"بوليتيكو": قانون الضرائب والإنفاق يغير قواعد المساعدات الغذائية ويهدد اللاجئين والأسر الفقيرة
بعد نهاية إغلاق حكومي طويل
استأنفت الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة صرف بعض مدفوعات المساعدات الغذائية بعد نهاية إغلاق حكومي طويل، لكن قراراً إدارياً وآخر قانونياً جديدين يهددان بخفض واسع في برنامج المساعدة الغذائية التكميلية المعروف باسم "سناب" ويعرضان ملايين الأشخاص لفقدان الدعم بشكل دائم، وهذا المزيج من توقف مؤقت وتغييرات تشريعية وإدارية خلق حالة طوارئ إنسانية واقتصادية في أوساط الأسر محدودة الدخل واللاجئين والمهاجرين المقيمين قانونياً وفق صحيفة "بوليتيكو".
ماذا تغيّر قانونياً وإدارياً
القانون الأخير الذي أقره الكونغرس يتضمن تغييرات عدة تهدف لتقليل الإنفاق الفيدرالي على برامج شبكات الأمان، منها توسيع شروط العمل ليتوجب على المزيد من البالغين المستفيدين إثبات نشاط اقتصادي أو المشاركة في برامج تدريب للتأهل للحصول على المنافع، وإلزام الولايات بالإسهام في تكاليف جزء من البرنامج، كما أصدر مكتب وزارة الزراعة توجيهات عملية للولايات حول كيفية تطبيق التخفيضات وإعادة برمجة أنظمة الحوسبة لخصم المخصصات، وهي إجراءات أدت إلى تأخير وصعوبات تشغيلية دفعت بعض الولايات إلى إرسال إشعارات للمستفيدين مطلع إجراءات الامتثال أو فقدان المساعدة.
مَن المتأثرون والأرقام
برنامج سناب يخدم نحو 41 إلى 42 مليون شخص في الولايات المتحدة، ويقدم متوسط مساعدة يومية متواضعاً يوازي نحو ستة دولارات يومياً للفرد المستفيد من الوجبات المدعومة، منها نسب كبيرة من الأطفال. التغييرات المتوقعة قد تؤدي إلى استبعاد عشرات الآلاف وحتى مئات الآلاف من اللاجئين وحاملي تأشيرات إنسانية، وتقديرات أولية تشير إلى أن نحو ربع مليون لاجئ قد يفقدون الأهلية وفق صيغ التعديل المعتمدة، وهذه الأرقام تضع ضغوطاً مباشرة على بنوك الطعام والمؤسسات الخيرية وعلى اقتصادات الولايات المحلية وفق رويترز.
الآثار في الولايات وبنوك الطعام
الولايات مسؤولة عن تنفيذ تغييرات الأهلية عبر أنظمة معلوماتها وإدارات الخدمات الاجتماعية، وتفاوت القدرات التقنية والمالية بين الولايات يعني أن التأثير سينحصر أولاً حيث لا توجد استثناءات لقيود العمل أو حيث تعجز الولايات عن التمويل المؤقت لتعويض الانكماش الفيدرالي، وتستجيب بعض الولايات المدعومة بموارد كبرى عبر تمويل مؤقت أو إجراءات استثنائية لاستمرار الدفع، في حين تواجه بنوك الطعام المحلية زيادة مضطردة في الطلب وسط استنزاف احتياطيات التمويل وارتفاع مشتريات الطوارئ، وتشير تقارير من منظمات إغاثية إلى زيادات هائلة في طلب الوجبات والمواد خلال فترة الإغلاق، ما يعكس فجوة تمويلية مهمة تعجز عنها سعة العمل الخيري وحده.
القضايا القانونية والسياسية
القرار الإداري لوزارة الزراعة بعدم استخدام صناديق الطوارئ لتمويل كامل مدفوعات الشهر التالي أثار موجة قضائية من ولايات ومنظمات مجتمعية طالبت بإنفاذ المدفوعات كاملة، وبدأت محاكم اتحادية تنظر في طلبات وأوامر مؤقتة لإجبار الحكومة على صرف المدفوعات، ويعكس الخلاف السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس وبين الأحزاب داخل الكونجرس صراعاً أوسع حول أولويات الإنفاق وسياسات الهجرة والعمل، وفي الوقت نفسه، المناقشات السياسية حول توسيع شروط العمل وإخضاع المهاجرين القانونيين لقيود جديدة قد يؤدي إلى عزل مجموعات ضعيفة سبق أن كانت مشمولة بشبكات الأمان.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي
اقتصادياً، يقلص تخفيض مدفوعات سناب الطلب الاستهلاكي في المجتمعات الضعيفة، ما ينعكس سلباً على المتاجر الصغيرة والأسواق المحلية، ويؤدي إلى تراجع النشاط الاقتصادي في مناطق تعتمد على إنفاق المستفيدين. اجتماعياً، حرمان الأسر من حصة غذائية يومية، حتى لو بدت صغيرة مادياً، يضاعف مخاطر سوء التغذية، يؤثر سلباً في تحصيل الأطفال، ويزيد الطلب على الخدمات الصحية الطارئة، ويضع التوازن بين تخفيض الإنفاق العام ومخاطر تفاقم الفقر صانعي القرار أمام معادلة خطيرة وتبعات إنسانية واجتماعية باهظة على المدى المتوسط والطويل.
تأثيرات خاصة في اللاجئين والمهاجرين
تستهدف التعديلات شريحة من المقيمين القانونيين واللاجئين الذين يعتمدون على وسائل انتقالية لدخول سوق العمل، فوضع هؤلاء هش لأن فقدان الإعانة يعادل فقدان شبكة الأمان الأساسية خلال مرحلة إعادة الاستقرار، وقد يدفع البعض للجوء إلى شبكات إغاثة غير رسمية أو للعمل في سوق غير منظم، ما يزيد من تطور الضعف والاستغلال، كذلك، أي قيود إضافية على برامج الصحة الميسرة أو ميديكيد ستضاعف من الأعباء الصحية والمالية على الأسر المعرضة.
استجابة المؤسسات والأطراف المدنية
تزايدت مطالبات رؤساء البلديات ومنظمات الإغاثة إلى وزارة الزراعة والكونغرس بالتدخل لتأمين مدفوعات نوفمبر كاملة، وتعاونت بعض الولايات لتوفير تمويل طارئ تجنباً لفراغ خدمى، كما شهدت مكاتب المساعدة القانونية نشاطاً متصاعداً لمناصرة المستفيدين الذين يتلقون إشعارات فصل عن البرنامج، وفي المقابل، ترى مجموعات مؤيدة للتقشف أن الإصلاحات ضرورية لإصلاح الاعتماد طويل الأمد على برامج المعونة وتشجيع الاندماج في سوق العمل، لكن نقاشها لا يجيب بالضرورة عن كيفية حماية الفئات الأضعف خلال فترة الانتقال.
خريطة المخاطر المستقبلية
الفجوة في التمويل والإجراءات التنفيذية المتسرعة تعني احتمالية حدوث موجات فورية من فقدان الاستحقاق في الولايات التي تطبق شروط العمل الصارمة دون إعفاءات كافية، وعلى مستوى وطني، إذا استمر الخلاف السياسي القضائي وتواصلت الأزمة، قد نرى ارتفاع ضغط على برامج الطوارئ، وزيادة في معدلات اللجوء إلى مأوى الطوارئ والتشرد الجزئي، واضطرابات في الأمن الغذائي المحلي.
توصيات عملية لصانعي القرار والمنظمات
الاستجابة الفعّالة وفق مراقبين حقوقيين تتطلب مزيجاً من الإجراءات الفورية ومتوسطة الأجل تشمل استخدام موارد الطوارئ الفيدرالية لتغطية الشهور الحرجة، في حين يُعاد فتح القنوات التشريعية لتأمين تمويل مستقر، ومنح إعفاءات مؤقتة للمجموعات الأشد هشاشة، خصوصاً اللاجئين وكبار السن والأسر التي لديها أطفال صغار، لتفادي آثار فورية من انقطاع الغذاء، وكذلك توفير تمويل طارئ للولايات الأقل قدرة على تمويل استمرار مدفوعات برنامج سناب مؤقتاً، على أن تُعاد تسويته لاحقاً، وأيضاً تنسيق فوري بين الإدارات الفدرالية ودوائر الخدمات الاجتماعية في الولايات لتبسيط إجراءات التوافق التقنية وتجنب إخطار جماعي يفضي لذعر بين المستفيدين، إضافة إلى تعزيز قدرة بنوك الطعام والمجتمع المدني من خلال منح مؤقتة ومشتريات مركزة لتفادي انهيار سلاسل التوزيع المحلية.
برنامج المساعدة الغذائية التكميلية سناب هو أهم آلية فيدرالية لمكافحة الجوع في الولايات المتحدة، يخدم ملايين الأشخاص ومنهم نسبة كبيرة من الأطفال وكبار السن، والتاريخ السياسي للبرنامج يعكس توترات طويلة بين رؤى الضبط المالي والواجب الاجتماعي، وقد شهد البرنامج تغييرات مستمرة في معاييره وأدواته منذ أواسط القرن الماضي. خلال أزمات سابقة، مثل الركود الكبير وجائحة كوفيد، تم توسيع المساعدات طارئاً، وهو ما وفر دروساً ملموسة حول أهمية قابلية التوسع السريع للنظام، أما اليوم، فالتداخل بين صيغ قانونية جديدة، توجيهات إدارية، واستحكام الموقف السياسي من قِبل قيادات تنفيذية وبرلمانية يجعل المشهد مضطرباً، والحلول المستدامة ستتطلب إعادة تقييم متوازن للأهداف تشمل حماية الفئات المحرومة.








