وسط تحذيرات رسمية.. الأزمة الاقتصادية تدفع الإيرانيين للعزوف عن الإنجاب

وسط تحذيرات رسمية.. الأزمة الاقتصادية تدفع الإيرانيين للعزوف عن الإنجاب
الإنجاب في إيران - أرشيف

اعتبرت الأمين العام للمجلس الوطني للسكان في إيران، مرضیة وحید دستجردي، أنّ الأزمة الاقتصادية تمثّل العامل الأبرز وراء عزوف الأزواج عن الإنجاب، محذّرة من أن الضغوط المعيشية اليومية تدفع الشباب إلى تأجيل أو رفض تكوين أسر جديدة. 

وقالت دستجردي في مقابلة مع وكالة "إرنا" الرسمية، الاثنين: "الناس يقولون إذا تحسّن الوضع الاقتصادي، فسننجب أطفالاً"، مشددة على أنّ العامل الاقتصادي يظل المحرك الأساسي لانخفاض معدلات المواليد، رغم وجود عوامل أخرى مثل الدعم الحكومي أو بنية الأسرة.

وقدّمت المسؤولة الإيرانية مثالاً ملموساً على تلك التحديات، موضحة أنّ أسعار حفاضات الأطفال ارتفعت ثلاث مرات خلال عام 2024 فقط، من نحو 100 ألف تومان إلى أكثر من 300 ألف تومان، وهو عبء ثقيل يقع بشكل خاص على كاهل الأسر ذات الدخل المحدود

وأوضحت أنّ هذا الارتفاع المتسارع في تكاليف الاحتياجات الأساسية للأطفال جعل الكثير من العائلات تتردّد في اتخاذ قرار الإنجاب، معتبرة أنّ هذه الأعباء اليومية تمثل عاملاً مباشراً في انخفاض الرغبة بالإنجاب.

نتائج دراسات وطنية

كشفت دستجردي، استناداً إلى نتائج مسح وطني سابق، أنّ نحو 77% من الأزواج الإيرانيين في سن الإنجاب صرّحوا بعدم رغبتهم في إنجاب أطفال حالياً، وهو مؤشر خطير يعكس حجم الأزمة الاجتماعية. 

ورغم أنّ الحكومة أقرت في عام 2021 قانون "الشباب والسكان ودعم الأسرة" في محاولة لتشجيع الإنجاب، فإنّ هذه الجهود لم تؤتِ ثمارها، خصوصاً في ظل الضغوط الاقتصادية المتواصلة وغياب الاستقرار المعيشي.

وأظهرت بيانات "منظمة الأحوال المدنية" تراجعاً واضحاً في أعداد المواليد، حيث لم يتجاوز عدد الأطفال المسجلين في الأشهر الأربعة الأولى من العام الإيراني (ابتداءً من 21 مارس 2025) نحو 298 ألف مولود، بانخفاض 7% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. 

ويعكس هذا التراجع فشل السياسات الرسمية في وقف الانحدار الديموغرافي رغم الدعوات المتكررة للمرشد الإيراني علي خامنئي لتشجيع الإنجاب.

أزمة الزواج وتداعياتها

واجهت البلاد أيضاً انخفاضاً موازياً في معدلات الزواج، إذ أعلن نائب مدير الشؤون الفنية في جامعة العلوم الطبية بطهران، مهرزاد ناصري، في مايو الماضي، أنّ أكثر من 10 ملايين شاب إيراني ما زالوا عُزّاباً رغم وصولهم إلى سن الزواج. 

وحذّر ناصري من أنّ استمرار هذا الوضع قد يقود إيران إلى ما وصفه بـ "الأزمة السوداء في الديموغرافيا"، في ظل تراجع سنوي بمعدل يقارب 6% في عقود الزواج منذ عام 2011.

فاقمت هذه المؤشرات القلق لدى شرائح واسعة من المجتمع الإيراني، حيث عبّر العديد من الشباب والأسر عبر منصات التواصل الاجتماعي عن شعورهم بالعجز أمام ارتفاع تكاليف المعيشة وتدهور فرص العمل. 

واعتبر مراقبون أنّ العزوف عن الزواج والإنجاب لا يعكس فقط أزمة اقتصادية، بل أزمة ثقة بين الأجيال الجديدة والدولة التي لم تفلح في توفير الحد الأدنى من الاستقرار المطلوب لتأسيس حياة أسرية طبيعية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية