وسط تصاعد الانتهاكات.. صرخة نسوية من خلف قضبان سجن إيفين الإيراني

وسط تصاعد الانتهاكات.. صرخة نسوية من خلف قضبان سجن إيفين الإيراني
سجن إيفين في إيران

تفاقمت معاناة السجينات السياسيات في إيران مع تصاعد الانتهاكات داخل سجن "إيفين" الشهير في طهران الذي يُعد أحد أبرز رموز القمع السياسي في البلاد. 

وتشهد المعتقلات الإيرانيات هناك ظروفاً قاسية تتراوح بين الإهمال الطبي، والتعذيب النفسي، وحرمانهن من أبسط حقوقهن الإنسانية، ما جعل هذا السجن عنواناً للألم في الذاكرة الإيرانية، وكالة، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الاثنين.

وذكرت منشورات للكاتبة والناشطة في مجال حقوق الأطفال والسجينة السياسية السابقة سروناز أحمدي، عبر حسابها على منصة "إنستغرام"، أن السجون الإيرانية تشهد موجة جديدة من الإضرابات تضامناً مع السجينات اللواتي يواجهن أوضاعاً لا إنسانية. 

وأعلنت أحمدي دخولها في إضراب عن الطعام تضامناً مع زميلتها نسيم سيمياري المحتجزة في سجن "إيفين"، مؤكدة أنها ستواصل الإضراب إذا لم تستجب السلطات لمطالب الأخيرة بحلول الأربعاء القادم.

إضرابات تضامنية

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان نسيم سيمياري، وهي من معتقلات الانتفاضة الشعبية الأخيرة في إيران، بدء إضرابها عن الطعام تضامناً مع السجينة السياسية فاريبا كمال آبادي التي أمضت أكثر من عشر سنوات خلف القضبان. 

وكان من المقرر الإفراج عن كمال آبادي الأسبوع الماضي، إلا أن السلطات القضائية تراجعت فجأة عن القرار، ما أثار موجة من الإحباط والاستياء بين المعتقلات داخل جناح النساء في "إيفين".

وصفت نسيم سيمياري، في رسالة مؤثرة خرجت من قلب السجن، زميلتها فاريبا بأنها "رمز للإنسانية والتسامح"، وروت تفاصيل اللحظات المؤلمة التي عاشتها السجينات عندما كنّ يستعدن لاستقبال لحظة الإفراج المنتظرة. 

وأكدت أن السجينات بدأن فعلاً بترتيب أغراض فاريبا، وتصفيف شعرها، وتقسيم ممتلكاتها البسيطة، قبل أن يُبلغن فجأة أن الإفراج عنها "أُلغي لأسباب غامضة"، وهو ما وصفته بأنه "ضربة موجعة للأمل".

صمود خلف الأسوار

أكدت سروناز أحمدي، في منشور مؤثر في "إنستغرام"، أن فاريبا كمال آبادي تمثل "رمزاً للانتصار على القهر"، مشيرة إلى أنها تمضي في سجنها الثاني بثباتٍ نادر بعد عشر سنوات من الاعتقال الأول. 

وكتبت: "كلما نظرت إليها، رأيت انتصارها على السجن"، مضيفة أن إبقاء المعتقلين في حالة انتظار دائمة يُعد أحد أقسى أشكال التعذيب النفسي الذي تمارسه السلطات الإيرانية.

انتقدت أحمدي ما وصفته بـ"سياسة التلاعب بالعواطف الإنسانية" داخل السجون، مشيرة إلى أن كثيراً من السجينات يعانين أمراضاً نفسية حادة بسبب الإهمال والتعذيب المعنوي المستمر. 

وأكدت أن علاقتها الوثيقة بنسيم سيمياري التي وصفتها بأنها "تجسد روح المقاومة"، دفعتها لاتخاذ موقف داعم رغم تدهور حالتها الصحية والنفسية منذ الإفراج عنها.

أصوات من الداخل

كشفت مكالمة هاتفية مؤثرة جمعت سيمياري بزميلتها أحمدي عن حجم الألم الذي تعيشه السجينات، إذ قالت سيمياري: "لا يجوز أن نسمح لهم بأن يعبثوا بنا بهذه السهولة. فليستمروا في مضايقتنا، لكن كرامتنا لن نفرّط فيها أبداً". 

وعبّرت عن إيمانها بأن النضال من أجل الكرامة لا يمكن أن يُكسر، مهما اشتدت قبضة السجن أو طال الانتظار.

روت سيمياري في مكالمتها كيف تدهورت حالتها النفسية داخل السجن، إذ قالت: "بدأت أتناول أدوية مضادة للاكتئاب، بدأت بحبتين ثم وصلت إلى ست يومياً، وما زلت أعاني من قلق دائم ونوبات هلع واكتئاب ثقيل الظل". 

وتكشف هذه الشهادة القاسية عن واقع يعيشه آلاف السجناء والسجينات في إيران الذين يواجهون ظروفاً لاإنسانية وصمتاً دولياً متزايداً حيال معاناتهم.

نداء إنساني

يُجسد هذا المشهد داخل سجن "إيفين" مأساة إنسانية تتجاوز حدود الجدران الحديدية، لتصل إلى جوهر الكرامة الإنسانية نفسها. 

وتطالب منظمات حقوقية إيرانية ودولية بالإفراج عن السجينات السياسيات وتحسين ظروف احتجازهن، معتبرة أن استمرار مثل هذه الانتهاكات يمثل جرحاً مفتوحاً في ضمير العالم. 

وبين الجوع والصبر، تواصل نساء "إيفين" صمودهن، وهن يبعثن للعالم رسالة واضحة: الحرية لا تُسجن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية