"حياة شبه معطلة".. أزمات المياه والكهرباء تفاقم معاناة الإيرانيين
"حياة شبه معطلة".. أزمات المياه والكهرباء تفاقم معاناة الإيرانيين
تواصلت أزمة نقص المياه والكهرباء في مختلف مناطق إيران، حيث أفاد مواطنون في رسائل وشهادات تعطل حياتهم الطبيعية وتدهور أوضاعهم المعيشية، حتى وصل الحال بأحدهم إلى القول: "نحن لا نعيش.. نحن فقط على قيد الحياة".
وشكّلت هذه الشهادات صورة قاتمة عن حجم المعاناة الإنسانية اليومية في ظل غياب الحلول الرسمية وفشل السلطات في احتواء الأزمة، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الأربعاء.
شهدت مدينة برديس الواقعة شرق طهران انقطاعات متكررة للكهرباء وصلت إلى أربع ساعات يوميًا، فيما قال أحد السكان إن انقطاع المياه أصبح أقل من السابق لكنه أشار إلى أن الظلام والحر الشديد يحولان الحياة اليومية إلى معاناة ثقيلة.
وفي إقليم لرستان اشتكى مواطنون من جفاف المياه السطحية بالكامل نتيجة حفر عشوائي لعشرات الآبار، الأمر الذي تسبب في نفوق الحيوانات وخسارة النظم البيئية المحلية.
أما في إقليم جهارمحال وبختياري، فقد أظهرت مقاطع مصوّرة جفاف مستنقع كندمان الذي كان يعد من أهم الموائل الطبيعية للطيور والحياة البرية في إيران، ما يكشف عن الأثر البيئي الكارثي المتفاقم.
تداعيات إنسانية وصحية
روى مواطنون من مختلف الأقاليم كيف أنّ الأزمة طالت كل تفاصيل حياتهم، ففي الصيف يتكرر انقطاع المياه والكهرباء، وفي الشتاء تنقطع إمدادات الغاز، وهو ما دفع أحد الأهالي للقول إن "أزمة نقص المياه سلبت منّا روح البهجة".
أما سائقو الشاحنات فقد أكدوا أن حياتهم العملية تعطلت كليًا بسبب حرمانهم من شراء كميات المياه اللازمة للتخزين أثناء رحلاتهم الطويلة، وقال أحدهم بغضب: "أزمة شحّ المياه أصبحت معضلة صعبة لنا نحن السائقين، لعن الله هذا النظام الخبيث".
ولم تقتصر المعاناة على البيوت والطرقات، بل طالت الأسواق أيضًا، إذ أظهر مقطع فيديو من مدينة جوانرود انقطاع الكهرباء ثلاث مرات في يوم واحد ما أدى إلى تعطيل حركة البيع والشراء وإلحاق خسائر كبيرة بالتجار.
وأفاد مواطنون بأن صحة السكان باتت مهددة بسبب الانقطاعات المتكررة، حيث تعطلت سخانات المياه مع ضعف ضغط الشبكة، وهو ما حرم آلاف العائلات من الاستحمام وأضر بمستوى النظافة العامة.
وقال أحدهم إن حياته اليومية باتت أسيرة جدول غير منتظم للانقطاعات: "نحن مضطرون لإنجاز الأعمال بسرعة قبل انقطاع المياه، وإذا حدث الانقطاع تتعطل كل أعمالنا ونبقى في حالة انتظار بلا جدوى".
تهميش ومعاناة الأقليات
في إقليم سيستان وبلوشستان، تجسدت الأزمة في صورة أكثر مأساوية مع شهادات تكشف حجم الفقر والحرمان المتعمّد، فقد أكد أحد السكان أن المياه لا تصل إلا بين منتصف الليل والثانية أو الرابعة فجرًا، وأنه يضطر لضخها إلى خزان منزله باستخدام مضخة صغيرة.
وأوضح أنه يعيش مع خمسة أطفال بينهم رضيع عمره عام واحد في ظروف قاسية، حيث تنقطع الكهرباء يوميًا بين ساعتين وأربع ساعات، وقد اضطر أبناؤه إلى ترك الدراسة بعد أن سُجن بسبب اعتراضه على ابتزاز أمني في سوق زاهدان، ليخرج بلا مال ولا عمل.
وأضاف أن السلطات صادرت محله التجاري الذي بناه خلال خمسة وعشرين عامًا من العمل، وأنه في الرابعة والأربعين من عمره يحتاج إلى عمليات جراحية لا يستطيع دفع تكاليفها، مؤكدًا أن "البلوشي لا يحصل على قرض ولا مساعدة ولا أي دعم حكومي أو غير حكومي".
وتجلت هذه المعاناة في احتجاجات متفرقة، إذ أظهر مقطع فيديو وصل إلى "إيران إنترناشيونال" تجمع عشرات من سكان مدينة لامرد في إقليم فارس أمام دائرة الكهرباء أمس الثلاثاء، وذلك رفضًا للانقطاعات المتكررة التي شلّت حياتهم اليومية.
وعبّر المحتجون عن غضبهم من غياب أي خطط حكومية لحل الأزمة، معتبرين أن الإهمال المستمر يزيد من تفاقم أوضاع الفقر والحرمان في مختلف الأقاليم.
أزمة ممتدة بلا حلول
كشفت هذه الشهادات والصور الميدانية أن أزمة المياه والكهرباء في إيران لم تعد مجرد خلل تقني بل تحولت إلى تهديد مباشر للحياة الإنسانية والبيئية والصحية، في ظل تقاعس رسمي واضح وغياب أي حلول جذرية.
وبينما تستمر الانقطاعات في المدن والقرى على حد سواء، يتنامى شعور عام بالخذلان وانعدام الثقة في المؤسسات الحكومية، ليجد المواطنون أنفسهم بين العيش على الهامش أو النزول إلى الشارع بحثًا عن أبسط حقوقهم الأساسية.