وسط قلق حقوقي.. مقتل صانعة محتوى يفتح ملف العنف ضد النساء في ليبيا
وسط قلق حقوقي.. مقتل صانعة محتوى يفتح ملف العنف ضد النساء في ليبيا
أعادت حادثة مقتل صانعة المحتوى الليبية خنساء المجاهد، في وضح النهار بالعاصمة طرابلس، النقاش حول قدرة الدولة على حماية النساء في الفضاء العام، وجدوى الإجراءات الأمنية في الحدّ من جرائم العنف المسلح التي تتكرر بوتيرة مقلقة في البلاد.
وأدانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان رسمي، السبت، مقتل خنساء، التي فارقت الحياة مساء الجمعة بعد إطلاق نار مباشر استهدفها أثناء وجودها داخل سيارتها في منطقة السراج غرب طرابلس.
وشددت البعثة على أن الجريمة تُعد “امتدادًا لتصاعد العنف الموجّه ضد النساء، خصوصًا العاملات في المجال العام أو اللاتي يتمتعن بحضور رقمي مؤثر”، معتبرة أن استمرار الإفلات من العقاب يغذي المزيد من الانتهاكات.
ودعت البعثة السلطات الليبية إلى فتح تحقيق جاد وسريع وشفاف، ونشر نتائج التحقيق للرأي العام، مع ضمان تقديم الجناة -أيًا كانوا- للعدالة، باعتبار ذلك حجر أساس لاستعادة الثقة في المنظومة الأمنية والقضائية.
بيئة أمنية هشة
تأتي الجريمة في سياق أوسع من تراجع أمان النساء في المجال العام، فخلال السنوات الأخيرة، سُجّلت عدة حالات استهداف لناشطات وإعلاميات وصانعات محتوى في ليبيا، وهو ما يعكس استمرار هشاشة البيئة الأمنية وغياب منظومة حماية فعالة للنساء، خصوصًا اللواتي يظهرن في الفضاء الإعلامي أو يحققن شهرة رقمية.
وترى منظمات حقوقية محلية أن النساء في ليبيا يواجهن تهديدات مضاعفة من تهديد ناتج عن العنف المسلح والفوضى الأمنية، وتهديد آخر ناتج عن الوصم الاجتماعي الذي يجعل كثيرًا من النساء المتعرضات للتهديد أو الاستهداف يلتزمن الصمت خوفًا من ردود الفعل.
ويرى مختصون أن هذه الحوادث ليست فردية، بل تأتي ضمن نمط متكرر يربط بين ضعف الرقابة الأمنية، انتشار السلاح، وتنامي خطاب الكراهية ضد النساء الناشطات في المجال العام.
صدمة ودعوات للمحاسبة
أحدثت واقعة مقتل خنساء صدمة واسعة بين أفراد أسرتها ومتابعيها، إذ عُرفت الضحية بنشاطها في تصميم الأزياء والتجميل وبحضور قوي على منصات التواصل، ما جعلها واحدة من أبرز الوجوه النسائية الشابة في الفضاء الرقمي الليبي.
وطالب حقوقيون عبر منصات التواصل بأن تكون القضية نقطة تحول في التعامل مع جرائم العنف ضد النساء، مؤكدين أن المجتمع الليبي يحتاج إلى قانون واضح لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي، إضافة إلى تعزيز ثقافة احترام المرأة وحماية مشاركتها في الحياة العامة.
وتسلّط الجريمة الضوء على الانفلات الأمني المتصاعد في العاصمة الليبية، حيث تتكرر عمليات الاغتيال والاعتداء المسلح في وضح النهار، وسط اتهامات متبادلة بين الأجهزة الأمنية حول ضعف السيطرة على بعض المناطق.
ومع غياب منظومة متكاملة للحماية، يخشى مواطنون من أن جريمة خنساء قد تتحول إلى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الجرائم التي تُرتكب ثم تتوارى من دون عقاب.











