جدل في إيران حول الحجاب الإجباري وسط أزمة معيشية خانقة

أشعل تصريح مثير للجدل أدلى به والي محافظة مازندران في شمال إيران، موجة من الانتقادات الحادة في الأوساط البرلمانية والإعلامية، بعدما اعتبر أن معيشة الناس أولى من قضية الحجاب. 

جاء ذلك خلال كلمته في مراسم يوم الصحفي بمدينة نوشهر، حيث قال: "طالما أن الناس جائعون، لا أؤمن بالعفاف والحجاب. نحن مسؤولون عن معيشة واقتصاد الناس"، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم السبت.

وأثار انتشار مقطع الفيديو ردود فعل غاضبة من بعض أعضاء البرلمان، فقد هاجمه مجتبى زارعي، نائب طهران، على منصة "إكس" قائلاً: "أخطأت حين أصبحت والياً لمحافظة تضم 14 ألف شهيد، لو كنت بواباً في مبنى المحافظة لما سمحت لك بدخولها".

كما هاجمه منان رئيسي، نائب مدينة قم، متهماً إياه بإنكار "حكم شرعي قطعي"، وساخراً من فشل الحكومة في تحسين المعيشة، قائلاً: "حتى هذا العمل الوحيد لم تستطيعوا إنجازه، بل جعلتم الوضع أسوأ منذ الثورة".

توضيح وتراجع نسبي

سارع الوالي إلى توضيح موقفه، قائلاً إن قصده كان مشروع قانون العفة والحجاب، لا الحجاب بحد ذاته، مؤكداً أن أولويات الشارع الإيراني تتمثل في "التضخم والمعيشة"، لكنه لم ينجُ من الانتقادات، خاصة في ظل المناخ السياسي المشحون.

جاء هذا الجدل بعد أسابيع من تصريح مسؤول آخر، نائب وزير التراث الثقافي، الذي قال ردًا على انتقادات عدم التزام بعض السائحات بالحجاب: "السائح يأتي بلا غطاء رأس؛ فليكن! وهل في طهران أحد يضع غطاء رأس؟".

تكشف هذه التصريحات الانقسام داخل أجهزة الحكم بين تيارات متشددة ترى ضرورة تشديد إجراءات الحجاب الإجباري، وأخرى تشير إلى الأزمة المعيشية أولوية. 

ويتزامن ذلك مع اتساع مقاومة النساء للإلزام رغم زيادة أعداد من تصفهم السلطات بـ"الآمرين بالمعروف".

حقوق المرأة ومعيشة المواطن

يأتي الجدل وسط ضغوط اقتصادية متزايدة، وارتفاع معدلات التضخم، وسخط شعبي متصاعد، ما يضع الحكومة أمام معضلة سياسية واجتماعية مزدوجة.. كيف تفرض مزيداً من القيود الاجتماعية في حين تعجز عن تحسين الوضع المعيشي؟

ويعكس المشهد الحالي فجوة متنامية بين شرائح في السلطة حول أولويات الحكم، ويشير إلى أن ملف الحجاب الإجباري أصبح ليس فقط قضية اجتماعية، بل أيضًا مؤشر على عمق الأزمة السياسية والاقتصادية في إيران.