فرقة سودانية تحارب التهميش بالموسيقى (صور)
فرقة سودانية تحارب التهميش بالموسيقى (صور)
بالعزف الموسيقي ينقل نور الدين جابر، مع فرقته، صوت شعوب شرق السودان المهمشة للعالم من خلال فنه، سعيا للتغيير نحو الأفضل.
آلته الفريدة المكونة من نصف غيتار ونصف دف، ليعزف مع فرقته ألحان وإيقاعات شعوب شرق السودان المهمشة التي يريد أن ينقل صوتها للعالم من خلال موسيقاه، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
وكل تدريب بالنسبة لجابر البالغ من العمر 47 عاما هو بمثابة حلم يتحقق مع فرقته المكونة من عازفي غيتار وساكسفون وعازفي إيقاع بالدف والطبلة.
ويقول جابر المعروف بـ"نوري" وسط أفراد فرقة دروبا التي تعني بلغة البجا المحلية "فرقة الجبال"، "أبناء البجا مهمشون يالسودان ويسعون لعمل أي شيء من أجل تغيير وضعهم".
وأضاف أن "الموسيقى لها دور بارز في تقوية وتعزيز وتسليط الضوء على قضيتهم، ونحن نسعى إلى إيصال صوتهم عن طريق الموسيقى".
وتعيش مجموعات من البجا حياة بدوية في جبال البحر الأحمر في شرق السودان، يمتهنون حرفة الرعي كما أن لهم امتدادات في كل من مصر وإريتريا.
وعانوا تمييزا وحرمانا من حكومات السودان المتعاقبة خصوصا إبان حكم عمر البشير الذي استمر 3 عقود قبل الإطاحة به في العام 2019 بعد احتجاجات شعبية استمرت أشهرا عدة، وذلك على الرغم من أنهم يقطنون منطقة غنية بالموارد، فموانئ البحر الأحمر هي الرئة الاقتصادية للسودان التي تمر عبرها كل تجارة السودان تصديرا واستيرادا، كما أنها المنفذ الذي يتم من خلاله تصدير نفط جنوب السودان إلى الخارج.
ويتحدر جابر من قبيلة بجاوية في مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر التي يستلهم موسيقاه من ألحانها التراثية التي تعزف تقليديا على الدفوف والطبول، وبعد تشكيل فرقته في عام 2006، أدخل آلات جديدة وتوزيعا موسيقيا جديدا لتحديث ألحان البجا.
ثقافة مغيبة
يقود نور الدين جابر أثناء التدريب، الفرقة وهو يعزف على آلة مهجنة صنعها بنفسه من دفّ خاص بوالده وعنق غيتار كهربائي.
وينتمي أفراد فرقته إلى مجموعات إثنية من مناطق مختلفة في السودان متعدد الأعراق، يقول بعضهم إن التعرف إلى موسيقى البجا وثقافتهم المغيبة استغرق منهم سنوات.
وقال عازف الطبول محمد عبدالعظيم "ظلت ثقافة المركز العربي هي المهيمنة والقبائل الأخرى مغيبة، ونحن نحاول إظهار تنوعنا".
وأشار جابر إلى أن موسيقيي البجا جابهوا قيودا على مدى عقود، ويروي "اعتدنا على إيقاف عروضنا بذريعة عدم وجود تصاريح عكس عروض الموسيقى العربية".
بالنسبة لعازف الباص غيتار عبدالحليم آدم الذي تعود جذوره إلى قبيلة الفولاني في دارفور، الانتماء إلى الفرقة حالة عاطفية خاصة.
ويعيش إقليم دارفور منذ العام 2003 في حالة اضطراب بعد أن حملت مجموعات تنتمي إلى أقليات إفريقية السلاح ضد حكومة البشير والميليشيات العربية الموالية لها، وقتل جراء النزاع قرابة 300 ألف شخص وتهجّر ما يزيد على 2ـ5 مليون من أبناء دارفور من منازلهم، وفق الأمم المتحدة.
وقال آدم "البجا ناضلوا مثلما فعلت قبائلنا في شمال دارفور وهم مهمشون".
ويعتبر شرق السودان الأكثر فقرا في بلد هو بدوره بين أفقر دول العالم.
شكل فعال
وشارك البجا، كما غيرهم من المجموعات العرقية في مناطق مختلفة في السودان، في الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالبشير.
خلال الفترة الانتقالية التي تقاسم خلالها قادة الاحتجاج المدنيون السلطة مع العسكر الذي أطاحوا بالبشير تحت ضغط شعبي، أغلقت قبائل البجا شرق السودان لأسابيع احتجاجا على توقيع الحكومة اتفاقا سياسيا عام 2020 مع مجموعة قالوا إنها "لا تمثلهم".
بعد ذلك بوقت قصير، أطاح رئيس المجلس العسكري الفريق عبدالفتاح البرهان بالمدنيين من السلطة، ولا يزال البجا يطالبون بتوسيع تمثيلهم في حكم البلاد.
أما جابر فيؤمن بأن موسيقاه تعدّ له الطريق للفت أنظار العالم نحو نضال أبناء الإثنية التي ينتمي إليها.
وقال "موسيقى البجا نافذة، هي وسيلة فعالة لانتقال قصتنا وجذب انتباه العالم إلى ما يحدث لأهل البجا".