اليوم الدولي للشباب 2025.. نصف سكان العالم يرسمون الطريق نحو أهداف التنمية المستدامة
يحتفل به 12 أغسطس من كل عام
في الثاني عشر من أغسطس كل عام، تتوقف الأمم المتحدة لحظة لتسلط الضوء على شريحة عمرية ليست فقط نصف الحاضر، بل كامل المستقبل: الشباب، هذا العام سيكون الموعد في نيروبي_كينيا، حيث سيتلاقى الحلم بالطموح، ويتحاور الأمل مع الخبرة، تحت شعار "العمل الشبابي المحلي من أجل أهداف التنمية المستدامة وما بعدها".
ولا يأتي هذا الشعار من فراغ، فالعالم يعيش السنوات الخمس الأخيرة قبل الموعد النهائي لأجندة 2030، والسباق نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب أكثر من خطط على الورق، يحتاج إلى عقول شابة، وأيادٍ تعمل على الأرض، ومشاريع تبدأ من الحيّ الصغير وتكبر حتى تُحدث أثرًا عالميًا.
نشأة اليوم
لم يكن اليوم الدولي للشباب يومًا ترفيهيًا أو مناسبة احتفالية عابرة، وُلد هذا اليوم بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1999، استنادًا إلى توصيات المؤتمر العالمي لوزراء الشباب في لشبونة، ليُحتفل به لأول مرة في 12 أغسطس 2000، كانت الفكرة واضحة منذ البداية: توفير منصة عالمية للاعتراف بدور الشباب، وتوجيه الأنظار إلى التحديات التي يواجهونها، والفرص التي يملكونها.
وعلى مدار ربع قرن، تحوّل هذا اليوم إلى منبر عالمي، تتلاقى فيه أصوات الشباب من كل القارات، وتُطرح فيه القضايا التي تمس حياتهم مباشرة، من التعليم والعمل، إلى الصحة والمناخ والمشاركة السياسية.
لماذا "المحلي" الآن؟
يرتبط أكثر من 65٪ من أهداف التنمية المستدامة بالحوكمة المحلية، هذه النسبة وحدها تكشف أن الحلول الحقيقية لا تُصاغ فقط في المؤتمرات الدولية، بل تُبنى في القرى والأحياء، حيث يعرف الشباب احتياجات مجتمعاتهم بعمق، ويملكون القدرة على تحويلها إلى مبادرات عملية.
والحكومات المحلية والإقليمية هي نقطة الارتكاز في هذه المعادلة، فهي الأقرب إلى الناس، والأقدر على توفير مساحات للشباب للمشاركة في صنع القرار، وتخصيص الموارد لمشاريعهم، ودمج أولوياتهم في الاستراتيجيات التنموية، وعندما يتم هذا الدمج، تتحول الأفكار إلى حلول، والحلول إلى سياسات، والسياسات إلى واقع ملموس.
ويحمل عام 2025 ذكرى رمزية مهمة: الذكرى الثلاثين لبرنامج العمل العالمي للشباب، هذا البرنامج، الذي أقرته الأمم المتحدة في منتصف التسعينيات، كان بمثابة إعلان اعتراف بالشباب؛ أنهم ركيزة أساسية للتنمية المستدامة.
وقد وضع البرنامج خارطة طريق تشمل 15 مجالًا ذا أولوية، من التعليم والتوظيف إلى الصحة والمشاركة المدنية، بهدف تمكين الشباب من أن يكونوا شركاء كاملين في التنمية، لا مجرد مستفيدين منها.
ويعكس شعار هذا العام جوهر البرنامج: مشاركة شبابية حقيقية، وحوكمة تشاركية، وتنمية تبدأ من القاعدة وصولًا إلى القمة.
الاحتفال الرسمي في نيروبي
يُقام الاحتفال العالمي الرسمي لهذا العام في نيروبي_كينيا، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل)، وقد جاء اختيار نيروبي ليس صدفة، فالمدينة أصبحت مركزًا إقليميًا للحوار التنموي الإفريقي، ومقرًا للعديد من وكالات الأمم المتحدة التي تعمل على قضايا التنمية الحضرية وتمكين المجتمعات.
وسيجمع الحدث قادة الشباب، ومسؤولي البلديات، وصانعي السياسات، وممثلي الأمم المتحدة، وخبراء التنمية، لمناقشة كيفية تعزيز مشاركة الشباب في التنمية المحلية، وسيكون التركيز على تبادل الخبرات وعرض نماذج واقعية لمشاريع محلية نفذها الشباب وأسهمت في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ومرّ الطريق نحو يوم الشباب هذا العام عبر محطة مهمة: منتدى الشباب للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي انعقد بين 15 و17 أبريل 2025، المنتدى جمع قادة شبان من مختلف أنحاء العالم، وفتح لهم المجال لعرض ابتكاراتهم وحلولهم أمام ممثلي الدول الأعضاء ووكالات الأمم المتحدة.
كانت النقاشات صريحة: كيف يمكن تسريع التقدم نحو أهداف 2030؟ ما الذي تحتاجه المجتمعات الشابة لمواجهة التغير المناخي، أو الأزمات الاقتصادية، أو الفجوات التعليمية؟ والأهم: كيف يمكن للشباب أن يكونوا في موقع القيادة، لا المتابعة؟
أرقام تكشف التحدي والفرصة
تضع الأمم المتحدة أمامنا لوحة إحصائية لواقع الشباب اليوم:
- نصف سكان العالم دون سن الثلاثين، وسترتفع النسبة إلى 57٪ بحلول 2030.
- 67% من الناس يؤمنون بمستقبل أفضل، مع تفاؤل أكبر بين الشباب من 15 إلى 17 عامًا.
- بحلول 2050، سيكون أكثر من 90٪ من القوى العاملة من جيل اليوم دون الخامسة والعشرين.
- معدل البطالة بين الشباب بلغ 13٪ عام 2023 — وهو الأدنى منذ 15 عامًا، لكنه ما زال يعني ملايين بلا عمل.
-تمثل الصحة النفسية تحديًا كبيرًا: واحد من كل سبعة مراهقين يعاني من اضطراب نفسي.
- الفجوة التعليمية صارخة: ستة من كل عشرة أطفال في سن العاشرة بالبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل لا يستطيعون قراءة فقرة بسيطة وفهمها.
هذه الأرقام ليست مجرد بيانات، بل هي جرس إنذار وصوت فرصة في الوقت نفسه. فهي تقول إن الشباب هم الأغلبية، لكن الأغلبية وحدها لا تكفي ما لم تتوفر السياسات التي تفتح أمامهم الأبواب.
رسالة عام 2025
مع بقاء أقل من خمس سنوات على الموعد النهائي لأجندة 2030، يدعو اليوم الدولي للشباب هذا العام إلى استثمارات حقيقية في البرامج والسياسات التي تعزز العمل الشبابي المحلي.
وتعد الفكرة واضحة، الأهداف العالمية تتحقق على الأرض، في الشارع، في المدرسة، في الجمعية المحلية، حيث يلتقي الإبداع بالاحتياجات الحقيقية.
وإذا أردنا أن نصل إلى عالم أكثر عدالة واستدامة، يجب أن نبدأ من الحي، من القرية، من المدينة الصغيرة، وأن نمنح الشباب الموارد والصوت والمساحة التي يستحقونها.