عندما يصبح التضامن مع غزة جريمة.. سالي روني كاتبة أيرلندية تتحدى القيود البريطانية
عندما يصبح التضامن مع غزة جريمة.. سالي روني كاتبة أيرلندية تتحدى القيود البريطانية
أعلنت الكاتبة الأيرلندية الشهيرة سالي روني، الحائزة عدة جوائز أدبية، أنها ستخصص عائدات مبيعات كتبها في بريطانيا، إضافة إلى الرسوم التي تتلقاها من هيئة الإذاعة البريطانية مقابل اقتباس أعمالها، لدعم جماعة "فلسطين أكشن".
روني قالت في حديث لصحيفة "آيريش تايمز" يوم الاثنين إن دعمها للجماعة يندرج ضمن التزامها الأخلاقي بمناهضة ما وصفته بالإبادة الجماعية في فلسطين، مضيفة: "إذا كان هذا يجعلني مؤيدة للإرهاب بموجب القانون البريطاني، فليكن".
جاءت خطوة روني بعد أن حظرت الحكومة البريطانية جماعة "فلسطين أكشن" في يوليو الماضي، على خلفية اتهامات بتورطها في أعمال وُصفت بالعنيفة، شملت إلحاق أضرار بطائرات عسكرية في قاعدة بريطانية والاعتداء على عناصر أمن.
وأوضحت رئاسة الوزراء أن تمويل منظمة محظورة يعد جريمة يعاقب عليها قانون مكافحة الإرهاب، وصرح متحدث باسم رئيس الوزراء بأن ثمة فرقاً بين الاحتجاج المشروع على سياسات معينة ودعم منظمة مدرجة على لائحة الإرهاب.
ردود مؤيدين ومعارضين
هيئة الإذاعة البريطانية أكدت أن قرار روني مالي وشخصي ولا علاقة له بسياساتها، بينما دافعت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر عن الحظر، واصفة الجماعة بأنها مسؤولة عن "هجمات عنيفة وأضرار جنائية"، بالإضافة إلى محاولات لتأسيس خلايا نشطة.
لكن منظمات حقوقية بريطانية مثل "الدفاع عن هيئات المحلفين" حذّرت من أن تصريحات وزيرة الداخلية قد تؤثر على سير العدالة، مشيرة إلى أن عشرات الأشخاص سيواجهون المحاكمة لمجرد إعلان تضامنهم مع الجماعة.
سفيرة فلسطين في أيرلندا، الدكتورة جيلان وهبة عبد المجيد، أثنت على موقف روني، مؤكدة أنها "تستخدم صوتها الأدبي لفضح انتهاكات القانون الدولي وحقوق الإنسان في فلسطين"، ومعربة عن أملها في أن تُترجم هذه المواقف إلى ضغوط عملية توقف الانتهاكات وإنهاء الاحتلال.
ويأتي هذا الموقف امتداداً لنهج روني، التي رفضت في عام 2021 السماح بترجمة إحدى رواياتها إلى العبرية من خلال دار نشر إسرائيلية، في خطوة فسرتها آنذاك بأنها جزء من مقاطعتها الثقافية لإسرائيل.
تضييق على حرية التعبير
إعلان روني أثار جدلاً واسعاً حول حرية التعبير في بريطانيا، حيث يرى مراقبون أن تصنيف منظمات تضامن مع الفلسطينيين ضمن "الإرهاب" يعكس تضييقاً متصاعداً على المجال الثقافي والفكري، وحذرت الكاتبة الأيرلندية من أن هذه التطورات تهدد الفنانين والكتاب الذين يتعرضون للترهيب بسبب مواقفهم المناهضة للحرب في غزة، مؤكدة أن القيود الحالية تقوّض الحياة الثقافية في المملكة المتحدة.
وُلدت روني عام 1991 في غرب أيرلندا، واشتهرت عالميًا برواياتها التي تُرجمت إلى عشرات اللغات، مثل "أناس عاديون" و"محادثات مع أصدقاء"، واللتين تحوّلتا إلى مسلسلات درامية ناجحة على هيئة الإذاعة البريطانية، تميزت أعمالها بأسلوبها البسيط والعميق في استكشاف العلاقات الإنسانية، لكنها تحولت أيضاً إلى شخصية عامة تحمل رسالة سياسية، جعلت من الأدب منصة للدفاع عن قضايا العدالة والحرية.
تأسست جماعة "فلسطين أكشن" عام 2020 كحركة احتجاجية مباشرة ضد شركات مرتبطة بصناعة السلاح في بريطانيا والمتعاونة مع إسرائيل، نفذت الجماعة عدة عمليات لوقف نشاط مصانع الأسلحة، بما في ذلك اقتحام مقار شركات وإلحاق أضرار بممتلكات، ما دفع السلطات البريطانية إلى اعتبارها تهديداً للأمن العام.
ويأتي حظرها في إطار قوانين مكافحة الإرهاب التي تمنح الحكومة صلاحيات واسعة لتجريم الدعم المادي أو المعنوي لأي كيان محظور، ويثير هذا القرار جدلاً متزايداً في الأوساط الحقوقية البريطانية والدولية، التي ترى أن الخلط بين المقاومة المدنية و"الإرهاب" قد يفتح الباب لتجريم النشاط السياسي السلمي والتعبير الحر.