الأمم المتحدة تطالب الخرطوم بفتح تحقيق بعد تلقّي مبعوثها تهديدات بالقتل
الأمم المتحدة تطالب الخرطوم بفتح تحقيق بعد تلقّي مبعوثها تهديدات بالقتل
دعت الأمم المتحدة الثلاثاء السلطات السودانية إلى فتح تحقيق بعد أن طلب رجل علانية فتوى لكي يقتل بموجبها مبعوث المنظمة الدولية إلى الخرطم فولكر بيرتس.
ومنذ الاثنين، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي في السودان مقطع فيديو يظهر فيه رجل يتحدّث خلال مؤتمر لأحزاب إسلامية وأخرى مرتبطة بنظام عمر البشير الذي أطاح به الجيش في 2016 إثر انتفاضة شعبية وفق وكالة "فرانس برس".
وتناول الرجل الذي عرّف عن نفسه باسم "عبدالمنعم" الميكروفون وراح يكيل للمبعوث الأممي التّهمة تلو الأخرى قبل أن يقول إنّه "متبرّع باغتيال فولكر" وإنّه يطلب "فتوى بإهدار دمه" لكي ينفّذها بنفسه.
واتّهم الرجل المبعوث الأممي بارتكاب "تجاوزات" وبإقصاء أطراف من المحادثات الهادفة لإنهاء الأزمة التي غرقت فيها البلاد منذ أكتوبر 2021.
وتوجّه "عبدالمنعم" إلى الإعلاميين الذين كانوا موجودين في القاعة قائلاً لهم: "سجّلوا يا إخواننا، أنا لست خائفاً، أنا متبرّع لاغتيال فولكر".
والثلاثاء أعربت الأمم المتّحدة عن "قلقها البالغ" إزاء هذا التهديد العلني والمباشر لمبعوثها.
وقال المتحدّث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوغارك، في بيان إنّ "لغة التحريض والعنف لن تؤدّي سوى إلى تعميق الانقسامات على الأرض، ولن تردع البعثة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان عن الاضطلاع بواجباتها".
وأضاف: "تقع على عاتق الحكومة السودانية مسؤولية وواجب ضمان سلامة وأمن بعثة الأمم المتحدة وجميع أعضائها، وفقاً لبنود اتفاقية عام 2021 بين الأمم المتحدة والحكومة".
وشدّد دوغاريك على أنّ "بعثة الأمم المتّحدة، بمن في ذلك رئيسها، ملتزمة بدعم شعب السودان في تحقيق الانتقال السياسي إلى الحكم الديمقراطي بما يتماشى مع تفويضها الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
ومساء الثلاثاء، نأى منظّمو المؤتمر بأنفسهم عن التهديدات التي وُجّهت خلاله إلى فولكر.
وقال المنظّمون إنّ المؤتمر كان مفتوحاً أمام الجمهور وإنّ ما أدلى به "عبدالمنعم" لا يمثّلهم.
مساعٍ نحو الاستقرار
في الخامس من ديسمبر الماضي وقعت القيادة العسكرية ومجموعة واسعة من الأطراف المدنية على الاتفاق السياسي الإطاري، الذي يمهّد الطريق لجولة أخرى من المحادثات حول التوصل إلى اتفاق سياسي نهائي وتشكيل حكومة مدنية جديدة تقود البلاد نحو الانتعاش وإجراء انتخابات ديمقراطية، وهذا على مدى مرحلة انتقالية تمتدّ لفترة سنتين.
وأعرب رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان (اليونيتامس)، فولكر بيرتس، عن تفاؤله حيال الجهود الحثيثة التي تجري حاليا في السودان والتي تبعث الأمل في أنّ السودان قد يجد مخرجاً من الأزمة ويشرع في مرحلة انتقالية جديدة أكثر استدامة، مؤكداً وجود تشجيع دولي لأي عملية تقود إلى تسوية معقولة ومعترف بها ومستدامة.
وأكد بيرتس أن هذه المرحلة الثانية والأخيرة في العملية السياسية مهمة جدا طالما كان الهدف منها الوصول إلى تسوية سياسية، ستقود حتما إلى إنشاء حكومة مدنية وإلى مرحلة انتقالية جديدة أو بالأحرى إلى عودة إلى الانتقال السياسي نحو السلام والاستقرار الداخلي والانتخابات والحكم الديمقراطي.
ومنذ قرارات التصحيح التي اتخذها الفريق عبدالفتاح البرهان وهو قائد الجيش، في أكتوبر عام 2021، يتظاهر آلاف السودانيين في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى للمطالبة بعودة الحكم المدني ومحاسبة قتلة المتظاهرين.
وخلال التظاهرات المستمرة التي شارك فيها الآلاف من الشعب السوداني، قُتل ما يزيد على المئة من المتظاهرين وجرح العشرات منهم، بحسب ما ذكرت لجنة أطباء السودان المركزية بجانب اندلاع أعمال العنف بين الحين والآخر بين القبائل المختلفة في ظل الأزمة الأمنية والسياسية وتبعاتها الاقتصادية في البلاد.