اغتيال أنس الشريف.. حين يتحول الصحفي إلى هدف عسكري
اغتيال أنس الشريف.. حين يتحول الصحفي إلى هدف عسكري
في ليلة ثقيلة على الصحافة الفلسطينية، اغتالت طائرات الجيش الإسرائيلي الصحفي أنس الشريف، إلى جانب زميله محمد قريقع، في قصف استهدف خيمة للصحفيين قرب مستشفى الشفاء بمدينة غزة، ما أسفر أيضًا عن مقتل 5 إعلاميين آخرين وإصابة 3 بجروح متفاوتة.
الحادثة، التي وقعت مساء الأحد، لم تكن مفاجئة لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، التي قالت في بيان، اليوم الاثنين، إن المجتمع الدولي تجاهل تحذيراتها المتكررة بشأن الخطر الذي يواجهه الشريف، بعد حملات تحريض علنية من الجيش الإسرائيلي ضده.
ووصفت المنظمة العملية بأنها جزء من "استراتيجية تعتيم إعلامي" تهدف لطمس الحقائق والتغطية على الجرائم المرتكبة في غزة منذ 21 شهرًا.
مراسلة حتى اللحظة الأخيرة
قبل أيام من اغتياله، ظهر أنس الشريف في مقطع مصور مع ابنته شام، يسألها إن كانت ترغب في مغادرة غزة، فتجيبه الطفلة بثبات: "لا، بضلني في غزة"، كان المقطع شهادة حيّة على تمسكه بالبقاء وسط شعبه، رغم معرفته بأنه على قائمة الاستهداف الإسرائيلي.
في الأشهر الأخيرة، تعرّض الشريف لحملة واسعة من التحريض الإعلامي والسياسي من إسرائيل، التي وصفته في بياناتها بأنه "إرهابي متنكر في زي صحفي"، مدعية أنه قيادي في حركة حماس.
هذه الاتهامات، التي لم يقدم الجيش الإسرائيلي أي دليل عليها، اعتبرها الشريف بنفسه محاولة لإسكات صوته، مؤكدًا في بيان عبر منصة "إكس" أنه لا ينتمي لأي فصيل سياسي، وأن مهمته الوحيدة هي "نقل الحقيقة كما هي على الأرض".
استهداف الصحفيين.. سياسة ممنهجة
اغتيال أنس الشريف ليس حادثًا معزولًا، بل يأتي ضمن سلسلة طويلة من استهداف الصحفيين في قطاع غزة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023.
ووثقت منظمات حقوقية دولية، بينها لجنة حماية الصحفيين، عشرات حالات القتل والإصابة بين الإعلاميين، مؤكدة أن إسرائيل تتعمد منع التغطية المستقلة للأحداث على الأرض.
وشددت منظمة "مراسلون بلا حدود" على أن الهجوم يعكس تجاهل إسرائيل الصارخ للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر استهداف الصحفيين باعتبارهم مدنيين.
وطالبت بفتح تحقيق دولي مستقل في جريمة اغتيال الشريف وزملائه، ومحاسبة المسؤولين عنها.
الصوت الذي حاولوا إسكاته
أنس الشريف، الذي وثّق صور العدوان والحصار والمجاعة في غزة، كان شاهدًا على واحدة من أعنف الحملات العسكرية ضد القطاع منذ عقود.
عدسته التقطت مشاهد الجوع، والنزوح، ودمار الأحياء السكنية، في وقت كانت فيه إسرائيل تمنع دخول مئات الشاحنات المحملة بالغذاء والدواء، ما فاقم الأزمة الإنسانية.
"قول الحقيقة في وقت تعاني فيه غزة من مجاعة قاتلة، أصبح بنظر الاحتلال تهديدًا"، قالها الشريف قبل اغتياله بأسابيع، وكأنه كان يكتب epitaph لرحلته الصحفية التي انتهت بصاروخ.