دييغو غالدينو.. عامل توصيل برازيلي يتحوّل إلى "محارب للنشالين" في لندن
دييغو غالدينو.. عامل توصيل برازيلي يتحوّل إلى "محارب للنشالين" في لندن
في شوارع لندن المزدحمة، حيث يختلط صخب السياح بنبض المدينة، يبرز رجل واحد بكاميرته المثبّتة على صدره وصوته الجهوري وهو يهتف: "احذروا النشالين!".
هذا الرجل ليس شرطياً ولا ناشطاً في منظمة أهلية، بل سائق توصيل برازيلي يُدعى دييغو غالدينو (32 عاماً)، أصبح في غضون أشهر قليلة وجهاً مألوفاً لملايين المتابعين على إنستغرام وتيك توك.
بدأ الأمر بمحض الصدفة.. دييغو، الذي ترك بلده بحثاً عن حياة أفضل في بريطانيا، صادف لصاً يسرق سائحاً، فوثّق المشهد ونشره على الإنترنت.
لم يتوقع أن الفيديو سيحصد ملايين المشاهدات، لكنه اكتشف سريعاً أن الناس لا يريدون فقط مشاهدة الطعام الذي يوصله، بل أيضاً "المطارد" الذي يتحدّى النشالين في وضح النهار.
"لقد تغيرت حياتي كثيراً.. لم أعد مجرد سائق دراجة.. الناس يعرفونني في الشوارع، يوقفونني ليقولوا: استمر بما تفعله"، يقول بابتسامة متواضعة، بينما يضبط كاميرته قبل جولة جديدة.
بين الخوف والحماسة
دييغو، ابن عائلة من رجال الشرطة في البرازيل، يعرف جيداً أن ما يقوم به محفوف بالمخاطر، فقد تعرّض مرات عدة للتهديد والاعتداء، أبرزها حين بصق أحد اللصوص في وجهه أمام الكاميرا، في مقطع شاهده أكثر من 12 مليون شخص، لكنه يؤكد أن الحماسة تتغلب على الخوف.
ويقول: "أنا لا ألاحقهم بدافع الشهرة فقط. أشعر بأنني أقاتل ظلماً يومياً. هؤلاء الناس يستغلون السياح والمارة، وأنا لا أستطيع أن أقف مكتوف اليدين".
بمساعدة نحو عشرين سائق توصيل آخرين يتواصلون معه عبر مجموعة واتساب، يحوّل غالدينو شوارع لندن إلى شبكة رصد غير رسمية.. كل بلاغ جديد عن نشال محتمل يتحوّل إلى "مهمة"، حيث يقترب دييغو صارخاً لتحذير المارة قبل أن يتمكّن اللص من خطفه السريع.
بطل شعبي.. ومادة للجدل
الناس يحبونه. كثيرون يصفقون له أو يطلبون صورة سريعة معه، معتبرين أنه يعيد لهم شيئاً من الطمأنينة في مدينة يُسرق فيها هاتف كل ست دقائق، بحسب شرطة لندن. لكن خبراء الجريمة ينظرون للأمر بحذر.
الدكتورة جنيفر فليتوود، متخصصة في علم الجريمة، تقول: "أنا متأكدة من أنه شاب حسن النية، لكن هذه ليست طريقة فعّالة لمكافحة الجريمة. هي وسيلة لجذب المشاهدين أكثر من كونها حلاً حقيقياً".
بالنسبة للشرطة، فإن مكافحة النشل تبقى مهمة المؤسسات الرسمية، لا الأفراد، ومع ذلك، لم يمنع هذا غالدينو من كسب مكانة "الحارس الشعبي" في المخيلة العامة.
سعيد بما أفعله
ورغم الجدل، لا يفكّر دييغو بالتوقف.. بالنسبة له، التجربة تحوّلت من مغامرة شخصية إلى التزام أخلاقي، يقول: "أنا سعيد جداً بما أفعله الآن.. أعرف أنني لن أغير العالم، لكن إن أنقذت سائحاً واحداً من فقدان هاتفه أو محفظته، فهذا يكفيني".
في مدينة تتعدد فيها الصور بين العراقة والخطر، يظل دييغو غالدينو نموذجاً لشخص عادي وجد نفسه فجأة في قلب قصة استثنائية، يصنعها كل يوم عبر مطاردات صغيرة وصوت مرتفع يردّد: "احذروا النشالين".