تجاوزات داخل مرافق شرطة الحدود.. تقرير فرنسي يدق ناقوس الخطر بشأن معاملة المهاجرين

تجاوزات داخل مرافق شرطة الحدود.. تقرير فرنسي يدق ناقوس الخطر بشأن معاملة المهاجرين
مهاجرون محتجزون في أحد مراكز الاحتجاز بفرنسا

كشف تقرير رسمي فرنسي عن وجود تجاوزات جسيمة في التعامل مع المهاجرين داخل مرافق شرطة الحدود في منطقة "مونتجينيفر" الواقعة في جبال الألب العليا بين فرنسا وإيطاليا، حيث وصف المفتشون الظروف هناك بأنها "مهينة من جميع النواحي".

وصدر التقرير عن "المراقبة العامة لأماكن الحرمان من الحرية"، وهي هيئة إدارية مستقلة تعنى بتفقد أماكن الاحتجاز في فرنسا، عقب زيارة ميدانية أجريت في مايو 2025 وبحسب ما أورده "مهاجر نيوز" نُشر التقرير الخميس في الجريدة الرسمية، مسلطاً الضوء على أوضاع "غير إنسانية" يعيشها المهاجرون المحتجزون مؤقتاً للتحقق من هوياتهم أو أوضاعهم الإدارية.

قمامة ومراتب متسخة

رصد المفتشون خلال زيارتهم امتلاء صناديق القمامة، ووجود مراتب ووسائد ملوثة بالغبار والأوساخ، إضافة إلى مراحيض تصدر منها روائح كريهة، كما أشار التقرير إلى أن المباني غير مناسبة لفصل الشتاء القارس في منطقة جبلية ترتفع نحو 1800 متر عن سطح البحر، وأن عمليات التنظيف لا تُجرى إلا عندما تكون المرافق خالية، وهو أمر نادر.

نقص الموظفين وغياب الإشراف

أظهر التقرير أيضاً نقصاً حاداً في الكوادر، خصوصاً ضباط الشرطة القضائية، ما يؤدي إلى ضعف الإشراف على سير الإجراءات القانونية، وأوصى بأن يتلقى الضباط تعليمات واضحة من رؤسائهم بشأن كيفية التعامل مع المهاجرين وطالبي اللجوء بما يضمن احترام حقوقهم.

كما لفت إلى أن فترات الاحتجاز تتجاوز الحدود القانونية، وأن بعض المحتجزين لا يُمنحون حق التواصل مع محام أو مترجم فوري، أو حتى إبلاغهم بحقهم في طلب اللجوء.

التباس قانوني وارتفاع في أعداد المحتجزين

أكد التقرير وجود خلط في التطبيق بين نوعي الاحتجاز: التحقق من الهوية والتحقق من وضع الإقامة، مشيراً إلى أن هذا الالتباس يخلق ثغرات قانونية تُستغل أحياناً لتوسيع نطاق الاحتجاز.

وخلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، تم توقيف 1359 شخصاً في "مونتجينيفر"، فيما ارتفع العدد إلى 5764 شخصاً منذ بداية العام حتى نوفمبر، مقارنة بـ4579 خلال عام 2024 بأكمله، وغالبية المحتجزين من أصول إريترية وإثيوبية وسودانية، عبروا البحر المتوسط ثم إيطاليا سيراً على الأقدام قبل الوصول إلى الحدود الفرنسية.

رد السلطات المحلية

من جانبها، أكدت محافظة الألب العليا أن الملاحظات الواردة في التقرير "أُخذت بأقصى درجات العناية"، مشيرة إلى أن فرقها "تعمل في إطار القانون وتلتزم بضمان ظروف كريمة وآمنة لجميع المهاجرين المحتجزين".

وأوضحت المحافظة أن معظم توصيات الهيئة المستقلة "نُفذت بالفعل أو قيد التنفيذ"، بما في ذلك إنشاء خمس مساحات منفصلة للنساء والرجال والقاصرين، وتنظيف المرافق يومياً، وتوفير الوجبات والمستلزمات الصحية والبطانيات بشكل منتظم.

تُعدّ "المراقبة العامة لأماكن الحرمان من الحرية" (CGLPL) هيئة مستقلة أُنشئت عام 2007، وتُعنى بمراقبة السجون ومراكز الاحتجاز ومرافق الشرطة والمستشفيات النفسية في فرنسا، بهدف ضمان احترام الكرامة الإنسانية للمحتجزين.

وتأتي نتائج هذا التقرير بعد سنوات من التحذيرات التي وجهتها منظمات حقوقية فرنسية ودولية حول سوء معاملة المهاجرين في مناطق الحدود الجنوبية، حيث تعبر آلاف الأسر من إفريقيا والشرق الأوسط أملاً في اللجوء إلى أوروبا عبر فرنسا.

ويعيد هذا التقرير فتح النقاش حول التوازن بين متطلبات الأمن وحماية الحدود من جهة، وضمان احترام الكرامة الإنسانية وحقوق طالبي اللجوء من جهة أخرى، في وقت تشهد فيه أوروبا تصاعداً في الخطابات المناهضة للهجرة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية