة في حالة شلل تام وأطاحت بمظاهر الحياة الطبيعية فيها.
ومع تراجع العمليات القتالية، خصوصاً بعد إعلان الجيش السوداني سيطرته الكاملة على الخرطوم في 20 مايو الماضي، تلوح بوادر انتعاش حذر في المدينة، رغم ما خلفته الحرب من دمار واسع وخسائر بشرية ومادية فادحة، بحسب ما ذكرت وكالة "الأناضول"، اليوم الاثنين.
رغم أن مشاهد الخراب ما زالت ماثلة في كل زاوية من العاصمة، إلا أن حركة السيارات والدراجات النارية عادت بشكل جزئي إلى الشوارع، في مؤشر رمزي على عودة الحياة.
وما زالت الأبراج والمباني المحترقة، مثل "برج النيل" و"برج بنك الساحل والصحراء" و"برج سوداتل"، تحمل آثار القصف بواجهاتها المتفحمة ونوافذها المهشمة، إلى جانب الدمار الذي طال مسجد "الشهيد" المطل على ملتقى النيلين الأزرق والأبيض.
لكنّ جهود حكومة ولاية الخرطوم في إزالة السيارات المحترقة ومخلفات الحرب من الشوارع الرئيسية، أضفت مظهرًا من النظام والاستعداد لمرحلة جديدة.
مرحلة "إعادة الإعمار"
في تطور لافت، هبطت في 19 يوليو الجاري الطائرة الرئاسية لأول مرة في مطار الخرطوم المغلق منذ 15 أبريل 2023، وعلى متنها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.
وسبقته بيوم زيارة رئيس الوزراء كامل إدريس، وهي الأولى له منذ توليه المنصب في 30 مايو الماضي. وأكد إدريس أن "إعادة تأهيل مدينة الخرطوم بالكامل سيتم خلال ستة أشهر".
تلك الزيارات الرسمية جاءت ضمن جهود رسمية لإطلاق خطة وطنية لإعادة الإعمار، بدأت بتشكيل لجنة عليا لتهيئة البيئة في الخرطوم، برئاسة عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر، والذي أكد أن "أولوية المرحلة هي تأمين المياه، يليها توفير الكهرباء وتشغيل المرافق الصحية".
الاقتصاد يتنفس من جديد
على المستوى الاقتصادي، شرع اتحاد الغرف التجارية في حصر الأضرار واستئناف نشاطه من مقره وسط العاصمة، حيث أكد رئيس لجنة الحصر، أسامة عوض، أن الأضرار التي لحقت بمبنى الاتحاد "محدودة ويمكن إصلاحها في وقت وجيز".
وأشار عوض إلى أن الاتحاد يسعى للقيام بدوره في دعم رجال الأعمال ومعالجة قضاياهم مع الحكومة، بهدف إعادة تنشيط الحركة التجارية والاستثمارية في العاصمة.
وبينما تتواصل التحركات الحكومية لإعادة الإعمار، بدأت ملامح العودة الطوعية للسكان إلى منازلهم تظهر على الأرض.
تحسن الأوضاع الأمنية
وفق منظمة الهجرة الدولية، عاد نحو 27 ألف شخص إلى الخرطوم خلال شهر يونيو الماضي وحده، في مؤشر على تصاعد الثقة بتحسن الأوضاع الأمنية والخدمية.
غير أن التحديات لا تزال قائمة، خاصة مع استمرار دمار المباني العامة والخاصة، وغياب الخدمات الأساسية في بعض الأحياء، ما يجعل مهمة "بعث الخرطوم من تحت الأنقاض" أكثر تعقيدًا مما تبدو.