إضراب يتحدى الموت.. حملة "الثلاثاء لا للإعدام" تدخل أسبوعها الـ101 في سجون إيران

إضراب يتحدى الموت.. حملة "الثلاثاء لا للإعدام" تدخل أسبوعها الـ101 في سجون إيران
الإعدام في إيران

دخلت حملة الثلاثاء "لا للإعدام" اليوم أسبوعها المئة وواحداً داخل سجون مختلفة في إيران، في وقت يستمر فيه تنفيذ أحكام الإعدام بوتيرة متصاعدة، ويواجه عشرات السجناء خطر التنفيذ في أي لحظة، وعلى الرغم من مرور أكثر من عامين على انطلاق هذه الحملة الاحتجاجية، فإن السلطات الإيرانية لم تُبدِ أي تراجع حقيقي في سياساتها، بل واصلت الاعتماد على الإعدام بوصفه أداة ردع وقمع، وسط صمت دولي وتراجع الضغط الشعبي في الداخل.

منذ أكثر من 100 أسبوع، يواصل سجناء سياسيون وسجناء رأي في عشرات السجون الإيرانية الإضراب عن الطعام والاحتجاج الرمزي كل يوم ثلاثاء، رافعين شعار لا للإعدام، ومع أن الحملة تنطلق من خلف الجدران المغلقة، فإنها تحولت إلى رمز لمقاومة مستمرة، ورسالة تؤكد أن السجون ليست أماكن صامتة، بل فضاءات نابضة بالحياة والاحتجاج والتنظيم الجماعي، وفق وكالة أنباء المرأة.

واقع السجون يزداد قسوة

تصف المتحدثة باسم لجنة حرية السجناء السياسيين شيوا محبوبي أوضاع السجون في إيران بأنها تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، مؤكدة أن تراجع الاهتمام الدولي وغياب الاحتجاجات الواسعة في الشوارع منحا النظام مساحة كبرى لممارسة التعذيب والضغط الممنهج على السجناء، وترى أن ما يجري داخل السجون يعكس سياسة عامة تقوم على كسر الإرادة وإرهاب المجتمع من خلال العقوبات القاسية.

وتوضح محبوبي أن العقوبات لم تعد إجراءات منفصلة، بل تحولت إلى حلقات مترابطة في سلسلة قمع لا تنتهي، وتشير إلى أن عام 2025 شهد ارتفاعاً غير مسبوق في عدد الإعدامات مقارنة بالخمسة عشر عاماً الماضية، وهو ما انعكس مباشرة على أوضاع السجناء، حيث أصبح الحرمان من العلاج ممارسة يومية، وتدهورت الظروف المعيشية داخل الزنازين، ووصل الأمر إلى حرمان كثيرين من الزيارات العائلية لفترات طويلة.

حياة مقاومة خلف القضبان

رغم هذه الأجواء القاتمة، يواصل السجناء مقاومتهم عبر الإضرابات والاحتجاجات المنظمة، رافضين أي محاولات لتجميل صورة السجون أو التقليل من معاناتهم، ويأتي ذلك رداً على تصريحات رسمية وشبه رسمية، منها وصف سجن إيفين بأنه أشبه بفندق، وهو توصيف يراه السجناء إهانة مباشرة لواقعهم اليومي.

ويؤكد السجناء من خلال حملتهم أن ما يحدث داخل السجون ليس مجرد رد فعل على القمع الإيراني، بل تعبير عن ديناميكية مجتمع كامل يرفض الخضوع، فالمقاومة داخل السجون، بحسب وصف محبوبي، شاملة وحية، وتشمل مختلف الانتماءات الفكرية والسياسية، ما يجعلها امتداداً للحراك المجتمعي في الخارج، وإن كان في ظروف أشد قسوة.

أسماء تختصر المأساة

تسلط الحملة الضوء على حالات فردية تعكس حجم المأساة التي يعيشها السجناء السياسيون، ومنهم زهرا طبري التي صدر بحقها حكم بالإعدام، وبخشان عزيزي التي تواجه المصير ذاته، ووريشة مرادي التي نُقض حكم إعدامها مؤقتاً، لكن خطر التنفيذ ما زال قائماً في أي وقت.

وتشير شيوا محبوبي إلى أن منح الجنسية الفخرية لوريشة مرادي في إيطاليا يحمل دلالة سياسية وإنسانية بالغة الأهمية، إذ يوجه رسالة واضحة إلى العالم بأن هؤلاء السجناء لم يُنسوا، كما يبعث برسالة مباشرة إلى النظام الإيراني مفادها أن المجتمع الدولي يراقب ولن يقبل بقتلهم في صمت.

بين الإلغاء والإعدام البطيء

في حالات أخرى جرى تخفيف بعض الأحكام دون أن يعني ذلك انتهاء المعاناة، فقد حُوّل حكم شريفة محمدي من الإعدام إلى السجن لمدة 30 عاماً، في حين تواجه زينب جلاليان ومريم أكبري منفرد ما تصفه محبوبي بالإعدام البطيء، عبر الحرمان المتعمد من العلاج والنفي إلى أقسام الجرائم العامة في سجون متفرقة.

وتوضح أن حكم الإعدام الصادر بحق زينب جلاليان أُلغي رسمياً، لكن ما يجري على أرض الواقع هو قتل تدريجي عبر الإهمال الطبي المتعمد، وتضيف أن زينب جلاليان ومريم أكبري منفرد لم تحصلا على يوم واحد من الإجازة طوال سنوات سجنهما، وتم نقلهما بين سجون مختلفة في ظروف قاسية زادت من الضغط النفسي والجسدي عليهما، ما يهدد حياتهما بشكل مباشر، وفي مثل هذه الحالات يشير نشطاء إلى أن النظام يسعى لاحقاً إلى الإعلان عن الوفاة على أنها طبيعية.

تحذير من تسارع الإعدامات

تحذر شيوا محبوبي من أن أوضاع السجينات السياسيات المذكورات متدهورة للغاية، وأنهن بحاجة عاجلة إلى علاج تخصصي خارج السجن، وتؤكد أن استمرار الاحتجاجات، سواء داخل إيران أو على المستوى الدولي، أمر بالغ الأهمية، خصوصاً فيما يتعلق بالأحكام الصادرة بحق سجناء مثل وريشة مرادي.

وتلفت إلى أن وتيرة الإعدامات بلغت مستوى خطيراً، حيث يجري تنفيذ حكم إعدام جديد كل 6 ساعات تقريباً. وتؤكد أن الاعتراض يجب أن يشمل جميع أشكال الإعدام دون استثناء، باعتبارها انتهاكاً صارخاً للحق في الحياة.

تراجع الضغط الدولي

تربط محبوبي بين تصاعد القمع داخل إيران وتغير أولويات الحكومات والمنظمات الدولية، مشيرة إلى أنه بعد حرب الاثني عشر يوماً أصبح التركيز الدولي موجهاً بشكل أكبر نحو دفع النظام الإيراني إلى طاولة المفاوضات، على حساب ملفات حقوق الإنسان، وتضيف أن كثيراً من النشطاء الذين أُفرج عنهم بكفالات مالية يتعرضون لضغوط يومية، كما تتعرض عائلاتهم للمضايقة والتهديد.

وتؤكد أن النظام لا يميز في قمعه بين فئات المجتمع المختلفة، بل يستهدف كل من يعارض سياساته أو يتحدى قوانينه بأي شكل، وترى أن السبيل الوحيد لمواجهة ذلك يتمثل في الاحتجاج المستمر والدائم؛ لأن تراجع الاحتجاجات يقابله تصاعد في الإعدامات والاعتقالات، في حين أن اتساع دائرة المقاومة يجبر النظام في بعض الأحيان على التراجع أو تعديل الأحكام.

الإعدام أداة إزالة

تختتم شيوا محبوبي حديثها بتأكيد أن الإعدام ليس سوى شكل واحد من أشكال الإزالة الجسدية للسجناء السياسيين في إيران. فالنظام، بحسب وصفها، يمارس الإعدام البطيء عبر التعذيب، والقتل تحت التعذيب، والحرمان من العلاج، وإعطاء أدوية مجهولة المصدر، في محاولة لإسكات الأصوات المعارضة دون تحمل كلفة سياسية مباشرة.

تستخدم السلطات الإيرانية عقوبة الإعدام على نطاق واسع، وتعد من أكثر دول العالم تنفيذاً لهذه العقوبة، وفقاً لتقارير حقوقية دولية، ويشمل ذلك جرائم سياسية وأمنية، إضافة إلى قضايا تتعلق بالمخدرات، وسط انتقادات متكررة لغياب معايير المحاكمة العادلة وانتشار الاعترافات القسرية تحت التعذيب، وفي السنوات الأخيرة، برزت حملات احتجاجية من داخل السجون، مثل حملة الثلاثاء لا للإعدام بوصفها أحد أشكال المقاومة السلمية ضد هذه السياسات، في ظل تضييق شديد على الحريات العامة وتراجع قدرة المجتمع المدني على التحرك في الفضاء العام.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية