تقارير أممية ترصد انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في "إفريقيا الوسطى"

تقارير أممية ترصد انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في "إفريقيا الوسطى"

أصدر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تقريرين عن "أحداث مقلقة للغاية" في جمهورية إفريقيا الوسطى، يوضح أحدهما بالتفصيل هجوما وحشيا منظما شنّته ميليشيات موالية للحكومة على إحدى القرى، بينما يصف الثاني كيف ارتكبت جماعات مسلحة معيّنة أعمال عنف جنسي متكررة بطريقة منهجية وواسعة النطاق.

ووفقا لما نشره الموقع الرسمي لأخبار الأمم المتحدة، يستند تقريرا مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى تحقيقات أجراها قسم حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى (مينوسكا).

قتل واغتصاب وإحراق منازل 

يصف التقرير الأول كيف نفذت ميليشيا مكوّنة من مقاتلين كانوا في السابق جزءا من ميليشيا تُعرف باسم "أنتي بالاكا" هجوما على قرية بويو في محافظة أواكا في الفترة الواقعة بين 6 و13 ديسمبر 2021.

ويخلص التقرير إلى مقتل ما لا يقل عن 20 مدنيا، واغتصاب خمس نساء وفتيات، وإحراق ونهب نحو 547 منزلا، وإجبار أكثر من ألف قروي على الفرار.

وقالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت: “أدين بشدة هذه الأعمال المروّعة.. يجب على الحكومة وضع حدّ لجميع الانتهاكات، سواء من قبل قواتها أو الميليشيات الموالية للحكومة أو المتعاقدين العسكريين الأجانب الخاصّين، ومحاسبة جميع المتورطين بشكل مباشر وغير مباشر”.

بحسب التقرير، استخدمت الميليشيات المناجل في هجومها على المدنيين العزل، كما احتجزت عدة مئات من المدنيين لمدة ثلاثة أيام في مسجد القرية وهددت بقتلهم.

ويرجّح التقرير أن الهجوم قد تم لاستهداف ومعاقبة الجالية المسلمة في بويو، والتي كان يُنظر إليها على أنها داعمة لـ"وحدة السلام في جمهورية أفريقيا الوسطى" (UPC)– وهي جماعة مسلحة تقاتل الحكومة.

ويُعدّ هجوم بويو من الأحداث الأولى التي وقعت خلال النزاع المسلح طويل الأمد عندما قامت الحكومة، بالاشتراك مع أعضاء الشركات العسكرية الخاصة، بحسب التقارير، بتدريب وتسليح الشباب المجنّدين محليا وإنشاء ميليشيات لدخول القرى الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة.

وبفضل معرفتهم بالمنطقة، تمكّن المجنّدون المحليون من الوصول إلى قرية بويو النائية سيرا على الأقدام وتحديد ضحاياهم، واستنادا إلى روايات شهود متعددة، حدّد التقرير "رؤساء مناطق" هم من المنتمين سابقا لأنتي بالاكا في المنطقة باعتبارهم مسؤولين عن معظم الحوادث الموّثقة.

ويخلص التقرير إلى أن الأفعال التي ارتُكبت في بويو قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

تقول مديرة قسم حقوق الإنسان في بعثة مينوسكا، حنان طالبي: “نظرا لأن هؤلاء الوكلاء هم مقاتلون سابقون من مختلف الجماعات المسلحة أو أنتي بالاكا، فإن العواقب المحتملة للتعايش السلمي بين المجتمعات في جمهورية إفريقيا الوسطى تثير القلق بشدة”.

العنف الجنسي المرتبط بالنزاع

يستند التقرير الثاني إلى أربع بعثات استقصائية في محافظتي مبومو وهوت- كوتو، بالإضافة إلى أعمال المراقبة وإعداد التقارير المنتظمة لأقسام حقوق الإنسان.

ويشرح بالتفصيل العنف الجنسي المرتبط بالنزاع المرتكب من ديسمبر 2020 إلى أوائل مارس 2022 من قبل أعضاء الجبهة الشعبية لنهضة إفريقيا الوسطى (FPRC) ووحدة السلام في جمهورية إفريقيا الوسطى، وكلاهما تابع لتحالف الوطنيين من أجل التغيير (CPC).

ويتألف التحالف من ست مجموعات مسلحة، وقّعت على اتفاق السلام في 6 فبراير 2019، لكنّها تبرّأت منه لاحقا وقررت مقاطعة انتخابات 27 ديسمبر 2020 بعنف ومحاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة.

وتمكّن التحالف من السيطرة على عدّة مناطق، بما في ذلك محافظتا مبومو وهوت- كوتو، وهي منطقة غنية بالموارد الطبيعية مثل اليورانيوم والذهب والألماس، وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وانتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، ولاسيّما العنف الجنسي.

وبحسب ما ذكره التقرير، "تؤكد حالات العنف الجنسي التي وثّقتها بعثة مينوسكا في مبومو وهوت- كوتو أن الجبهة الشعبية لنهضة إفريقيا الوسطى ووحدة السلام في جمهورية إفريقيا الوسطى ارتكبتا عنفا جنسيا مرتبطا بالنزاع بطريقة منهجية وواسعة النطاق."

وفقا للمعلومات التي تم جمعها خلال الفترة المشمولة بالتقرير، وقعت 245 امرأة وفتاة ضحايا للعنف الجنسي، وتعرّض معظمهن للاغتصاب الجماعي، وتتراوح أعمارهن بين ثمانية أعوام و55 عاما.

وقال التقرير إن النساء أيضا تعرّضن للاغتصاب أثناء ذهابهن إلى الأدغال أو إلى السوق للبحث عن الطعام، كما تبحث المجموعات المسلحة من الجبهة الشعبية لنهضة أفريقيا الوسطى عن النساء الصغيرات والفتيات في منازلهن حيث يتم أخذهن إلى القواعد، ويتعرّض للاغتصاب أو الاغتصاب الجماعي، وتم الإفراج عن بعض الضحايا، بينما تم الاحتفاظ بأخريات كرقيق جنسي وتعرّضن للاغتصاب المتكرر لأيام متتالية.

وقالت باشيليت: "هذا المستوى غير المسبوق من العنف الجنسي في جمهورية إفريقيا الوسطى صادم ويفطر القلوب"، وأضافت، أن القصص الوحشية التي سردها ضحايا الاستعباد والعنف الجنسي تصوّر جرائم ما كان ينبغي لها أن تحدث.

وقالت: “رغم ذلك، من المثير للقلق أنها لم تحدث فحسب، بل لا تزال تُرتكب.. هذه الفظائع غير مقبولة على الإطلاق ويجب وضع حدّ لها على الفور”.

وحثّت الحكومة على اتخاذ إجراءات عاجلة، بما يتماشى بالكامل مع القانون الدولي، لاستعادة السيطرة على المنطقة بأسرها وإعادة بسط سلطة الدولة في ظل سيادة القانون.

ويتضمن التقريران مجموعة من التوصيات، من بينها حثّ الجماعات المسلحة على وقف جميع الهجمات والأعمال الانتقامية ضد السكان المدنيين، بما في ذلك من خلال أعمال العنف الجنسي، وإلقاء أسلحتهم جانبا وإعادة الانخراط في عملية السلام باعتبارها المسار الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق السلام الدائم والمصالحة في جمهورية إفريقيا الوسطى.

وطالب التقريران بوضع تدابير ملموسة وفعّالة لحماية المدنيين ومنع انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان في المستقبل في المناطق المتضررة من العنف والنزاع المسلح.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية