فرحة ممزوجة بالمخاوف.. نساء غزة بين الأمل والقلق منذ وقف إطلاق النار

فرحة ممزوجة بالمخاوف.. نساء غزة بين الأمل والقلق منذ وقف إطلاق النار
فلسطينية بين الأنقاض والغبار في غزة - أرشيف

تعيش نساء قطاع غزة حالة من الترقب والاضطراب العاطفي بين فرحة الهدوء الذي أعقب عامين من القصف والدمار، وهاجس الخوف من أن يكون هذا الهدوء مجرد استراحة قصيرة قبل عودة الحرب. 

ومع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل بوساطة أمريكية ومصرية وقطرية، تتباين مشاعر النساء في القطاع بين الأمل بالسلام والقلق من خيانة الاتفاق واستئناف القتال، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الثلاثاء.

تصف ختام قويدر، وهي إحدى نساء مدينة غزة، الهدنة الحالية بأنها “ترياق لقلوب أنهكها الحصار والحرب”، إذ ترى فيها بصيص حياة لمدينة فقدت ملامحها تحت الركام. 

إنقاذ ما تبقى من غزة

تقول ختام إن الاتفاق يشكل “معجزة لإنقاذ ما تبقى من غزة”، لكنه في الوقت ذاته “هدنة منقوصة”، مشيرة إلى أنها سمعت فجر اليوم أصوات قذائف تذكّرها بسنوات الرعب التي عاشتها.

تضيف أن الحياة لم تعد بعد إلى طبيعتها، فأسعار السلع الأساسية تضاعفت خمس مرات، والبضائع التي انتظرها الأطفال لم تدخل بعد، في حين أن المخابز تعمل بقدرة محدودة. 

وتوضح أن مقارنة الهدنة الحالية بسابقتها تكشف فجوة كبيرة، إذ لم تشهد المدينة هذه المرة انفتاحاً في الأسواق ولا عودة فورية للنشاط التجاري، بل ما زال الحزن يخيم على الشوارع والمنازل.

تهديد بعودة الجحيم

وتتساءل ختام بقلق: “هل هذه الهدنة فخّ للحصول على آخر جثة إسرائيلية في غزة؟ وماذا سيمنعهم من قصفنا مجدداً بعد أن يأخذوا ما يريدون؟”. 

وتتابع، قائلة: “كلما سمعت تصريحات نتنياهو وترامب ازداد خوفي، كأنهم يلوّحون بعودة الجحيم”.

وتعبّر ختام عن قناعتها بأن غياب النساء عن طاولة المفاوضات كان خطأ كبيراً، مؤكدة أن المرأة الفلسطينية هي الأقدر على التعبير عن احتياجاتها ومعاناة أسرتها، وأن وجودها في الوفد المفاوض “حق وليس منّة”، لأن إعادة بناء غزة لا تكتمل دون صوت النساء اللواتي دفعن الثمن الأكبر.

نافذة حياة جديدة

على النقيض من مشاعر القلق، تبدي نور كريرة، وهي أم لثلاثة أطفال من حي الرمال، تفاؤلاً كبيراً بالاتفاق الجديد الذي تعتبره “نافذة حياة فتحت أخيراً بعد عامين من العتمة”. 

تقول إن هذه الهدنة أعادت إلى أطفالها فرصة اللعب والضحك بعد أن كانت الخوف رفيقهم الدائم.

“لأول مرة منذ عامين أسمح لأطفالي بالذهاب إلى الحديقة الصغيرة في الحي دون خوف من القصف”، تقول نور بابتسامة تعبّر عن مزيج من الأمل والتعب. 

وتشير إلى أن صعوبة المعيشة ما زالت قائمة، لكن المهم بالنسبة لها أن “القنابل توقفت والأطفال ينامون بسلام”.

وترى نور أن المرأة يجب أن تكون شريكاً أساسياً في خطة إعادة الإعمار، لأنها الأدرى بما تحتاجه الأسرة من مأوى وغذاء وتعليم، معتبرة أن إشراك النساء في صنع القرار خطوة ضرورية نحو مستقبل أكثر عدلاً وإنصافاً.

وتضيف بثقة: “أنا لا أشعر بالخوف من هذه الهدنة، بل أشعر أنها بداية النهاية للظلام. غزة تحتاج فقط إلى بعض الوقت كي تتعافى، وحينها ستعود الأسعار لطبيعتها وسنطعم أطفالنا كما في السابق”.

أمل النساء بين الأنقاض

تجمع القصتان بين نغمتين متناقضتين تعكسان واقع النساء في غزة: الأمل الحذر والخوف العميق. ففي الوقت الذي ترى فيه ختام أن الهدنة ربما تكون هشة ومؤقتة، تجد نور فيها خلاصاً حقيقياً من الحرب، وإن طال الطريق نحو السلام الدائم.

ورغم اختلاف المواقف، تتفق نساء غزة على مطلب واحد: الحق في الحياة الكريمة. فهنّ لسن مجرد ضحايا للحرب، بل فاعلات في صنع مستقبل مدينتهن، يطالبن بمسكن آمن، وغذاء كافٍ، وتعليم لأطفالهن، وعدالة تحميهن من ويلات النزوح والفقر.

وفي ظل انقسام الآراء والمخاوف من انتكاس الهدنة، يتفق الخبراء على أن مشاركة النساء في عمليات صنع القرار ستكون عاملاً حاسماً في استقرار غزة. 

فهنّ، كما تقول ختام قويدر، “أكثر من يعرف كيف تُبنى المدن على أنقاض الحروب، وكيف يُرمم الأمل في قلوب الصغار”.

ومع أن الدمار ما زال شاهداً على قسوة الحرب، فإن صوت النساء يبقى الأقوى في الدفاع عن حقهن في الأمان والكرامة، وعن حق غزة في أن تعيش لا أن تبقى تحت رماد الصواريخ.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية