في زوايا السجون الروسية.. ماريا بونومارينكو صحفية تكتب أنينها بصمت

في زوايا السجون الروسية.. ماريا بونومارينكو صحفية تكتب أنينها بصمت
الصحفية الروسية ماريا بونومارينكو

في الزنزانة الفارغة، حيث يغلف الصمت القاتم أركانها، تقبع صحفية روسية شجاعة في منتصف العمر، أُدينت فقط لأنها تذكّرت إنسانيتها، ورفضت أن تسكت عندما رأت المدنيين يموتون. 

هذه هي ماريا بونومارينكو، الصحفية الروسية المستقلة التي حكم عليها بالسجن لمدة 6 سنوات بسبب منشور على منصات التواصل الاجتماعي أدانت فيه قصف الروسيين مسرحاً مكتظاً بالنازحين في ماريوبول، وما إن تجرأت على قول الحقيقة، حتى وجدت نفسها تُحاكَم وتُسجَن في نظام لا يحتمل صوت الضمير، بحسب ما ذكرت وكالة “فرانس برس”، اليوم السبت.

أعمق من مجرد كلمة

بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش، جاءت تهمتها ضمن تشريع روسي جديد يجرّم معلومات يعدّها النظام "مضللة" أو "ضارة" بالجيش، ما جعل حرية التعبير جريمة. 

في فبراير 2023، حُكم عليها بست سنوات في مستعمرة سجنية نائية في سيبيريا، بعيداً عن عائلتها ومدى قضائها الخلفي. 

في سجن IK-6 بـShipunovo، واجهت ماريا ظروفاً غير إنسانية: حجزها في زنازين انفرادية (SHIZO)، حرمانها من الرعاية الطبية، عزلها وعقابها بنقلها لأجنحة انضباطية عدة مرات، دون سبب واضح. 

ومنذ أواخر 2023، فتحت السلطات ضدها قضية جديدة، بتهمة "مهاجمة حراس السجن"، تهمة تنفيها تماماً، ويُنظر إليها ذريعة لإبقائها عاجزة وساكنة. 

حالة نفسية منهارة

جسدها يتهالك بصمت.. عدة محاولات انتحار وسلوكيات احتجاجية بلا طعام هي صرخات صامتة تعبّر عن الألم، على مدار شهر من نهاية يوليو حتى بداية أغسطس، حاولت الانتحار ثلاث مرات وفقدت كميات كبيرة من الدم وفق محاميها. 

هيومن رايتس وصفت معاناتها بالصادمة وناشدت الجهات الروسية أن تضمن لها الوصول إلى رعاية طبية نفسية مستقلة، وأن تُفرَج عنها فوراً. 

رسائلها النادرة التي تصل للعالم الخارجي بالكاد تحمل صوتاً مكسوراً، عن ظلم لا يوصف. في إحدى رسائلها: "لم أشهد قط هذا القدر من العنف كما رأيت في نظام السجون".

في احتجاج علني خلال جلسة محاكمة، قالت لو اعترفت بخطأ -لم أرتكبه- لكنت نلت العفو.. لكنني لم أرتكب جريمة. 

خاتمة تضج بالألم والأمل

الصحفية ماريا بونومارينكو اليوم ليست مجرد ضحية؛ بل رمز لصحفية رفضت أن تخشى قول الحقيقة، وقدمت إنسانيتها على كل المشاعر الأخرى. 

وسُطر الحكمٌ بحبسها في قانون يُسكت الأصوات، وسجن يطرّز الألم بصمت، لكنها صامدة رغم الجرح، فهي تقاتل بالكلمة الممنوعة، حتى في أقسى الأماكن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية