«صفا».. لبنانية حولتها الظروف من «أم البنات» لرائدة أعمال
«صفا».. لبنانية حولتها الظروف من «أم البنات» لرائدة أعمال
في شارع مزدحم شرق مدينة طرابلس اللبنانية، يتم الترحيب بالزبائن الذين يدخلون متجر “صفا مصري” للخبز المليء بكرات الكيك، والبسكويت، والكب كيك، ولفائف القرفة المغطاة بطبقة من الفانيليا.
تروي صفا قصتها على الموقع الرسمي لمنظمة “ميرسي كوربس– لبنان”، قائلة: “كان حبي للخبز جنبًا إلى جنب مع رغبتي في أن أكون قدوة لبناتي هما الدافع وراء فتح متجر سمي على اسم لفائف القرفة ” The Cinnaroll” التي أجيد عملها وكنت أتنافس بين الجيران على من يصنعها أفضل.
تمثل “صفا” نموذجًا يُحتذى كصاحبة أعمال لبناتها الخمس والمجتمع من حولها، لم يمضِ وقت طويل حتى كان مخبزها حلمًا بعيد المنال.
تقول صفا: كأم وربة منزل، شعرت برفض المجتمع بسبب عدم إنجاب أبناء ذكور، ولكن كان هذا النقد هو نفسه الدافع إلى البحث عن عمل وضرب مثال لبناتي في السعي وراء أهداف أعلى من الأعراف المجتمعية، “نعم كان الدافع الوحيد هو تشجيع ودعم بناتي”.
ووفقًا للبنك الدولي، تشكل النساء 26% فقط من القوى العاملة في لبنان ونحو 10% من الشركات الصغيرة مملوكة أو مشتركة من قبل النساء، بالإضافة إلى النقص في النساء العاملات ورائدات الأعمال، تأثر الاقتصاد اللبناني بشدة بالنزاع المستمر وعدم اليقين السياسي وارتفاع التضخم.
وكانت رحلة صفا نحو بدء مشروعها التجاري الخاص صعبة بسبب العديد من العوامل التي تؤثر على رواد الأعمال أثناء الأزمة الاقتصادية، مثل عدم القدرة على الوصول إلى التمويل، ولكن صفا واجهت أيضًا تدقيقًا كامرأة، حيث تجبر الضغوط الاجتماعية والاقتصادية النساء على ترك العمل بعد الزواج لتحمل مسؤوليات رعاية الأطفال، كما أن فجوة الأجور بين الجنسين تدفع النساء إلى عدم كسب عيشهن.
وقالت صفا: “كان الأمر صعباً للغاية في البداية، خاصة أنني صاحبة عمل في منطقة محافظة للغاية”.
وأضافت: “التحقت بالدورات التي قدمتها المنظمات المجتمعية وفتحت The Cinnarolls بالمهارات التي تعلمتها، تلقيت انتقادات لجرأتي على كسب لقمة العيش بمفردي، خاصة أنني استعنت ببناتي في إدارة أعمالي”.
وتابعت: “حاول بعض الرجال تخويفي من خلال إيقاف سياراتهم مباشرة أمام المتجر وسد المدخل، قاومت، وفوق كل هذا، كنت أربي بناتي، اللاتي ساعدنني أيضًا في رعاية والدي المريض بألزهايمر”.
وقالت صفا: “كافحت مع الآلام المتزايدة لبدء عمل تجاري جديد وسط اقتصاد متوتر.. خلال هذه الفترة الصعبة، شاركت في برنامج 3amaly، بهدف تحسين فرص كسب العيش للنساء والشباب، والذي يوفر برنامجاً تدريبًا على المهارات للباحثين عن عمل ويدعم بشكل مباشر أصحاب الأعمال الصغيرة للنمو وتوظيف المزيد من العمال”.
قالت منظمة ميرسي كوربس: “من خلال برنامجنا، شاركت صفا في تدريبات على مناولة الأغذية، والأعمال التجارية، والتسويق وتلقيت الإمدادات والمعدات مثل خلاط العجين، تلك الأنشطة التي جلبت لـ Cinnarolls عملاء جدداً بوصفات وتسويق محسّنة وتمكنت من توظيف ثلاثة موظفين جدد، اكتسبت ببطء ثقة مجتمعها وأصبح منتقدوها زبائنها”.
وتضيف المنظمة: “اتصلت بها بعض النساء للحصول على المشورة، وأحالتهن إلى برامج تدريبية مثل التي شاركت فيها معنا”.
تحكي صفا: “من بين الدورات التي حضرتها سابقًا، كانت 3 دورات من بين الأكثر شمولاً وتفصيلاً، كانت جودة المدربين استثنائية، ما زلت على تواصل مع المدربين الذين يسعدهم الرد على أي أسئلة قد تكون لدي”.
وبصفتها إحدى خريجي برنامج 3amaly، تنتهز صفا الفرصة للتطوع كموجه للمشاركين الذين بدؤوا العمل، ومن خلال التوجيه، تتواصل مع النساء اللاتي يسرن على المسار نفسه، ويمكنهن تقديم المشورة بشأن التطوير الوظيفي، بالإضافة إلى التشجيع المعنوي والعاطفي.
ومن جانبها، قالت خديجة الزغبي، إحدى المشاركات في برنامج 3amaly: “صفا هي التي دفعتني إلى امتلاك ميني ماركت خاص بي ووجهني لإنجاز كل شيء.. هي مصدر إلهام، خاصة فيما يتعلق بكيفية عملها أثناء تربية بناتها في هذه الأوقات الصعبة، لقد تعلمت الكثير من تجربتها وكيف لا تتخلى عن أحلامك وطموحاتك مهما كان الأمر”.
و”ميرسي كوربس” هي منظمة مساعدات إنسانية غير حكومية، تعمل في العديد من المناطق التي مرت أو كانت تمر بأشكال مختلفة من عدم الاستقرار الاقتصادي والبيئي والاجتماعي والسياسي.