تصاعد أزمة الهجرة في ليسبوس.. بين حقوق الإنسان وضغوط الحدود الأوروبية
تصاعد أزمة الهجرة في ليسبوس.. بين حقوق الإنسان وضغوط الحدود الأوروبية
تشهد جزيرة ليسبوس اليونانية، الواقعة قبالة الساحل التركي، توترات سياسية متصاعدة، إذ أصبحت منذ عام 2015 رمزًا لأزمة الهجرة في أوروبا، فقد شكّلت الجزيرة بوابة رئيسية لدخول آلاف اللاجئين والمهاجرين الفارين من الصراعات والفقر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ومع تراجع أعداد الوافدين نتيجة إجراءات الاتحاد الأوروبي المشددة لتعزيز مراقبة الحدود، لم تتراجع معاناة المقيمين فيها، بل ازدادت التحديات الإنسانية والحقوقية التي تواجه اللاجئين والمهاجرين على حد سواء، بحسب ما ذكرت شبكة "مهاجر نيوز"، اليوم الجمعة.
وتعيش غالبية اللاجئين في مخيمات مكتظة ويفتقر معظمها إلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية. فقد أظهرت تقارير حقوقية أن المهاجرين يعيشون في خيم متهالكة أو منشآت مؤقتة، تفتقر إلى التدفئة الكافية، والمياه الصالحة للشرب، وخدمات النظافة الأساسية.
ويعاني الأطفال والنساء بشكل خاص من ضعف الحماية، إذ تتزايد حالات العنف والاستغلال الجنسي في المخيمات، وسط نقص حاد في وجود فرق الدعم النفسي والاجتماعي.
وأكدت إحدى النازحات، وهي أم لأربعة أطفال، أن "العيش هنا ليس حياة، بل انتظاراً مستمراً، الأطفال يتعرضون للبرد والجوع، والخوف يرافقنا كل يوم من أجل سلامتنا وسلامتهم".
الضغط النفسي والاجتماعي
تشير المنظمات الإنسانية إلى أن اللاجئين يعانون من مستويات عالية من التوتر النفسي، نتيجة المعاملة القاسية أثناء عمليات الترحيل، والتفتيش المكثف عند الحدود، وفترات الانتظار الطويلة للحصول على تصاريح اللجوء.
وتزيد هذه الظروف من هشاشة الفئات الضعيفة، بمن في ذلك الأطفال الذين غالبًا ما يُحرَمون من التعليم، والنساء اللاتي يتعرضن للمضايقات اليومية داخل المخيمات وخارجها.
كما تزداد المعاناة بسبب القيود المفروضة على الحركة، إذ تمنع السلطات اليونانية المهاجرين من مغادرة المخيمات أو الانتقال بحرية بين الجزر أو إلى البر الرئيسي، ما يضعهم في حالة من العزلة الاجتماعية ويحد من فرص العمل أو التعليم.
التحديات وحقوق الإنسان
تشير التقارير الحقوقية إلى أن بعض الإجراءات الأوروبية لم تتماشَ مع المعايير الدولية المتعلقة بحق اللجوء وحقوق الإنسان، فقد لوحظ أن الممارسات المتعلقة بالترحيل القسري وإغلاق الحدود تُخضع اللاجئين لمخاطر كبيرة، بما في ذلك العودة القسرية إلى مناطق تشهد صراعات مسلحة أو انتهاكات لحقوق الإنسان، في انتهاك واضح لمبدأ عدم الإعادة القسرية.
كما أن عمليات التدقيق والفحص الأمني المكثف غالبًا ما تفتقر إلى الشفافية وتؤخر منح تصاريح الإقامة أو اللجوء، مما يفاقم الأوضاع الإنسانية ويخلق بيئة من القلق الدائم والإحباط.
وطالبت منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني الأوروبي بتخفيف الضغط على مخيمات اللاجئين في ليسبوس، وتوفير دعم مستدام لتحسين ظروف المعيشة، بما يشمل الغذاء والمياه والرعاية الصحية، بالإضافة إلى خدمات التعليم للأطفال والدعم النفسي للنساء والأطفال، كما شددت على أهمية مراقبة حقوق اللاجئين في عمليات الترحيل وضمان تطبيق القوانين الدولية لحماية حقوق الإنسان.
وفي ختام الأمر، تظل جزيرة ليسبوس محطةً إنسانية واختبارًا لمصداقية الاتحاد الأوروبي في حماية حقوق اللاجئين، فبينما تركز السياسات الأوروبية على تعزيز أمن الحدود، يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد توازن بين السيطرة الأمنية وواجب حماية الكرامة الإنسانية، وضمان ألّا تتحول السياسات الحدودية إلى جدار يعوق الحياة ويزيد من معاناة أضعف الفئات.











