تحذيرات أممية وعربية من استخدام الإنترنت في جرائم الاتجار بالبشر
تحذيرات أممية وعربية من استخدام الإنترنت في جرائم الاتجار بالبشر
السفيرة نائلة جبر رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر في مصر لـ«جسور بوست»:
جريمة بشعة تجري على نطاق دولي وتهدد الفئات الأكثر احتياجاً في العالم
حذّرت الأمم المتحدة، من استخدام التكنولوجيا ومنصات الإنترنت، في جرائم مروعة كالاتجار بالبشر، مقترحة ميثاقا رقميا عالميا لإعمال مبادئ الإدارة الرشيدة في الفضاء الرقمي.
ويحيي العالم “اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر” في 30 يوليو من كل عام، للتذكير بخطورة وبشاعة هذه الجريمة التي تعد انتهاكا شنيعا لحقوق الأشخاص.
والاتجار بالبشر هو شكل من أشكال الجريمة الدولية المنظّمة، التي تكلّف مليارات الدولارات، وتشكّل عبودية العصر الحديث، إذ يعد ضحايا الاتجار مجرد سلعة يمكن استخدامها -بل وحتى بيعها- لتحقيق مكاسب مالية.
تحذير أممي
بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بهذه المناسبة، إن الاتجار بالبشر جريمة مروعة وانتهاك شنيع لحقوق الأشخاص، وتعدٍ صارخ على سلامتهم وكرامتهم.
وناشد غوتيريش العالم إيلاء هذه المسألة ما تستحق من عناية وجهد والعمل في سبيل القضاء على الاتجار بالبشر إلى الأبد، قائلا: "من المؤسف أن الاتجار بالبشر هو أيضا معضلة تزداد سوءا وبخاصة بالنسبة إلى النساء والفتيات".
وتابع: "المرأة تمثل أغلبية من بين الواقعين ضحايا للاتجار ضمن الحالات التي يجري اكتشافها على الصعيد العالمي".
وأردف: "أطبقت النزاعات والنزوح القسري وتغير المناخ واللامساواة والفقر بويلاتها على عشرات الملايين من البشر في جميع أنحاء العالم فتركتهم يعيشون في العوز والعزلة بلا حول ولا قوة".
وأضاف الأمين العام قائلا: "حلت جائحة كـوفيد-19 ففصلت الأطفال والشباب عن أصدقائهم وقرنائهم واضطرتهم إلى قضاء المزيد من الوقت بمفردهم وعلى الإنترنت".
وحذر غوتيريش من استغلال المتاجرين بالبشر مواطن الضعف المذكورة واستخدامهم التكنولوجيا والتقنيات متطورة للتعرف على هوية الضحايا وتعقبهم ومراقبتهم واستغلالهم.
وقال: "تتيح منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت الاحتيال على الأشخاص واستخدامهم بوعود كاذبة، كما تسمح لهم الشبكة المظلمة بإخفاء هوياتهم وهم ينشرون محتوياتهم الدنيئة ومنها تلك التي تستغل الأطفال جنسيا".
وأوضح أن "التكنولوجيا تمنح المستهلكين إمكانية طلب محتويات أشد انحطاطا وخطورة دون أن يكشفوا عن هويتهم وهذا ما يغذي ظاهرة الاتجار بالبشر".
وتابع أن "موضوع اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر هذا العام هو استعمال التكنولوجيا وإساءة استعمالها"، مؤكدا أن هذا يُعدّ تذكيرا بأنه إذا كان بمقدور التكنولوجيا أن تعين على الاتجار بالبشر، فباستطاعتها أيضا أن تكون أداة حاسمة في مكافحتها.
ودعا الأمين العام إلى توحيد الحكومات والهيئات التنظيمية والمؤسسات التجارية والمجتمع المدني، بهدف الاستثمار في السياسات والقوانين والحلول التكنولوجية التي يمكنها أن تساعد في التعرّف على هوية الضحايا ومؤازرتهم، وكشف الجناة ومعاقبتهم.
وشدد غوتيريش على “أهمية ضمان أن تكون منصات الإنترنت فضاء مفتوحا لجميع البشر، بحيث لا يخشون من استخدامها على سلامتهم أو أمنهم”.
واقترح الأمين العام للأمم المتحدة ميثاقا رقميا عالميا لحشد تأييد العالم لضرورة إعمال مبادئ الإدارة الرشيدة في الفضاء الرقمي، وذلك في إطار مؤتمر القمة المعني بالمستقبل لعام 2023.
أنواع الاتجار بالبشر
وعادة ما ترتبط جريمة الاتجار بالبشر بعدد من الجرائم الأخرى، بما في ذلك تدفقات الأموال غير المشروعة، واستخدام وثائق السفر المزورة، والجريمة السيبرية وغيرها.
وهناك العديد من أشكال الاتجار بالبشر، لكن أحد الجوانب الثابتة هو استغلال ضعف الضحايا المتأصل، إذ تأتي ضحايا هذا الشكل الواسع الانتشار من الاتجار في المقام الأول من البلدان النامية.
وغالبا ما يتم استقدام الضحايا والاتجار بهم باستخدام الخداع والإكراه، حتى يجدون أنفسهم محتجزين في ظروف العبودية للقيام بمجموعة متنوعة من الأشغال المنافية للأعراف والأخلاق الآدمية.
ووفق دراسات دولية، يضطر ضحايا الاتجار بالبشر من أجل الأنشطة الإجرامية القسرية، إلى تنفيذ مجموعة من الأنشطة غير القانونية كالسرقة وزراعة المخدرات وبيع السلع المقلدة، والتسول القسري وغيرها.
وتدر هذه الأنشطة غير القانونية إيرادات ضخمة، وغالباً ما يكون للضحايا حصص نسبية ويمكن أن يواجهوا عقوبة قاسية إذا لم يؤدوا أداءً كافيا.
أما الاتجار بالنساء للاستغلال الجنسي، فيعد هو الشكل السائد للاتجار في كل منطقة بالعالم، إما كبلد مصدر أو بلد عبور أو بلد مقصد، لا سيما أن النساء والأطفال من البلدان النامية، تغريهم الوعود بالعمل اللائق ومغادرة منازلهم والسفر إلى ما يعتبرونه حياة أفضل.
وكثيراً ما يتم تزويد الضحايا بوثائق سفر مزورة وتُستخدم شبكة منظمة لنقلهم إلى بلد المقصد، حيث يجدون أنفسهم مجبرين بالاستغلال الجنسي ومحتجزين في ظروف غير إنسانية ورعب مستمر.
فيما ينتشر الاتجار بالبشر لاستئصال الأعضاء في العديد من الدول، إذ تكون قوائم الانتظار لعمليات الزرع طويلة جداً، ما يساعد المجرمين على استغلال يأس المرضى والجهات المانحة المحتملة.
تضافر الجهود
وترجح الدراسات أن شيخوخة السكان وزيادة حالات الإصابة بمرض السكري في العديد من البلدان المتقدمة قد تزيد متطلبات زرع الأعضاء وتجعل هذه الجريمة أكثر ربحية، رغم أنها تعرض صحة وحياة الضحايا للخطر، حيث تجرى العمليات في ظروف سرية دون متابعة طبية.
كما يرتبط تهريب المهاجرين ارتباطا وثيقا بجريمة الاتجار بالبشر، حيث يمكن أن يقع العديد من المهاجرين ضحية العمل القسري طوال رحلتهم، وعادة ما يجبر المهرّبون المهاجرين على العمل في ظروفٍ غير إنسانية لدفع ثمن مرورهم غير القانوني عبر الحدود.
بدورها، قالت رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر في مصر السفيرة نائلة جبر، إن جريمة الاتجار بالبشر تجرى على نطاق دولي وتهدد حياة البسطاء وأكثر الفئات احتياجا في العالم.
وأوضحت جبر، في تصريح لـ"جسور بوست" أن تلك الجريمة البشعة يهدد أمن وسلامة المجتمعات النامية، وتستوجب مكافحتها العمل على مختلف الأصعدة القانونية والأمنية والاجتماعية والإعلامية على المستويين العربي والدولي.
وشددت على ضرورة وجود إستراتيجيات وطنية لمكافحة تلك الجريمة في البلدان النامية، إضافة إلى قوانين رادعة للحد من تلك الأنشطة الإجرامية".
وأكدت السفيرة نائلة جبر، ضرورة وجود دراسات بحثية بشأن جريمة الاتجار في البشر، ومواصلة الحملات الإعلامية للتوعية بمخاطرها، لا سيما على الفئات الأكثر ضعفا وهشاشة كالنساء والأطفال.