بعد التهديد بإجراءات انتقامية.. اعتراف فرنسا بفلسطين يؤزم العلاقات مع إسرائيل

بعد التهديد بإجراءات انتقامية.. اعتراف فرنسا بفلسطين يؤزم العلاقات مع إسرائيل
الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون

أشعل إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المرتقب بعد غد الاثنين، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، أزمة دبلوماسية جديدة مع إسرائيل التي سارعت إلى إدانة القرار واعتباره تهديداً مباشراً لمصالحها.

وأبدت الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، غضباً شديداً من هذه الخطوة، معتبرة أنها تصبّ في صالح حركة حماس وتؤجّج "معاداة السامية"، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم السبت. 

وكان نتنياهو قد اتهم في أغسطس الماضي ماكرون بـ"اللعب بالنار" عبر دعمه حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وهو ما أثار بدوره استياءً عميقاً في الأوساط الفرنسية الرسمية والشعبية التي رأت في هذه التصريحات إهانة لفرنسا بأكملها.

خيارات إسرائيلية للرد

وهدّدت إسرائيل قبل صدور الاعتراف رسمياً باتخاذ إجراءات انتقامية، أبرزها ضمّ أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، وهو ما اعتبره قصر الإليزيه "خطاً أحمر واضحاً". 

وناقشت تل أبيب إمكانية إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس أو تقليص التعاون العسكري مع باريس. 

وأوضح دبلوماسيون أن هذه الخطوات، رغم خطورتها، لن تصل إلى مستوى القطيعة الكاملة، لكنها ستفتح الباب لمواجهات كلامية وسياسية علنية بين البلدين.

تلويح بالمعاملة بالمثل

في المقابل، أبقى المسؤولون الفرنسيون على قدر من التحفّظ بشأن الإجراءات المضادة التي يمكن اللجوء إليها، مؤكدين أنّ الرد سيكون متوازناً ويرتكز على مبدأ المعاملة بالمثل. 

وأشار خبراء إلى احتمال فرض قيود على التأشيرات الدبلوماسية الإسرائيلية في باريس، خاصة أن عدداً كبيراً من حاملي هذه الجوازات مرتبطون بأجهزة الاستخبارات. 

وشددت وزارة الخارجية الفرنسية على أنها "لن تساوم أبداً" في مسألة أمن السفارات الأجنبية، مؤكدة استمرار توفير الحماية اللازمة للسفير الإسرائيلي في باريس.

قلق على الفلسطينيين

وحذّرت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط أنييس لوفالوا من أن أي تصعيد بين باريس وتل أبيب قد يدفع الفلسطينيين ثمنه الباهظ، خصوصاً إذا مضت إسرائيل نحو ضمّ أراضٍ جديدة أو أقدمت على إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس، التي تمثل شريان تواصل أساسياً مع الفلسطينيين. 

وأكدت أن الخاسر الأكبر في هذه الأزمة سيكون الشعب الفلسطيني الذي يعيش أصلاً تحت وطأة الاحتلال والاستيطان.

وفي خضم الأزمة، صادقت الحكومة الإسرائيلية في أغسطس الماضي على بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، وهو ما عدّه ماكرون دليلاً على أن "المشروع السياسي لإسرائيل لا يهدف إلى تفكيك حماس بقدر ما يهدف إلى القضاء على أي إمكانية لقيام دولتين". 

وأكد الرئيس الفرنسي أن الضفة الغربية "لا علاقة لها بحماس"، واصفاً سياسة التوسع الاستيطاني بأنها "ظلم وغير مسؤول".

العلاقات الفرنسية الإسرائيلية

رأى السفير الفرنسي السابق جيرار أرو أن الاعتراف بدولة فلسطين سيترك أثراً دائماً في العلاقات الفرنسية الإسرائيلية، معتبراً أن فرنسا لطالما اعتُبرت في نظر قطاعات واسعة من الإسرائيليين "بلداً معادياً لإسرائيل وصديقاً للفلسطينيين". 

ومن جانبه، أقرّ السفير الإسرائيلي في باريس جوشوا زاركا بعمق الأزمة، لكنه شدد على أن هدفه يبقى "تهدئة الأجواء في أسرع وقت ممكن".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية