ناجون من القنبلة النووية في اليابان يحتجون على قرار ترامب استئناف التجارب
ناجون من القنبلة النووية في اليابان يحتجون على قرار ترامب استئناف التجارب
نددت مجموعات الناجين من القصف النووي في اليابان، المعروفة باسم "هيباكوشا"، بشدة بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استئناف التجارب النووية، معتبرةً أن هذا القرار يمثل "طعنة في قلب الجهود الإنسانية العالمية لإزالة الأسلحة النووية" و"إهانة لضحايا هيروشيما وناغازاكي".
ويعيد هذا القرار إلى الواجهة الجرح الأعمق في الذاكرة اليابانية والعالمية، والمتمثل في المأساة النووية التي شهدها العالم عام 1945، حين ألقت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على المدينتين، فقتلتا أكثر من 200 ألف شخص في لحظات معدودة، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الجمعة.
غضب ياباني ورسائل احتجاج
أعلنت منظمة نيهون هيدانكيو، وهي أبرز مجموعات الناجين الحاصلة على جائزة نوبل للسلام لعام 2024، أنها بعثت رسالة احتجاج رسمية إلى السفارة الأمريكية في طوكيو، عبّرت فيها عن "صدمتها العميقة واستنكارها الكامل" لقرار ترامب.
وقالت المنظمة في الرسالة التي نشرتها وكالة فرانس برس: "إن قرار استئناف التجارب النووية يتناقض كليًا مع التطلعات المشتركة لشعوب العالم إلى سلام دائم خالٍ من السلاح النووي، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق".
وأضافت أن "العودة إلى سباق التسلح النووي بعد عقود من المعاهدات والتفاهمات الدولية تمثل خيانة للقيم الإنسانية التي نادت بها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية".
غضب في هيروشيما وناغازاكي
في مدينة ناغازاكي التي شهدت واحدة من أبشع جرائم الحرب في التاريخ، عبّر رئيس بلديتها شيرو سوزوكي عن رفضه القاطع لقرار واشنطن، إذ قال: "إن قرار ترامب يدوس على كل الجهود التي بذلها الملايين من الناس حول العالم لتحقيق عالم خالٍ من الأسلحة النووية".
وأضاف سوزوكي بنبرة غاضبة: “إذا كانت الولايات المتحدة تعود لاختبار هذه الأسلحة المدمّرة، فكيف يمكن لمن يدعم هذا القرار أن يُرشّح لجائزة نوبل للسلام؟”
وفي هيروشيما، أصدرت جماعتان من جمعيات ضحايا القنبلة الذرية بيانات احتجاج شديدة اللهجة، أكدت فيها أن "إحياء التجارب النووية يعني إحياء الكابوس الذي عانى منه اليابانيون والعالم بأسره".
وجاء في بيان مشترك أُرسل إلى السفارة الأمريكية: "في حرب نووية لا يوجد رابح أو خاسر، فالبشرية كلها تصبح هي الضحية، إن الدمار الذي شهدته هيروشيما وناغازاكي يجب ألا يتكرر أبدًا".
من الحرب إلى نداء الإنسانية
في السادس من أغسطس عام 1945، ألقت الطائرات الأمريكية القنبلة الذرية الأولى على هيروشيما، لتقتل في لحظة نحو 140 ألف شخص، منهم عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء. وبعد ثلاثة أيام، أُلقيت القنبلة الثانية على ناغازاكي، فقتلت 74 ألفًا آخرين.
ولم يمت هؤلاء فقط بسبب الانفجار الفوري، بل توفي الآلاف لاحقًا من الإشعاعات والحروق والتشوهات الجسدية التي استمرت آثارها لعقود طويلة.
وأصبح الناجون -أو “هيباكوشا”- رمزًا عالميًا للنضال ضد السلاح النووي، إذ نقلوا للعالم صورًا حية من الجحيم الذي خلفته تلك القنابل، داعين إلى "ألا يتكرر ذلك أبدًا".
غير أن قرار ترامب الأخير يعيد إليهم "كوابيس الماضي"، ويهدد بتقويض المسار الطويل الذي سارت عليه اليابان والعالم لتثبيت مبدأ عدم استخدام السلاح النووي مرة أخرى.
خطر سباق التسلح مجددًا
يرى خبراء أن إعلان ترامب استئناف التجارب النووية قد يفتح الباب أمام سباق تسلح جديد بين القوى العظمى، خصوصًا في ظل التوترات المتزايدة مع روسيا والصين.
فقد برر ترامب قراره بأنه "رد على التجارب النووية الروسية والصينية"، لكن منظمات السلام ترى أن هذه الذريعة لا تبرر العودة إلى عصر الردع النووي الذي أنهك العالم خلال الحرب الباردة.
وقالت منظمة الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية (ICAN) في بيانها، إن القرار "يهدد بإلغاء عقود من العمل الدبلوماسي، ويزيد من خطر استخدام الأسلحة النووية عن طريق الخطأ أو التصعيد".
اليابان بين الذاكرة والسياسة
في اليابان، أعاد القرار الأمريكي الجدل الداخلي حول علاقة طوكيو التاريخية بواشنطن، حيث دعا بعض البرلمانيين إلى موقف دبلوماسي أكثر صرامة ضد أي خطوة تعيد العالم إلى "منطق الدمار المتبادل".
في المقابل، تساءل الناجون أنفسهم عن موقف الحكومة اليابانية، إذ قال أحدهم في تصريحات تلفزيونية: "لقد وعدونا أن دماءنا لن تُنسى، فهل نسيت حكومتنا الآن ماذا يعني أن يعيش الإنسان في مدينة تحترق بالإشعاع؟"
وفي ختام رسالتها إلى واشنطن، شددت مجموعة "هيدانكيو" على أن "الأسلحة النووية لا تحمي أحدًا، بل تهدد الجميع"، داعيةً الولايات المتحدة إلى الالتزام بمعاهدة حظر الأسلحة النووية التي وقعت عليها عشرات الدول، ومطالبةً العالم بـ"استبدال منطق الردع النووي بمنطق السلام الإنساني المشترك".
وأكدت مجموعة "هيدانكيو"، أن "ذكرى الضحايا في هيروشيما وناغازاكي يجب أن تكون حافزًا لتجريد العالم من هذا السلاح الذي يهدد وجود البشرية نفسها".










