جدد مخاوف العنف الطائفي.. تفجير مسجد في حمص يسفر عن سقوط قتلى وجرحى

جدد مخاوف العنف الطائفي.. تفجير مسجد في حمص يسفر عن سقوط قتلى وجرحى
آثار الحادث في المسجد

هزّ انفجار عنيف مدينة حمص اليوم الجمعة، مخلفا حصيلة أولية من الضحايا المدنيين، في حادثة أعادت إلى الواجهة الهواجس العميقة المرتبطة بأمن دور العبادة وسلامة المدنيين في سوريا، فقد قتل 6 أشخاص وأصيب نحو 20 آخرين بجراح متفاوتة، جراء انفجار وقع داخل مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب، أحد أحياء المدينة التي تقطنها غالبية من أبناء الطائفة العلوية.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن مصادر محلية أوضحت أن الانفجار وقع أثناء وجود عدد من المصلين داخل المسجد، ما تسبب بحالة من الذعر والفوضى في المكان ومحيطه، في حين جرى نقل المصابين على وجه السرعة إلى المستشفيات القريبة لتلقي العلاج، وسط تأكيدات طبية بأن بعض الإصابات وصفت بالخطيرة.

لحظات رعب داخل المسجد

ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان وقوع الانفجار داخل مسجد الإمام علي في منطقة وادي الذهب، مشيرا إلى أن طبيعة الانفجار لا تزال غير واضحة حتى الآن، وما إذا كان ناجما عن هجوم انتحاري أو عن تفجير عبوة ناسفة جرى زرعها داخل المسجد أو في محيطه.

وبحسب المعلومات الأولية، تسبب الانفجار في سقوط قتلى وجرحى، فيما هرعت سيارات الإسعاف والدفاع المدني إلى المكان، وسط إطلاق قوى الأمن العام النار في الهواء لتفريق التجمعات وتأمين محيط المسجد.

وأكد شهود عيان أن أصوات الانفجار ترددت في أحياء مجاورة، ما أثار حالة من الهلع بين السكان، ودفع العديد من الأهالي إلى التزام منازلهم خشية تدهور الوضع الأمني.

نداءات إنسانية من الأهالي

وعقب وقوع الانفجار، أطلق أهالي حمص وحي وادي الذهب نداءات عاجلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دعوا فيها أصحاب السيارات الخاصة إلى التوجه فورا إلى مسجد الإمام علي بن أبي طالب للمساعدة في نقل المصابين والجرحى إلى المستشفيات، في ظل الضغط الكبير على سيارات الإسعاف.

وشكّلت هذه المبادرات الشعبية مشهدا إنسانيا لافتا، حيث سارع عدد من المواطنين إلى تقديم العون، في وقت كانت فيه عائلات الضحايا تعيش لحظات صدمة وقلق بانتظار الاطمئنان على أبنائها.

سلسلة اعتداءات سابقة على دور العبادة

وليس هذا الحادث معزولا عن سياق أوسع من الاعتداءات التي طالت دور عبادة في سوريا خلال الفترة الماضية. فقد سبق أن وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان هجوما انتحاريا استهدف كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في حي الدويلعة بدمشق بتاريخ 22 يونيو 2025.

في ذلك الهجوم، اقتحم مسلح الكنيسة أثناء إقامة القداس، وأطلق النار على المصلين قبل أن يفجر حزامه الناسف، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 25 شخصا وإصابة أكثر من 60 آخرين بجروح متفاوتة. وقد تبنت الهجوم جماعة تطلق على نفسها اسم سرايا أنصار السنة، والتي يعتقد أنها مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية.

كما شهد حي القصاع في دمشق، مطلع شهر أكتوبر الماضي، حادثة تخريب داخل كنيسة القديس كيرلس، حيث أقدم مجهولون على تحطيم تمثال للسيدة العذراء، ما أثار موجة استياء واسعة في الأوساط الشعبية والدينية.

وفي مطلع الشهر الجاري، جرى توثيق حادثة إحراق كنيسة القديس ميخائيل، ووصفت حينها بأنها الثانية من نوعها خلال أسابيع قليلة، في ظل سياق أمني مضطرب، إضافة إلى ذلك، سُجلت كتابات تهديد وتحريض طائفي على جدران كنائس في ريف دمشق، فضلا عن اعتداءات طالت رموزا دينية ومقابر مسيحية.

قلق من تصاعد العنف الطائفي

تثير هذه الحوادث المتتالية مخاوف جدية من عودة العنف الطائفي إلى الواجهة، خاصة مع استهداف أماكن ذات رمزية دينية، وما يحمله ذلك من تداعيات اجتماعية خطيرة، ويحذر ناشطون وحقوقيون من أن استمرار هذا النمط من الهجمات يهدد ما تبقى من النسيج الاجتماعي، ويغذي مشاعر الخوف وعدم الثقة بين مكونات المجتمع السوري.

وفي ظل غياب معلومات رسمية واضحة حتى الآن حول ملابسات انفجار مسجد وادي الذهب والجهة المسؤولة عنه، تتزايد الدعوات إلى ضرورة إجراء تحقيقات شفافة وسريعة، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وضمان حماية دور العبادة من أي اعتداءات مستقبلية.

شهدت سوريا خلال السنوات الماضية سلسلة من الهجمات التي استهدفت مدنيين وأماكن عبادة من مختلف الطوائف، في سياق صراع معقد تداخلت فيه الأبعاد السياسية والأمنية والطائفية، ورغم تراجع حدة العمليات العسكرية الواسعة في بعض المناطق، لا تزال الهجمات المتفرقة تشكل تهديدا حقيقيا لحياة المدنيين، ويؤكد مراقبون أن حماية دور العبادة تعد اختبارا حقيقيا لقدرة الجهات المسؤولة على فرض الأمن ومنع عودة الفوضى، خاصة في ظل تصاعد خطاب الكراهية والتحريض، ووجود جماعات متطرفة تسعى إلى استثمار أي فراغ أمني لإعادة إنتاج العنف.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية