بعد 11 عاماً على الإبادة.. الناجيات الإيزيديات من داعش يعشن بلا حقوق

بعد 11 عاماً على الإبادة.. الناجيات الإيزيديات من داعش يعشن بلا حقوق
ناجيات إيزيديات من داعش - أرشيف

عند مشارف سنجار، حيث لا تزال رائحة الموت عالقة في الهواء، تقف “ليلى” -إحدى الناجيات من قبضة داعش- وهي تمسك بيد طفلها الذي لم يعرف أباه يوماً، ولا اسمه معترف به في أي وثيقة، بعد 11 عاماً على الإبادة، لا تزال ليلى وغيرها من الإيزيديات يعشْن في الظل، بين قسوة الماضي وتجاهل الحاضر.

عشرات الآلاف من النساء اختطفن، عُذبن، واغتُصبن، وعاد بعضهن من جحيم السبي حاملات جروحًا لا تندمل، وأطفالاً بلا وطن، أو اعتراف.. أو مستقبل، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الثلاثاء.

تتحدث المحامية والناشطة الحقوقية جشە دارا حفید بنبرة لا تخلو من الأسى، قائلة: "مرت 11 سنة على تلك الجرائم، لكن لم يُحاسب أحد على جرائم الاغتصاب.. هل يُعقل أن يُعاقب الجناة على القتل فقط، في حين تُنسى الجريمة التي دمّرت حياة الآلاف من النساء؟".

الناجيات من داعش لا يزلن يُعاملن كأنهن عبء، لا ضحايا. فالقانون العراقي لا يعترف بأطفالهن، والمجتمع الإيزيدي ينبذهن. يقف كثير من هؤلاء النساء اليوم في منطقة رمادية بين العدالة والخذلان، يبحثن عن هوية لأطفال لا ذنب لهم سوى أنهم وُلدوا في الظلام.

أمومة منفية وهوية غائبة

في كثير من الحالات، لا تملك النساء خيارًا سوى الابتعاد عن عائلاتهن الأصلية لتربية أطفالهن بعيدًا عن الوصمة. بعضهن، كما تقول دارا حفید، "يُجبرن على ترك أطفالهن على الحدود، أو في دور الإيواء، بلا أوراق، بلا نسب، بلا مستقبل".

أطلقت جشە حملة منذ عام 2018 للمطالبة بمنح هؤلاء الأطفال وثائق تحمل اسم الأم، لكن الاستجابة كانت بطيئة.

“إذا كانت قوانين ما بعد الحرب العالمية الثانية أنصفت ضحايا الاغتصاب، لماذا لا يحدث الشيء نفسه في العراق؟” تسأل جشە بحرقة.

وتُضيف: "القانون يمنح الناجيات تعويضاً مالياً لا يكفي حتى لشراء كيس طحين، أين العدالة في ذلك؟".

المأساة لم تنته

"المأساة لم تتوقف عند الاختطاف والاغتصاب، بل استمرت في صورة ناعمة من الإهمال والتجاهل، فالعالم نسي الإيزيديات، رغم أن بعض مواطنيه شاركوا في جرائم داعش، والمجتمع الدولي يتفرج دون أن يُطالب بمحاكمات عادلة"، تقول جشە.

وتضيف: حتى الآن، لا توجد محكمة دولية أدانت أحدًا بتهم الاغتصاب ضد الإيزيديات، ولم يُحاسب أحد على جرائم الإبادة ضد الكرد أيضًا، لا على قصف حلبجة، ولا على مآسي الأنفال، يبدو أن دمنا أرخص، ونساءنا أكثر صمتاً في عيون العدالة العالمية.

لكن رغم كل شيء، لا تزال جشە مؤمنة بقدرة النساء على المطالبة بحقوقهن، قائلة: "إذا لم نرفع صوتنا اليوم، سيُعاد مشهد الإبادة غدًا، بأسماء أخرى، وأدوات مختلفة، علينا أن نضغط، أن نُطالب، أن نكون نحن الصوت والصدى".

وفي هذا الصراع الطويل من أجل الاعتراف، تقول جشە دارا حفید جملة تلخّص المأساة والحل معًا: "الناجيات لا يحتجن إلى تعاطف، بل إلى عدالة حقيقية، تبدأ من القانون، ولا تنتهي إلا باعتراف العالم بهن ضحايا لا ذنب لهن سوى أنهن كن نساءً في زمن الحرب".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية