مسلحون يختطفون 13 مزارعاً من قرية مالاري في شمال شرق نيجيريا
مسلحون يختطفون 13 مزارعاً من قرية مالاري في شمال شرق نيجيريا
اختطفت مجموعة مسلحة 13 مزارعاً من قرية مالاري في منطقة كوندوغا شمال شرق نيجيريا، مساء السبت، في حادثة جديدة تُضاف إلى سلسلة متصاعدة من عمليات الخطف التي باتت تهدد الأمن المجتمعي، خصوصاً في الولايات الواقعة على أطراف العاصمة الإقليمية مايدوغوري بولاية بورنو التي لم تلتقط أنفاسها بعد من آثار التمرد المسلح الذي تضرب جذوره في المنطقة منذ سنوات طويلة.
واقتحم مسلحون مجهولون، قرابة منتصف الليل، أطراف القرية، حيث كان عدد من المزارعين يرابطون في الحقول لري محاصيل البصل ومراقبة ماشيتهم، بحسب تصريح مسؤول محلي في كوندوغا لوكالة فرانس برس، فقاموا باختطاف 14 مزارعاً في البداية، قبل أن يتمكن أحدهم من الفرار لاحقاً، ليبقى 13 آخرون في قبضة الخاطفين.
وجاء هذا الهجوم المباغت في وقت يسوده الهدوء النسبي نهاراً، ما يعكس تكتيكاً متكرراً تتبعه الجماعات المسلحة التي تستغل الظلام وضعف الوجود الأمني في المناطق الريفية لتنفيذ عملياتها دون مقاومة تُذكر.
وتبعد منطقة كوندوغا نحو 35 كيلومتراً فقط عن مايدوغوري، عاصمة ولاية بورنو، وهي مدينة كانت لسنوات طويلة مركزاً للمواجهات بين الجيش النيجيري وجماعة بوكو حرام المتشددة، قبل أن تتراجع حدة المعارك فيها ظاهرياً، في حين انتقلت أنماط العنف إلى القرى والأرياف، حيث تفتقر المجتمعات المحلية لأبسط وسائل الحماية.
خلفية أمنية معقدة
عادت، خلال الأسبوعين الماضيين، ظاهرة الخطف الجماعي إلى الواجهة بقوة في مختلف أنحاء نيجيريا، حيث شهدت ولايات أخرى حوادث مروعة، منها خطف أكثر من 300 تلميذ من مدرسة كاثوليكية في ولاية النيجر، وخطف 38 مصلّياً من كنيسة في ولاية كوارا، قبل أن يُفرج عنهم لاحقاً، ما أثار موجة قلق واسعة في أوساط الأهالي والمنظمات المدنية.
وأعلن، في نهاية نوفمبر، الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو حالة الطوارئ الأمنية على مستوى البلاد، وأمر بنشر عشرات الآلاف من عناصر الشرطة والجيش لمحاولة احتواء الانفلات الأمني، غير أن الوقائع الأخيرة تشير إلى أن هذه الإجراءات لم تُترجم بعد إلى تحسّن ملموس في حماية المدنيين، خصوصاً في المناطق البعيدة عن المراكز الحضرية الكبرى.
وتشهد ولاية بورنو، منذ أكثر من 16 عاماً، حالة من عدم الاستقرار بسبب تمرد جماعة بوكو حرام الذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، وتدمير قرى بأكملها، ما جعل سكان الريف يعيشون بين مطرقة الإرهاب وسندان الفقر والجوع.
فدية وسلاح الترهيب
فرضت عصابات الخطف التي تُعرف محلياً باسم "قطاع الطرق"، وجودها بوصفها طرفاً رئيسياً في المشهد الأمني النيجيري، إذ باتت تمارس عمليات منظمة تستهدف المزارعين والرعاة والتلاميذ والمسافرين، بهدف الحصول على فدية مالية، وهي تجارة مزدهرة في ظل غياب الرقابة والقدرة على الملاحقة.
وأكد تيجاني أحمد، وهو قائد ميليشيا محلية مناهضة للمتطرفين في منطقة كوندوغا، أن الخاطفين تواصلوا مع جهات محلية وطالبوا بدفع فدية مقابل الإفراج عن المزارعين المختطفين.
وتُظهر هذه الحادثة بوضوح أن الخطر لم يعد محصوراً في الجماعات المتشددة ذات الأجندات الأيديولوجية، بل باتت الجريمة المنظمة القائمة على الابتزاز والعنف تشكل تهديداً مركزياً للأمن القومي ولحياة المدنيين البسطاء الذين يجدون أنفسهم وحدهم في مواجهة المجهول.
وتبقى أسر المختطفين في حالة ترقّب وخوف، وسط غياب أي معلومات رسمية دقيقة حول مصير ذويهم، في وقت تثير فيه هذه الحادثة تساؤلات متزايدة حول قدرة الدولة على حماية مواطنيها، وإعادة الثقة إلى مجتمعات أنهكتها سنوات طويلة من العنف والفوضى.











