بعد 11 عاماً على مجزرة شنكال.. أيزيديون يشيّعون رفات 22 ضحية ويطالبون بالعدالة
بعد 11 عاماً على مجزرة شنكال.. أيزيديون يشيّعون رفات 22 ضحية ويطالبون بالعدالة
في الثالث من أغسطس عام 2014، اهتز العالم على وقع واحدة من أبشع الجرائم في العصر الحديث، عندما اجتاح تنظيم داعش مدينة شنكال شمال العراق، وارتكب مجزرة دموية بحق المجتمع الأيزيدي، قتل خلالها الآلاف، واختطف المئات، وسبى النساء والفتيات، ووزعهن في أسواق النخاسة، في مشهد صادم أعاد للأذهان أسوأ فصول العبودية.
اليوم، وبعد أكثر من عقد على تلك الفاجعة، شيّع الأيزيديون في مراسم مهيبة بقرية صولاخ، رفات 22 شخصًا تم التعرف عليهم عبر تحاليل الحمض النووي، بعدما بقيت جثامينهم محتجزة في دائرة الطب العدلي ببغداد 11 عاماً، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الأربعاء.
حضر المراسم ممثلون عن المجلس الروحاني الأيزيدي، ومسؤولون سياسيون وعسكريون، إلى جانب منظمة نساء الأيزيديات (TAJÊ) وعشرات العائلات التي حملت صور أحبائها وورودًا بيضاء.
خيم الصمت على المكان، وتخللته كلمات مؤثرة استحضرت مشاهد الهجوم الوحشي، وذكّرت بآلاف المفقودين الذين ما زال مصيرهم مجهولًا، وبمئات المقابر الجماعية التي لم تُفتح بعد.
ألم لا يندمل
شيرين شيخو، التي تسلّمت رفات أقاربها، قالت: "جئنا من تل عزير إلى قرية كوجو لنستلم الجثامين التي كانت في بغداد منذ عام لإجراء فحص الحمض النووي. مطلبنا واضح: فتح كل المقابر الجماعية وتسليمنا ما تبقى من رفات أحبائنا. نريد حياة آمنة خالية من الإبادة، ويجب أن تتوقف هذه المجازر".
أما شيران خلف، التي استلمت رفات اثنين من أفراد عائلتها، فقد وصفت المشهد بأنه "يوم يعيد الألم من جديد"، قائلة: "نحن الأيزيديون جسد واحد، وما يصيب فرداً يصيب المجتمع بأكمله. كل مرة نتسلم فيها رفاتاً جديدة، نشعر وكأننا نعيش يوم المجزرة مرة أخرى. عيوننا لا تفارق طريق أحبائنا، وصبرنا لا ينفد مهما طال الانتظار".
رغم الخطوة الإنسانية التي مثّلها تسليم الجثامين، يؤكد أهالي الضحايا أن الملف لم يُغلق بعد، وأن مئات المقابر الجماعية لا تزال مغلقة تحت إشراف الحكومة العراقية.
منظمات حقوقية محلية ودولية تطالب منذ سنوات بضرورة الإسراع في فتح هذه المقابر، وتوثيق الجرائم، وإحالة المسؤولين عنها إلى العدالة، باعتبار ما حدث "إبادة جماعية" وفق القانون الدولي.
جرح مفتوح ومطالبات بالعدالة
بالنسبة للأيزيديين، لا تمثل هذه المراسم مجرد دفن لرفات الضحايا، بل هي مواجهة متجددة مع ذاكرة الألم، ورسالة للمجتمع الدولي بأن الجرح لم يلتئم، وأن العدالة لم تتحقق بالكامل.
وبينما تتكرر مشاهد تسليم الجثامين عاماً بعد عام، يظل السؤال الأبرز في شنكال: كم من الوقت سيستغرق قبل أن تُفتح جميع المقابر، ويعود آخر مفقود إلى أهله، ولو محمولاً على الأكتاف؟