أرواح تغرق بصمت.. مصرع طفلين في المتوسط بسبب سياسة "الردع الأوروبي"

أرواح تغرق بصمت.. مصرع طفلين في المتوسط بسبب سياسة "الردع الأوروبي"
غرق مهاجرين في البحر - أرشيف

في حادث مأساوي يعكس العجز الإنساني والسياسي عن حماية الفارّين من الجحيم، لقي طفلان مصرعهما وفُقد شخص آخر إثر انقلاب قارب كان يحمل أكثر من 90 مهاجرًا، أثناء محاولة إنقاذهم من قِبل سفينة تجارية، في عرض البحر الأبيض المتوسط. 

وتأتي الحادثة التي وقعت، أمس الثلاثاء، لتسلّط الضوء مجددًا على سياسة "التجويع والردع" التي تنتهجها أوروبا تجاه المهاجرين، وعلى هشاشة الحماية الدولية لحقوق الإنسان في البحر، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز".

ورصدت منظمة "سي ووتش" غير الحكومية القارب المنكوب منذ ثلاثة أيام قبل الحادث، وأبلغت السلطات الإيطالية ووكالة "فرونتكس" الأوروبية، لكن الأخيرة وصلت بعد ست ساعات فقط من البلاغ، رصدت القارب ثم غادرت، حسبما صرحت "سي ووتش". 

ولم تُنفّذ أي محاولة تدخل جادّة قبل أن ينقلب القارب أثناء اقتراب السفينة التجارية "بورت فوكوكا"، ليفارق طفلان الحياة ويُفقد ثالث وسط الأمواج.

الخوف من العودة للجحيم

لم تنتهِ المأساة هنا، لا يزال الناجون محتجزين على متن السفينة التجارية، وسط رفض السلطات الإيطالية السماح لهم بالرسو في أحد موانئها، في وقت يتزايد فيه الخوف من تدخل خفر السواحل الليبي لإعادتهم قسرًا إلى بلد يُعرف عنه بأنه "مقبرة المهاجرين"، حيث يتعرّض العائدون للتعذيب والانتهاكات والابتزاز.

وقالت "سي ووتش" إن "السلطات الإيطالية تبذل قصارى جهدها لمنع الناجين من الوصول إلى أراضيها"، محذّرة من أن إعادتهم إلى ليبيا يعني إرسالهم إلى "التعذيب والموت".

وفي خطوة تكشف عن التضييق المتزايد على المنظمات الإنسانية، لا تزال سفينة "أورورا" التابعة لـ"سي ووتش" محتجزة في ميناء لامبيدوزا منذ 22 يوليو، لأسباب غير معلنة رسميًا، ما منعها من إنقاذ القارب الذي كان يبعد عنها أربع ساعات فقط. 

وجاء هذا بعد أن غيّرت "أورورا" وجهتها إلى لامبيدوزا بسبب سوء الطقس، بدلًا من التوجه إلى بوتسالو كما فُرض عليها.

وعدّت المنظمة قرار الاحتجاز "عقابًا سياسيًا لمن يختارون إنقاذ الأرواح"، مضيفة: "هذه هي حال أوروبا في 2025: من ينقذ يُعاقب".

مأساة متكررة في البحر

تُظهر بيانات المنظمة الدولية للهجرة حجم الفاجعة المستمرة، فمنذ بداية عام 2025، تم توثيق وفاة أو فقدان 743 مهاجرًا في البحر المتوسط، 538 منهم قضوا في طريق وسط المتوسط وحده؛ الطريق الأكثر فتكًا بالمهاجرين حول العالم.

ومنذ عام 2014، تم تسجيل أكثر من 75 ألف حالة وفاة واختفاء لمهاجرين، معظمهم في مناطق نزاع أو قريبة منها.

وتكشف تقارير منظمات كـ"أطباء بلا حدود" و"إس أو إس ميديتيراني" عن عرقلة منهجية لعمليات الإنقاذ، بقرارات سياسية مثل "مرسوم بيانتيدوسي"، الذي يُجبر سفن الإنقاذ على نقل الناجين إلى موانئ بعيدة، ما يقلّص فرص العودة السريعة لإنقاذ قوارب أخرى.

مأساة تُكتب كل يوم

تتكرّر في ليبيا وتونس، قصص المهاجرين الذين يُعثَر على جثثهم على الشواطئ، أو يُحتجزون في مراكز مهينة. 

وفي البحر، يصارع آخرون الموج والخذلان في آنٍ. وفي أوروبا، يُحتجز المنقذون، ويُحتفى بقوانين "ردع" تحت عباءة السيادة والأمن، على حساب أرواح البشر.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية