تقرير حقوق الإنسان الأمريكي يسلط الضوء على حرية التعبير في أوروبا

تقرير حقوق الإنسان الأمريكي يسلط الضوء على حرية التعبير في أوروبا
وزارة الخارجية الأمريكية

ركّزت الخارجية الأمريكية، على اللمسات الأخيرة لتقريرها السنوي المرتقب حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم، والذي سيحمل هذا العام توجهًا غير معتاد، يتمثل في تسليط الضوء على تراجع حرية التعبير في عدد من الدول الأوروبية، وذلك وفقًا لتصريحات أدلى بها مسؤول رفيع المستوى في الوزارة.

وأوضح المسؤول، الذي تحدث إلى صحفيين، مشترطًا عدم ذكر اسمه، أن الإدارة الحالية للرئيس دونالد ترامب قررت كسر تقليد طويل من التراخي تجاه "حلفاء واشنطن"، مشيرًا إلى أن التقرير سيشمل تقييمات صريحة لحالات "الرقابة والتهميش" التي تطول أصواتًا سياسية ودينية داخل بعض البلدان الأوروبية، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الخميس.

وأكّد المسؤول أنّ تقرير هذا العام يشهد "إعادة هيكلة شاملة" ليكون أوضح من سابقيه، لافتًا إلى أن التأخر في نشره -رغم أن العادة جرت أن يصدر خلال فصل الربيع- يعود إلى هذه المراجعة الجذرية. 

وأضاف أن الإدارة الجديدة تسعى إلى تجاوز سياسات الإدارة الديمقراطية السابقة التي، بحسب تعبيره، لم تُولِ حرية التعبير في الدول الصديقة الاهتمام الكافي.

وأشار إلى أن التركيز سيطول السياسات الأوروبية المتعلقة بما وصفه بـ"الرقابة الفكرية"، ملمّحًا إلى ممارسات حكومية تُقصي تيارات معينة تحت شعارات مكافحة الكراهية أو حماية الأمن القومي.

مواقف داعمة لليمين الأوروبي

استندت الخارجية الأمريكية في جزء من توجهها الجديد إلى مواقف سابقة أدلى بها نائب الرئيس، جيه. دي. فانس الذي كان قد صرّح خلال مؤتمر الأمن في ميونيخ، في فبراير الماضي، بأن حرية التعبير في أوروبا "تشهد انحدارًا مقلقًا"، مشيرًا تحديدًا إلى ألمانيا، حيث هاجم القوانين التي تُقيد بعض الخطابات السياسية، حتى لو كانت مثيرة للجدل.

وأثار فانس، حينها، موجة استياء واسعة داخل الأوساط السياسية الأوروبية، بعد أن بدا متعاطفًا مع مواقف حزب "البديل من أجل ألمانيا"، وهو حزب صنّفته الاستخبارات الداخلية الألمانية أخيرًا ضمن قائمة "التيارات اليمينية المتطرفة".

وقال المسؤول في الخارجية إن الإدارة الحالية "لن تتوانى عن خوض حوارات صعبة مع حلفائها"، معتبرًا أن سياسات تكميم الأفواه لا تقل خطرًا عن الانتهاكات المرتكبة في دول غير ديمقراطية.

تسييس التقارير الحقوقية

أثار هذا التوجه الجديد مخاوف لدى عدد من النواب الديمقراطيين داخل الكونغرس الأمريكي، الذين أعربوا عن خشيتهم أن يتحول التقرير إلى أداة سياسية تعكس أجندات الإدارة الجمهورية الحالية، بدل أن يُشكّل مرجعًا محايدًا لتقييم الحقوق والحريات.

وانتقد السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين في بيان رسمي ما وصفه بـ"تسييس" التقارير الحقوقية السنوية، محذرًا من أن ذلك "يُضعف مصداقية وزارة الخارجية الأمريكية، ويقوض الهدف الأساسي لهذه الوثائق، التي طالما اعتُبرت مرآة عالمية لواقع الحريات".

وأضاف فان هولين: "إذا تم استخدام هذه التقارير لخدمة مصالح ضيقة أو لتبرير مواقف أيديولوجية، فإن ذلك سيضر بالجهود الدولية لحماية حقوق الإنسان، ويقلص من دور أمريكا كونها مدافعة عن الحريات العالمية".

مخاوف من التراجع الحقوقي

منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، لم يُخفِ الرئيس ترامب رغبته في تفكيك السياسات الليبرالية التي انتهجها سلفه بايدن، لا سيما في ما يتعلق بدعم قضايا التنوع العرقي والجندري، والبرامج التي تُعنى بحقوق الأقليات.

ويخشى نشطاء ومنظمات حقوقية أن يتحول تقرير حقوق الإنسان إلى أداة لتمرير توجهات "محافظة" تُعادي خطاب التعددية، أو تُبرر دعم التيارات الشعبوية في الداخل الأمريكي أو خارجه.

ويرى مراقبون أن استهداف أوروبا، للمرة الأولى بهذا الشكل المباشر، يندرج ضمن سياق أوسع من التوتر السياسي بين واشنطن وعدد من عواصم الاتحاد الأوروبي، خاصة في ملفات الهجرة، والرقابة على وسائل التواصل، وقوانين "مكافحة المعلومات المضللة".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية