"الحق في بيئة نظيفة".. الأمم المتحدة تؤيد قراراً يكافح الأزمة الثلاثية للأرض

"الحق في بيئة نظيفة".. الأمم المتحدة تؤيد قراراً يكافح الأزمة الثلاثية للأرض

أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشروع قرار يعترف بحق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، لمكافحة الأزمة الثلاثية لكوكب الأرض، والمتمثلة في تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث.

ووفق مركز إعلام الأمم المتحدة، قدمت كوستاريكا وجزر المالديف والمغرب وسلوفينيا وسويسرا، مسودة النص إلى الجمعية العامة (تضم 193 دولة) في يونيو الماضي، وذلك عقب تبني نص مماثل في أكتوبر 2021 من قبل المجلس الأممي لحقوق الإنسان.

وأيدت القرار 161 دولة، فيما امتنعت 8 دول عن التصويت هي الصين، روسيا، بيلاروس، كمبوديا، إيران، سوريا، قيرغيزستان، وإثيوبيا.

ويدعو القرار، حكومات الدول والمنظمات الدولية والشركات التجارية إلى تكثيف الجهود لضمان بيئة صحية ومستدامة للجميع، كحق إنساني أساسي للتمتع الكامل بجميع حقوق الإنسان.

بدوره، وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، القرار بـ"التاريخي" خاصة وأنه يبرهن على إمكانية أن تتحد الدول الأعضاء في النضال الجماعي ضد أزمة الكوكب الثلاثية المتمثلة في تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث البيئي.

وقال غوتيريش، في بيان، إن القرار "سيساعد في الحد من المظالم البيئية، وسد فجوات الحماية، وتمكين الأشخاص المعرضين للخطر في الأوضاع الهشة، بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان البيئية، والأطفال، والشباب، والنساء، والشعوب الأصلية".

وأضاف: "القرار سيساعد الدول أيضا على تسريع تنفيذ التزاماتها وتعهداتها المتعلقة بالبيئة وحقوق الإنسان، لقد أعطى المجتمع الدولي إقرارا عالميا بهذا الحق، وجعلنا أقرب إلى جعله حقيقة واقعة للجميع".

وأوضح أن اعتماد القرار "ليس سوى بداية"، وحث الدول على جعل هذا الحق المعترف به حديثا "حقيقة للجميع في كل مكان".

وأوضح المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان والبيئة، ديفيد بويد، أن "القرار أيضا يدعو أيضا الدول والمنظمات الدولية إلى اعتماد سياسات ومضاعفة الجهود لضمان بيئة نظيفة وصحية ومستدامة للجميع".

وأكد "أهمية القرار لمواجهة الأزمة البيئية الثلاثية التي يشهدها العالم وهي التغير المناخي السريع، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث السام المتفشي الذي يقتل 8 ملايين شخص سنويا".

وتابع: "العالم يحتاج إلى التحول بسرعة إلى الطاقة المتجددة والاقتصاد الدائري، وأن الحق في بيئة صحية هو أحد أقوى الأدوات التي يمكن من خلالها مساءلة الحكومات".

وقال ديفيد بويد: "رغم أن قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة قانونياً، لكن على الدول التزام أخلاقي، وذلك على غرار قرار الجمعية العامة عام 2010، بحق لكل إنسان في المياه والصرف الصحي، والذي دفع الكثير من الدول إلى تحديث البنية التحتية والصرف الصحي".

وشدد المسؤول الأممي على "ضرورة الاعتراف بالحق في بيئة صحية كحق عالمي من حقوق الإنسان، لأن حياة الكثيرين على هذا الكوكب تتأثر بأزمة المناخ والتدهور البيئي، ويتنفس المليارات من الأشخاص هواء ملوثا، مما يؤدي إلى تقليل متوسط العمر المتوقع".

ومضى قائلا: "لا يزال المليارات من الأشخاص حول العالم لا يحصلون على المياه النظيفة أو المياه الكافية، ولا يأكل المليارات من الناس حول العالم طعاما صحيا ومنتَجا بشكل مستدام".

وأكد بويد ضرورة التوعية بأن التنوع البيولوجي هو أساس الحياة على الكوكب، قائلا: "لولا النباتات والأشجار التي تنتج الأكسجين، لما كنا قادرين على التنفس، ولولا الأنظمة البيئية التي تعمل على تنقية المياه لكنا في ورطة كبيرة، إننا بحاجة إلى مناخ آمن وصالح للعيش من أجل البشر".

احتفاء عالمي

من جانبها، قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، تعقيبا على القرار، "يمثل اليوم يمثل لحظة تاريخية، لكن مجرد التأكيد على حقنا في بيئة صحية لا يكفي".

وأوضحت باشيليت في بيان، "يتعين على الدول تنفيذ التزاماتها الدولية وتكثيف جهودها لتحقيق ذلك، سوف نعاني جميعا من آثار أسوأ بكثير من الأزمات البيئية، إذا لم نعمل معا على تجنبها بشكل جماعي الآن".

وأضافت: "العمل البيئي القائم على التزامات حقوق الإنسان يوفر حواجز حماية للسياسات الاقتصادية ونماذج الأعمال في جميع دول العالم".

وبدورها، قالت كيارا ليغوري، الباحثة والمستشارة المعنية بالعدالة المناخية في منظمة العفو الدولية: "سيراقب العالم عن كثب تأكيد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مواقفها علنا بشأن مستقبل كوكب الأرض".

وأضافت ليغوري، في بيان، "من الجلي الواضح أن البيئة الصحية شرط أساسي للتمتع بجميع الحقوق الإنسانية الأخرى، فلن تكون هناك حرية أو مساواة عندما يصبح العالم الذي نعيش فيه محرقًا ومغرقًا وسامًا".

وأوضحت أن "حرائق الغابات والجفاف والفيضانات التي تسبب حاليًا الاضطرابات والمعاناة في جميع أنحاء العالم، هي مجرد عينة من الواقع المرير الذي يمكن أن نتوقعه إذا لم نغير المسار".

واختتمت كيارا ليغوري قائلة: "سيوفر القرار أيضًا أداة جديدة للمدافعين عن حقوق الإنسان البيئية الذين يعملون بلا كلل لحماية إخوانهم في الإنسانية من تأثير التدمير البيئي".

بصيص أمل

وفي السياق، قال الخبير الدولي في مجال البيئة، الدكتور مجدي علام، لـ"جسور بوست"، إن تأييد الأمم المتحدة لقرار الاعتراف بحق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، يعطي بصيصا من الأمل لكنه غير مؤثر نسبيا.

وأكد علام أن العبرة الحقيقية تتمثل في التزام الدول الصناعية الكبرى بتلك القرارات الأممية، وليس إقرارها أو الترحيب بها وإعلان تأييدها.

وتابع: "الإعلان الأول لحقوق الإنسان في عام 1948 لم يذكر شيئا عن البيئة أو الحفاظ على الموارد الطبيعية، وبدأت المطالب البيئية في الظهور عالميا منذ عام 1992 لكنها لم تتبلور في اتفاقية لحماية المناخ سوى عام 2015".

وأوضح علام أن "أول علاقة عالمية جدية بالحفاظ على البيئة كانت منذ 7 سنوات فقط، وهناك مقاومة شرسة من الدول الصناعية الكبرى على خفض معدلات التلوث والتخلص من الفحم".

وأكد أن الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ، والتي ستنعقد في نوفمبر المقبل بمصر، سيكون نجاحها متوقفا على قدرة مصر ومجموعة الدول العربية والإفريقية على إقناع الدول الصناعية الكبرى بالتوقيع على اتفاقية ملزمة لخفض معدل التلوث.

وفي أكتوبر 2021، تبنى المجلس الأممي لحقوق الإنسان، قرارًا مشابهًا يعترف بالبيئة النظيفة والآمنة والصحية والمستدامة باعتبارها حقًا عالميًا من حقوق الإنسان، لتمثل دفعة معنوية هائلة لنشطاء المناخ في جميع أنحاء العالم.

لكن التأكيد على هذا الحق من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، يثبت أن هناك إرادة سياسية عالمية لا لبس فيها وواسعة النطاق لحماية حقوق الإنسان من الكوارث البيئية.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية