التضامن كأداة للضغط.. عشرات المثقفين يرفعون شعار "الحرية لمروان البرغوثي" في أوروبا

في حملة تعيد قضية الأسير الفلسطيني إلى الواجهة

التضامن كأداة للضغط.. عشرات المثقفين يرفعون شعار "الحرية لمروان البرغوثي" في أوروبا
مروان البرغوثي- أرشيف

أطلقت مجموعة من الشخصيات الثقافية والفنية البارزة حول العالم حملةً واسعة للمطالبة بالإفراج عن القائد الفلسطيني مروان البرغوثي، مستندةً إلى ما وصفته صحيفة "الغارديان" باعتباره واحدًا من أبرز المعتقلين السياسيين الذين يرون فيه قدرة على توحيد الفصائل الفلسطينية وإحياء مسار الدولة الفلسطينية المتعثرة.

ووقّع الكُتّاب والفنانون وقادة الرأي رسالةً مفتوحة تضم أسماءً راسخة في مجالات الأدب والسينما والفنون، بهدف الضغط على الحكومات والهيئات الدولية لتحريك ملفه.

وضمّت القائمة أكثر من 200 شخصية ثقافية بارزة الواسعة، تضم شخصيات أدبية مرموقة مثل الكاتبة مارغريت آتوود، الكاتب فيليب بولمان، الكاتبة زادي سميث، والكاتبة الحائزة على نوبل آني إرنو، كما شارك فيها ممثلون عالميون، من بينهم الممثل السير إيان ماكيلين، الممثل بينيديكت كامبرباتش، الممثلة تيلدا سوينتون، الممثل جوش أوكونور، الممثل مارك رافالو، والمذيع ولاعب كرة القدم السابق غاري لينيكر.

وشملت القائمة أسماء موسيقية كبيرة مثل الموسيقي ستينغ، والموسيقي بول سيمون، والموسيقي برايان إينو، والمغنية آني لينوكس، إضافة إلى الإعلامي ستيفن فراي، وكاتبة وبرامج الطهو ديليا سميث، كما ظهر في الرسالة المخرج السير ريتشارد آير، والفنان آي ويوي، ورجل الأعمال السير ريتشارد برانسون.

23 عامًا في السجن

أمضى البرغوثي، البالغ من العمر 66 عامًا، 23 عامًا في السجن بعد محاكمة وصفها خبراء قانونيون بأنها معيبة، رغم أنه كان نائبًا منتخبًا في البرلمان وقت اعتقاله، ولا يزال يحظى بشعبية فلسطينية واسعة ويتصدر استطلاعات الرأي كخيار للشعب للقيادة.

وذكرت "الغارديان" أن الرفض الإسرائيلي لإطلاق سراحه لا يبدو مرتبطًا بتقييم استخباراتي يشير إلى تهديده لأمن إسرائيل، بل بالتأثير الذي قد يمارسه في توحيد الفصائل الفلسطينية ودفع عجلة حل الدولتين.

وحذّرت الصحيفة البريطانية من استعداد الحكومة الإسرائيلية لإقرار قوانين تسمح بفرض عقوبة الإعدام على السجناء الفلسطينيين، وهو قانون قد يشمل البرغوثي، وربطت الصحيفة ذلك بالسياق السياسي بعد وقف إطلاق النار الأخير في غزة، مشيرة إلى أن قرار الأمم المتحدة بإنشاء قوة دولية لحفظ الاستقرار داخل القطاع لم يلقَ استجابة واسعة من الدول بسبب مخاوف الاصطدام مع حماس بشأن نزع السلاح، وهو شرط إسرائيلي لمغادرة القطاع.

وأوضحت أن معظم منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية الكبرى رفضت قرار الأمم المتحدة بشأن القوة الدولية، وهو ملف سيضطر البرغوثي للتعامل معه في حال الإفراج عنه.

الأصوات الثقافية

أكد الموسيقي البريطاني برايان إينو أن "الأصوات الثقافية قادرة على تغيير مسار السياسة"، معتبرًا أن الإفراج عنه سيكون "نقطة تحول في هذا النضال الطويل"، وأشارت الروائية والمحامية البريطانية الفلسطينية سلمى الدباغ إلى أن محاكمة البرغوثي اعتُبرت زائفة، وأن الاتحاد البرلماني الدولي خلص إلى وجود "عيوب خطيرة"، معتبرة أن إطلاق سراحه خطوة حاسمة في تمكين الفلسطينيين من اختيار قيادتهم.

ومن جانبها وثّقت "فايننشيال تايمز" واقع السجن الذي يقبع فيه البرغوثي، مركّزة على سنوات الحبس الانفرادي والانتهاكات الموثقة من معتقلين مفرج عنهم، وأشارت الصحيفة إلى أن أول ظهور علني له منذ سنوات كان عبر فيديو مدته 13 ثانية نشرته قنوات تيليغرام يمينية، يظهر فيه وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير وهو يقول له: "لن تنتصر".

وسردت الصحيفة خلفية تاريخية للبرغوثي، موضحة أنه رُحّل إلى الأردن في ثمانينيات القرن الماضي، وقاد المقاومة المسلحة خلال الانتفاضة الثانية، ونظّم دروسًا جامعية داخل السجن، واعتمد خيار حل الدولتين.

وذكرت الصحيفة أن محكمة إسرائيلية حكمت عليه عام 2002 بخمسة أحكام بالسجن المؤبد و40 عامًا، بعد رفضه تقديم دفاع ورفض الاعتراف بالسلطة القضائية، مع إبراز أن تأثيره الشعبي دفع إسرائيل لرفض إدراجه ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، رغم الإفراج عن نحو 2000 سجين.

وأشار العميد الإسرائيلي المتقاعد أمير أفيفي إلى أن "إسرائيل مستعدة للإفراج عن أشخاص ارتكبوا أفعالًا سيئة للغاية، ولكن ليس عن المشاهير"، مضيفًا أن "القادة المؤثرين مثل البرغوثي سيزيدون من التحريض ويزعزعون الوضع الأمني".

الدور القطري في الوساطة

رصدت الصحيفة الدور القطري في الوساطة، وأبرزت تصريحات عرب البرغوثي، نجل مروان، أن السياسة الفلسطينية بحاجة إلى تجديد، وأن والده "شخص يمكن أن يكون صوت العقل".

وأشارت "فايننشيال تايمز" إلى صورة البرغوثي لدى الجمهور الفلسطيني، باعتباره رمزًا ثابتًا منذ مشاركته في وثيقة المصالحة بين الفصائل عام 2006.

وأبرزت الصحيفة تدهور أوضاع السجون الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر 2023، وأكدت شهادات منظمات حقوق الإنسان ومبلغين طبيين وسجناء سابقين عن الاعتداءات، وتقليص حصص الطعام، وزيادة الاكتظاظ، بالإضافة إلى وفاة ما لا يقل عن 70 شخصًا، وسردت شهادات لسجناء شاهدوا البرغوثي بعد تعرضه للضرب أثناء نقله إلى زنزانة أخرى، فيما نفت مصلحة السجون الإسرائيلية تلك الادعاءات.

حملة شعبية وفنية

أطلقت حملة شعبية وفنية في لندن من أجل إدراج البرغوثي ضمن أي اتفاق مستقبلي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وفق ما نقلت "عرب نيوز" وقاد الحملة عائلته وعدد من المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة المتحدة، بهدف جعل قضيته جزءًا أساسيًا من المرحلة التالية للاتفاق.

وظهرت جداريات تحمل عبارة "الحرية لمروان" في شوارع لندن، بالإضافة إلى تركيب فني ضخم في قرية كوبر بالضفة الغربية، بتنسيق من كالوم هول، مؤسس شركة الاستشارات الإبداعية "كرييتيف ديبوتس".

وأكدت الصحيفة أن البرغوثي يتصدر بانتظام استطلاعات الرأي كزعيم محتمل للدولة الفلسطينية المستقبلية، وأنه يقبع في السجن منذ 2004 بعد الحكم بخمسة مؤبدات و40 عامًا.

وأشارت إلى أنه أمضى فترة طويلة في الحبس الانفرادي، وحُرم من زيارة عائلته ثلاث سنوات، وتعرض لأربعة اعتداءات خطيرة منذ 2023، كما مُنع من زيارة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

كما ذكرت الصحيفة تهديد إيتمار بن غفير له بالإعدام عبر فيديو، في وقت يدفع فيه بن غفير نحو قانون يسمح بعقوبة الإعدام للسجناء بتهم "دوافع قومية"، وأكدت مقاومة إسرائيل لإطلاق سراحه رغم ضغوط حماس ودول الخليج، حتى تلميح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتدخل للإفراج عنه.

ونقلت الصحيفة تصريحات زوجته فدوى البرغوثي حول التزامه بحل الدولتين للعيش بسلام، وأقوال نجلها عرب البرغوثي حول الأمل الذي تمنحه هذه الحملة، معتبرًا أنها دعوة لإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين.

قضية الأسرى الفلسطينيين

أبرز هذا الإجماع الثقافي والإعلامي، كما تظهره المصادر الثلاثة، النقاش الدولي حول قضية الأسرى الفلسطينيين من منظور حقوقي، حيث يضع الحق في المحاكمة العادلة، والحق في عدم التعرض للتعذيب، والحق في التمثيل السياسي في قلب النقاش

حدّدت "فايننشيال تايمز" الأبعاد القانونية والسياسية لسجنه، بينما وثّقت "عرب نيوز" أثر الحملة الشعبية في أوروبا، فيما وضعت "الغارديان" قضية البرغوثي في سياق أوسع يشمل تراجع فرص حل الدولتين، وتدهور الأوضاع في السجون، والفجوة بين الشارع الفلسطيني وقيادته السياسية.

وخلصت التغطيات إلى أن قضية البرغوثي تمثل رمزًا لمدى إمكانية إحراز تقدم في مسار السلام، ومدى التزام المجتمع الدولي بمبادئ حقوق الإنسان أثناء النزاعات الطويلة، وبقدرة الأصوات الثقافية العالمية على إعادة توجيه السياسات عبر الضغط الأخلاقي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية