"ميتا" في مواجهة مع فرنسا.. اتهامات بالتمييز في خوارزميات الإعلانات

"ميتا" في مواجهة مع فرنسا.. اتهامات بالتمييز في خوارزميات الإعلانات
شركة ميتا - أرشيف

رفضت شركة “ميتا” المالكة لمنصتي “فيسبوك” و“إنستغرام”، قرارًا أصدرته هيئة مراقبة حقوق الإنسان الفرنسية، اتهم خوارزمياتها بممارسة تمييز غير مباشر على أساس الجنس في عرض إعلانات الوظائف، في قضية غير مسبوقة داخل الاتحاد الأوروبي تعيد طرح سؤال الشفافية في عمل الخوارزميات وتأثيرها على المساواة.

أوضحت الهيئة الفرنسية أن نظام الإعلانات في “فيسبوك” يقوم بمعاملة المستخدمين بطريقة مختلفة تبعًا لجنسهم، بحيث تُعرض فرص العمل للرجال والنساء على نحو غير متكافئ، بحسب ما ذكرت شبكة “سي إن إن”، اليوم الأربعاء. 

واعتبرت الهيئة أن هذا السلوك يشكل تمييزًا غير مباشر ضد النساء، بما يتعارض مع مبادئ المساواة المنصوص عليها في القانون الفرنسي والأوروبي.

ودعت الهيئة شركتي “ميتا أيرلندا” و“فيسبوك فرنسا” إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتصحيح هذا الخلل خلال ثلاثة أشهر، مطالبةً بتقديم تقرير رسمي حول التدابير التي سيتم اتخاذها لضمان العدالة في الوصول إلى الإعلانات الوظيفية.

وردت الشركة الأميركية ببيان مقتضب حازم، جاء فيه: “نختلف مع هذا القرار ونقوم بتقييم خياراتنا القانونية”، ما يعكس نية “ميتا” خوض معركة قانونية دفاعًا عن آلياتها التقنية التي تعتبرها محايدة بطبيعتها.

عدالة الذكاء الاصطناعي

يُعد هذا القرار أول اعتراف رسمي في الاتحاد الأوروبي بأن خوارزمية تابعة لإحدى منصات التواصل الاجتماعي يمكن أن تمارس تمييزًا على أساس الجنس، ما رحبت به منظمات حقوقية اعتبرته خطوة مهمة نحو محاسبة شركات التكنولوجيا الكبرى وفق القوانين الأوروبية المتعلقة بالمساواة وحقوق الإنسان.

ويرى خبراء قانونيون أن القضية تمثل اختبارًا عمليًا لقانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي الذي يسعى إلى ضبط عمل الأنظمة الذكية ومنع استخدامها بطرق قد تؤدي إلى انحيازات اجتماعية أو اقتصادية. 

وتأتي هذه الخطوة وسط جدل متزايد في أوروبا حول شفافية الخوارزميات ودورها في تشكيل سلوك المستخدمين وسوق العمل وحتى الحياة السياسية.

تراجع مالي وضغوط

تزامن النزاع مع الهيئة الفرنسية مع ضغوط متصاعدة على “ميتا” من الجهات التنظيمية الأوروبية، سواء في قضايا الاحتكار أو الخصوصية الرقمية. 

وتواجه الشركة تراجعًا في أدائها المالي خلال العام الجاري، حيث سجّلت صافي ربح بلغ 2.7 مليار دولار فقط في الربع الثالث من 2025، بانخفاض حاد بنسبة 83% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وأوضحت الشركة أن هذا التراجع يعود إلى ضريبة استثنائية فرضتها الحكومة الأميركية بموجب قانون “المشروع الكبير” الذي أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لدعم الصناعات المحلية.

ورغم ذلك، حققت “ميتا” إيرادات إجمالية بلغت 51 مليار دولار خلال الربع الثالث، بزيادة 26% على أساس سنوي، مدعومة بنمو الإعلانات الرقمية وأداء “إنستغرام”، لتتجاوز بذلك توقعات وول ستريت للعام الثاني على التوالي.

جدل يتجاوز المال

يرى مراقبون أن التحديات التي تواجه “ميتا” لم تعد محصورة في المنافسة التقنية أو التباطؤ المالي، بل تمتد إلى مواجهة أخلاقية تتعلق بمسؤولية الشركات التكنولوجية الكبرى عن عدالة أنظمتها الذكية.

وباتت تساؤلات كثيرة تُطرح في أوروبا حول مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على القرارات الاجتماعية والاقتصادية، وحول ضرورة وضع معايير أخلاقية واضحة لضمان ألا تتحول الخوارزميات إلى أدوات تعيد إنتاج التمييز وعدم المساواة بشكل خفي.

وفي وقتٍ تتسابق فيه الحكومات الأوروبية لسن تشريعات تنظم الذكاء الاصطناعي، تبدو قضية “ميتا” اليوم أكثر من مجرد خلاف قانوني، بل إنذار مبكر حول المخاطر الكامنة في العالم الذي تتحكم به الخوارزميات، حيث قد تحدد الأكواد الرقمية مستقبل الفرص وربما الحقوق نفسها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية