"بطاريات تحيا من جديد".. ألمانيا تحوّل مخلفات السيارات إلى طاقة للمستقبل

"بطاريات تحيا من جديد".. ألمانيا تحوّل مخلفات السيارات إلى طاقة للمستقبل
ألمانيا - أرشيف

في أحد المستودعات الرحبة بمدينة آخن الألمانية، يتحرك فنيون شباب بين صفوف من البطاريات السوداء الثقيلة، يختبرونها واحدة تلو الأخرى كما لو كانوا يُصغون إلى نبض قلب قديم يبحث عن فرصة ثانية للحياة. 

لم تعد هذه البطاريات تصلح لدفع سيارة كهربائية على الطرقات، لكنها قد تكون قادرة على إضاءة منزل كامل أو الحفاظ على تشغيل شبكة كهرباء بأكملها في ليلة بلا ريح.، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الخميس.

هكذا تبدأ قصة "فولتفانغ"، الشركة الناشئة التي أسسها ثلاثة طلاب هندسة قبل خمس سنوات فقط. اليوم، باتت تحمل على عاتقها مهمة كبيرة: تحويل البطاريات المستعملة إلى مخازن للطاقة المتجددة، في بلد يسابق الزمن للتخلص من الفحم والغاز.

من بقايا السيارات 

داخل مصنعها الجديد، الذي يُوصف بأنه الأكبر في أوروبا، تُجمع البطاريات المُستعملة، تُفحص ويُعاد تأهيلها، قبل أن تُرتب داخل خزائن معدنية ضخمة تشبه ثلاجات عملاقة. 

هناك، تصبح هذه البطاريات قادرة على تخزين الكهرباء القادمة من الألواح الشمسية أو توربينات الرياح، لتكون احتياطياً حين تغيب الشمس ويهدأ الهواء.

من بين الزبائن: سلسلة متاجر "ألدي نورد"، التي ستستخدم هذه التقنية لتخزين الكهرباء من أسطح متاجرها.. "إذا استطعنا ربط البطاريات بالشبكة، فلن نحتاج إلى الفحم"، يقول ديفيد أودسانجي، الشريك المؤسس (29 عاماً)، بابتسامة واثقة تخفي حجم التحديات أمامه.

رهان على المستقبل

ألمانيا تعتمد بالفعل على الطاقات المتجددة لتوليد نحو 60% من كهربائها، والهدف أن يصل الرقم إلى 80% بحلول 2030، لكن انقطاع الكهرباء في الشتاء الماضي أجبر البلاد على استيراد الطاقة النووية من فرنسا والفحم من بولندا، وهو ما أظهر الحاجة الماسّة إلى حلول تخزين مرنة.

هنا يبرز دور "فولتفانغ"، التي تطمح إلى توفير أنظمة تخزين تصل طاقتها إلى 1 غيغاواط/ساعة بحلول 2030، أي ما يكفي لتزويد 300 ألف منزل بالطاقة سنوياً.

المستقبل يبدو واعداً، لكن الطريق مليء بالعقبات: نقص البطاريات المستعملة بسبب حداثة سوق السيارات الكهربائية، تكاليف الفحص وإعادة التأهيل المرتفعة، وهيمنة الصين على صناعة البطاريات الجديدة. 

وكذلك تواجه الشركة تحدياً سياسياً، إذ تخطط الحكومة الألمانية الحالية لبناء عشرات محطات الغاز، ما قد يقلل من الحماس الرسمي نحو مشاريع التخزين.

بين اليأس والأمل

ورغم كل ذلك، تبدو قصة "فولتفانغ" أشبه بمجاز عن التحول الطاقي في ألمانيا نفسه: مسار مليء بالتحديات، لكنه يحمل في طياته إصراراً على إيجاد حلول مبتكرة. 

وتُمنح البطاريات التي كانت في طريقها إلى النسيان اليوم فرصة جديدة لتصبح قلباً نابضاً في شبكة كهرباء أكثر نظافة واستقلالية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية