البحث عن الأمل في لؤلؤة إفريقيا
البحث عن الأمل في لؤلؤة إفريقيا
من بين مشاهد تبدو قاتمة في بلد تخنقه الأزمات، إذ يستضيف مئات الآلاف من اللاجئين، وتواجه الأمم المتحدة أزمة في تقديم الدعم لهم، ويعيش 41% من السكان في فقر، ولا يُكمل ما يقرب من 50% من الأطفال تعليمهم الابتدائي، وتعتمد غالبية الأسر على الزراعة في معيشتها، كان هناك مشهد من الأمل في عاصمة كمبالا، أوغندا التي استضافت فعاليات مؤتمر الشباب الإفريقي العربي 2025، وشاركنا فيه من خلال منظمة "جسور إنترناشونال".
ربما كانت فعاليات المؤتمر فرصة لنا لنشاهد هذا البلد وهو يحاول طرق أبواب المستقبل بأمل الشباب (الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكانه)، ويسعى إلى أن يكون جسر تواصل بين الشباب العرب والأفارقة الذين يجمعهم مجلس مشترك يبحثون فيه عمّا يوحدهم، وكيف يختلفون في رؤاهم، وكيف ينظرون إلى تحديات الإقليم، وإلى ماذا يتطلعون، وهم جميعًا أبناء منطقة تعاني -ويعاني فيها الشباب- من تحديات لا تنتهي.
كان الأمل واضحًا في هؤلاء الشباب وهم يعرضون مبادراتهم ومشاريعهم، ويتحدثون عن شركاتهم الناشئة، ووسائل تعزيز التواصل بين المبتكرين من المنطقتين، وحتى في الإبداع الإفريقي والعربي من خلال الموسيقى والفن والسرد القصصي. شباب وشابات من 55 دولة عربية وإفريقية جمعتهم أوغندا إلى جانب وزراء وسفراء ومؤسسات مجتمعية ودولية، وكان شاغلهم الأهم هو البحث عن الأمل.
في رحلتنا إلى هناك، لم أتجاوز ذلك السؤال: لماذا أوغندا؟ وهل يمكن أن تكون هي الجسر الذي يتشارك فيه الشباب العربي والإفريقي آمالهم وتحدياتهم وتطلعاتهم في تلك المنطقة من العالم التي لا تنتهي فيها الأزمات؟ ولم لا؟ أليست هي لؤلؤة إفريقيا كما سماها ونستون تشرشل في رحلته الشهيرة إلى القارة عندما كان وزيرًا بريطانيًا للمستعمرات قبل عقود؟
وما شاهدناه في هذا البلد وتلك الفعاليات كان إجابة قاطعة: إن الروابط بين هاتين الثقافتين، العربية والإفريقية، تمتزج بسهولة في رؤيتهما للأزمات والتطلعات، وفي تجاوز التحديات، وإن التكامل بينهما ليس صعب المنال، وإن كان يحتاج إلى أن تتبنى الدول العربية والحكومات الإفريقية نهجًا يعمّق العلاقات بينها ويمنحها دفعة أقوى.
من بين تجارب هؤلاء الشباب ما يستحق التأمل والدراسة، بل والتوقف طويلًا؛ فهم قادرون، لا تنقصهم القدرات ولا الرؤية عن نظرائهم في أوروبا أو الولايات المتحدة، وكثيرون منهم يصلون إلى مراكز مرموقة في المؤسسات العالمية والشركات في الدول التي يهاجرون إليها.
تحتاج الحكومات والدول في إفريقيا والمنطقة العربية إلى دعم الجهود والمبادرات الشبابية المحلية لتعزيز جسور التواصل بينهم، وأن يكون التبادل الثقافي والتجاري بين الدول من خلال الشركات الناشئة والمؤسسات الرائدة متاحًا وغير معقد. وربما تكون الفعاليات التي شهدتها أوغندا فرصة لنضع أمام أعيننا هدفًا واضحًا: البحث عن شراكة شبابية عربية إفريقية كبرى في السنوات المقبلة.











