القضاء الماليزي يدين رئيس الوزراء السابق في قضية فساد مالي
القضاء الماليزي يدين رئيس الوزراء السابق في قضية فساد مالي
أدانت المحكمة العليا في ماليزيا رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق في قضية الفساد المرتبطة بصندوق التنمية الماليزي المعروف باسم 1 إم دي بي، في تطور قضائي بالغ الأهمية يعيد إلى الواجهة واحدة من أكبر الفضائح المالية التي شهدتها البلاد وأثارت صدمة واسعة داخل ماليزيا وخارجها.
وقضت المحكمة الجمعة بإدانة نجيب عبد الرزاق، البالغ من العمر 72 عاما، بارتكاب 4 جرائم تتعلق بإساءة استغلال السلطة وخيانة الأمانة، بعد ثبوت تورطه في تحويل أموال عامة إلى حساباته الشخصية أثناء توليه رئاسة الحكومة الماليزية، وفق وكالة "أسوشيتدبرس".
تفاصيل الاتهامات والأموال المحولة
وبحسب ما عرضته النيابة العامة خلال جلسات المحاكمة، فإن نجيب عبد الرزاق قام بسحب أكثر من 700 مليون دولار من أموال صندوق 1 إم دي بي السيادي، وأودعها في حسابات مصرفية خاصة تعود له، مستغلا نفوذه السياسي وموقعه الرسمي في إدارة شؤون الدولة.
واعتبرت المحكمة أن هذه التصرفات تشكل انتهاكا صارخا للقانون، وتندرج ضمن إساءة استخدام السلطة لتحقيق منافع شخصية، وهو ما قوّض الثقة العامة بمؤسسات الدولة وألحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد الماليزي.
قضايا أخرى بانتظار الأحكام
ومن المقرر أن تصدر المحكمة في ماليزيا خلال وقت لاحق اليوم الجمعة أحكاما إضافية بحق نجيب عبد الرزاق في قضايا أخرى منفصلة تتعلق بغسيل الأموال، في إطار سلسلة من المحاكمات المستمرة منذ سنوات، والتي تشمل اتهامات متعددة بتمرير أموال مشبوهة عبر النظام المالي المحلي والدولي.
وتشير مصادر قضائية إلى أن هذه الأحكام قد تفتح الباب أمام تشديد العقوبات بحق رئيس الوزراء السابق، في حال ثبوت إدانته في باقي التهم المنسوبة إليه.
نفي مستمر وجدال سياسي
رغم الأحكام الصادرة، يواصل نجيب عبد الرزاق نفي جميع التهم الموجهة إليه، مؤكدا أن الأموال التي دخلت حساباته البنكية لم تكن مسروقة من صندوق 1 إم دي بي، بل تبرعات سياسية، وهو ادعاء أثار جدلا واسعا منذ ظهوره للمرة الأولى، ولم تقنع روايته القضاء الماليزي.
وكان نجيب قد أكد مرارا أن القضية ذات دوافع سياسية، في حين شددت السلطات القضائية على استقلالية التحقيقات والأحكام الصادرة، معتبرة أن الأدلة المالية والوثائق المصرفية المقدمة كافية لإثبات التهم.
فضيحة 1 إم دي بي
تأسس صندوق التنمية الماليزي 1 إم دي بي عام 2009 كصندوق سيادي يهدف إلى دعم مشاريع التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية، غير أن الصندوق تحوّل خلال سنوات قليلة إلى محور فضيحة فساد عالمية، بعد الكشف عن اختفاء مليارات الدولارات من أمواله عبر شبكات معقدة من التحويلات المالية والحسابات الوهمية في عدة دول.
وأظهرت التحقيقات أن جزءا من هذه الأموال استخدم لشراء عقارات فاخرة، ويخوت، وأعمال فنية، إضافة إلى تمويل أنماط حياة بذخية لعدد من المتورطين، وامتدت التحقيقات إلى دول عدة، من بينها الولايات المتحدة وسويسرا وسنغافورة، حيث تمت مصادرة أصول بمئات الملايين من الدولارات.
تداعيات سياسية وتاريخية
أدت الفضيحة إلى هز المشهد السياسي في ماليزيا، وكانت أحد الأسباب الرئيسية في خسارة نجيب عبد الرزاق وحزبه الحاكم السلطة خلال انتخابات عام 2018، في تحول تاريخي أنهى عقودا من هيمنة سياسية متواصلة.
وتُعد إدانة نجيب اليوم محطة مفصلية في مسار محاسبة المسؤولين المتورطين في قضايا الفساد الكبرى، ورسالة قوية عن دور القضاء في استعادة ثقة الشارع الماليزي، وسط مطالب شعبية متزايدة بتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وحماية المال العام.











