اعتقال عشرات المتظاهرين في لندن لدعمهم مجموعة "بالستاين أكشن" المحظورة
اعتقال عشرات المتظاهرين في لندن لدعمهم مجموعة "بالستاين أكشن" المحظورة
شنت شرطة العاصمة البريطانية، للسبت الثاني على التوالي، حملة اعتقالات واسعة طالت عشرات المتظاهرين المؤيدين لحركة "بالستاين أكشن"، وذلك بعد أسبوع على إدراج الحكومة البريطانية للمجموعة ضمن الكيانات المحظورة بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.
وأعلنت شرطة لندن، في بيان نشرته عبر منصة "إكس"، أنها أوقفت 41 شخصاً بسبب ما وصفته بـ"إبداء التأييد العلني لمنظمة محظورة"، بالإضافة إلى توقيف شخص آخر على خلفية "الضلوع في اعتداء"، وفق وكالة "فرانس برس".
وأفاد البيان بأن الشرطة "أخلت ساحة البرلمان بالكامل من المحتجين خلال الساعة الماضية"، في إشارة إلى تفريق التجمّع الذي انطلق عند تمثال المهاتما غاندي ظهر السبت.
تظاهرات تتحدى الحظر
تجمّع المتظاهرون تلبية لدعوة من مجموعة "Defend Our Juries"، التي نظّمت احتجاجات متزامنة في عدد من المدن البريطانية رفضاً لما وصفته بـ"القمع الأمني والاستهداف السياسي لنشطاء التضامن مع فلسطين".
وقال متحدث باسم المجموعة لوكالة فرانس برس: "كانت شرطة العاصمة موجودة بكثافة مرة جديدة اليوم، واعتقلت أكثر من 40 شخصاً فقط لأنهم رفعوا لافتات مناهضة للإبادة الجماعية ومؤيدة لحركة بالستاين أكشن"، متسائلاً: "من تعتقد الشرطة أنها تخدم في ذلك؟".
ووصف المتحدث قرار حظر المجموعة بأنه "أورويلي" في إشارة إلى عالم الرقابة القمعية الذي رسمه الروائي البريطاني جورج أورويل، مؤكداً أن ما يحدث "يشكل تهديداً مباشراً لحرية التعبير والاحتجاج السلمي في بريطانيا".
حظر واتهامات بالإرهاب
كانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في نهاية يونيو الماضي عن نيتها حظر مجموعة "بالستاين أكشن" بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2000، على خلفية سلسلة عمليات نفذها نشطاء الحركة استهدفت منشآت صناعية وعسكرية مرتبطة بإنتاج الأسلحة وتصديرها إلى إسرائيل.
وأعقب ذلك، يوم 5 يوليو الجاري، بدء سريان الحظر رسمياً بعد مصادقة البرلمان وردّ القضاء التماسًا قدمته المجموعة للطعن في القرار، وبذلك، أصبح الانتماء إلى "بالستاين أكشن"، أو حتى مجرد تأييدها أو الترويج لها، جريمة جنائية قد تصل عقوبتها إلى 14 عامًا من السجن.
جاء الحظر بعد قيام نشطاء من "بالستاين أكشن" باقتحام قاعدة عسكرية جوية جنوب إنكلترا، حيث قاموا برش طلاء أحمر على طائرتين عسكريتين، وتسببوا بأضرار قدرتها السلطات بـ7 ملايين جنيه إسترليني (9.55 مليون دولار)، وُضع أربعة من النشطاء في الحبس الاحتياطي بانتظار المحاكمة.
ووصفت الحكومة تلك الحادثة بأنها "تمثل خطراً على الأمن القومي"، معتبرة أن تحركات المجموعة خرجت عن نطاق الاحتجاج السلمي وأصبحت تهديداً فعلياً للبنية التحتية العسكرية في البلاد.
تحذيرات مشددة من الشرطة
وقبيل تظاهرة السبت، نشرت شرطة لندن تحذيراً على منصة "إكس" جاء فيه: "الدعوة إلى تأييد أو إبداء التأييد لمنظمة محظورة يعد فعلاً جرمياً، وكما شهدنا في الأسبوع الماضي، فإن من يخرقون القانون سيواجهون الإجراءات القانونية اللازمة".
وكانت الشرطة قد اعتقلت 29 شخصاً الأسبوع الماضي في تظاهرة مشابهة، بينهم كاهن وعدد من العاملين في مجال الرعاية الصحية، وذلك بموجب مواد قانون الإرهاب.
جدل حقوقي واتهامات بالقمع
من جانبها، نددت مجموعة "بالستاين أكشن" بقرار الحظر ووصفت الأمر بأنه "محاولة لتكميم الأفواه وقمع الحركة المناهضة للإبادة الجماعية في غزة".
وأكدت في بيان سابق أن أنشطتها تتسم بـ"اللاعنف"، وتهدف إلى وقف تورط شركات الأسلحة البريطانية في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأضاف البيان أن "تجريم التضامن مع الفلسطينيين يشكل انتهاكاً خطيراً للمبادئ الديمقراطية وحرية التعبير، ويمنح الحكومة البريطانية غطاءً قانونياً لإسكات المعارضة".
ومن جهتها، أعربت منظمات حقوقية بريطانية ودولية، مثل "ليبرتي" و"هيومن رايتس ووتش"، عن قلقها من استخدام قانون مكافحة الإرهاب ضد المتظاهرين السلميين، محذرة من أن ذلك يفتح الباب أمام "ملاحقة سياسية مغلفة بالشرعية القانونية".
حركة "بالستاين أكشن"
تأسست حركة "بالستاين أكشن" عام 2020، وتعرف نفسها على أنها "شبكة مقاومة مباشرة ضد الصمت البريطاني تجاه الجرائم الإسرائيلية"، وقد نفذت عشرات العمليات الرمزية في مقار شركات مرتبطة بإنتاج السلاح، لا سيما شركة "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية التي تمتلك مصانع ومكاتب في أنحاء بريطانيا.
وتعرضت مقرات الشركة في مانشستر ولندن وكنغستون لهجمات بالطلاء الأحمر وسلاسل بشرية، ما تسبب بتوقف العمل في بعض الفروع، وجعل الحركة تحت مجهر السلطات الأمنية البريطانية.
في خضم تصاعد التوترات بين الحكومة والمحتجين، تبدو بريطانيا اليوم على مفترق طرق بين حماية الأمن القومي وضمان حرية التعبير، فبينما تشدد السلطات على ضرورة "الردع"، يرى المنتقدون أن استخدام قوانين الإرهاب ضد متظاهرين يرفعون لافتات سياسية "سابقة خطيرة".
ويثير الحظر تساؤلات حول حدود الممارسة الديمقراطية، وما إذا كانت المواقف الداعمة لفلسطين ستصبح مستقبلاً مهددة بالتجريم والملاحقة القانونية.