المغاربة في صدارة الضحايا.. شبكة استغلال مهاجرين تسقط في إسبانيا
المغاربة في صدارة الضحايا.. شبكة استغلال مهاجرين تسقط في إسبانيا
أعلنت السلطات الإسبانية عن تفكيك شبكة واسعة للاستغلال والاتجار بالبشر بعد كشفها عمليات تشغيل قسري طالت 322 مهاجراً داخل ضيعات فلاحية في عدد من الأقاليم، وكان بين الضحايا عدد كبير من المهاجرين المغاربة الذين وجدوا أنفسهم يعملون في ظروف قاسية مقابل أجور زهيدة، بعد دخولهم إلى إسبانيا بطريقة تبدو في ظاهرها قانونية عبر تأشيرات سياحية، وأسفرت العملية الأمنية عن توقيف 11 شخصاً، في خطوة اعتبرتها السلطات من أبرز ضربات السنوات الأخيرة ضد الاستغلال الممنهج للعمال الأجانب.
بدأت خيوط القضية حين رصدت الشرطة الوطنية والحرس المدني في إسبانيا نشاط شركات وسيطة تقدم نفسها بوصفها وكالات توظيف دولية، غير أنها كانت في الواقع قناة لاستقدام المهاجرين عبر تأشيرات سياحية قصيرة الأمد، وبمجرد دخولهم إلى إسبانيا يتم سحب جوازات سفرهم منهم بحجة تسوية أوضاعهم المهنية، قبل نقلهم إلى ضيعات فلاحية في ألباثيتي وفالنسيا وسرقسطة، وتشير التحقيقات إلى أن المغاربة كانوا في مقدمة الجنسيات المستهدفة إلى جانب مهاجرين من نيبال وبنغلاديش، مستغلين هشاشة أوضاعهم الاقتصادية ورغبتهم في إيجاد فرصة عمل سريعة وفق شبكة "مغرب تايمز" الإخبارية.
ظروف عمل مهينة
خلال الشهور الماضية، كشف الضحايا عن نمط استغلال قاسٍ فرض عليهم ساعات عمل طويلة تصل إلى اثنتي عشرة ساعة يومياً مقابل أجور هزيلة أو غير منتظمة، كما جرى إيواؤهم في مساكن مزدحمة تفتقر إلى التهوية والمرافق الأساسية، حيث كان عشرات يعيشون داخل غرف لا تصلح للسكن، وتحدث ضحايا مغاربة عن خوف دائم من الترحيل وعن ضغط نفسي كبير نتيجة عجزهم عن الهرب أو التبليغ، خاصة بعد تهديدات متكررة من أفراد الشبكة بإبلاغ السلطات عن وضعهم الإداري غير المستقر.
أظهرت التحقيقات أن مركز قيادة هذه المنظمة كان في برشلونة، حيث يديرها أشخاص من أصول باكستانية ومغربية أنشؤوا شركات لتكون واجهة لتمويه أنشطتهم، كما تم استخدام حسابات بنكية متعددة وهويات مزورة لإخفاء العائدات المتأتية من استغلال العمال الذين تحول حلمهم بالهجرة إلى ما يشبه عبودية حديثة داخل أوروبا، وكانت هذه الشركات تحصل على مبالغ مالية ضخمة عبر فرض رسوم غير قانونية على المهاجرين، وإجبارهم على العمل دون عقود أو تأمين.
استجابة إنسانية عاجلة
فور تفكيك الشبكة، فعلت السلطات الإسبانية آليات عاجلة لإيواء الضحايا بالتنسيق مع الصليب الأحمر، شملت تقديم الغذاء والملابس والرعاية الطبية ونقل بعض المهاجرين إلى مدن يتوفر فيها أقارب لهم، كما بدأت الجهات الرسمية دراسة إمكانية تسوية وضعية عدد منهم بصفتهم ضحايا اتجار بالبشر، وهو ما قد يمنحهم حق الإقامة والحماية القانونية، وتعد شهاداتهم ركناً أساسياً في استكمال الملف القضائي وفهم تفاصيل عمليات التجنيد والاستغلال.
تعد قضية استغلال العمال الأجانب في الضيعات الإسبانية واحدة من الملفات الشائكة المرتبطة بقطاع الزراعة الذي يعتمد بشكل كبير على اليد العاملة القادمة من خارج الاتحاد الأوروبي، وتشير تقارير حقوقية إلى أن الضغوط الاقتصادية وغياب الرقابة يجعل هذا القطاع أرضاً خصبة لشبكات الوساطة غير القانونية التي تستغل حاجة المهاجرين للعمل، ويعتمد كثير من الضيعات على عمال موسميين قد يصل عددهم إلى مئات الآلاف سنوياً، ما يجعل مراقبة ظروف تشغيلهم مسؤولية مستمرة ومعقدة. وتُسجل المنظمات الحقوقية بانتظام حالات استغلال مشابهة، خصوصاً في مناطق الأندلس وشرق إسبانيا، حيث تعمل السلطات على تشديد التفتيش والحد من الشركات الوهمية التي تستغل التأشيرات قصيرة الأمد بوصفها مدخلاً للاتجار بالبشر.











