«فورين أفيرز»: تباطؤ الاقتصاد الصيني يعيد تشكيل حرب التجارة العالمية
«فورين أفيرز»: تباطؤ الاقتصاد الصيني يعيد تشكيل حرب التجارة العالمية
شهد الاقتصاد الصيني تراجعاً ملحوظاً بعد سنوات من النمو السريع، مما يثير تحولات جديدة في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، فمنذ بداية الأزمة في قطاع العقارات الصيني لم يعد الاقتصاد الصيني كما كان، حيث تراجع البناء بشكل كبير، وتضررت العديد من الصناعات الحيوية مثل الصلب والإسمنت والأثاث، وفقا لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية.
وقالت المجلة الأمريكية، اليوم الثلاثاء، إن التحديات الاقتصادية أثرت في سلاسل الإمداد العالمية، مما خلق فرصاً جديدة للولايات المتحدة لتوجيه الضغوط على بكين، ومع تعاظم المخاوف من هيمنة الصين على أسواق التصنيع العالمية، أصبحت الولايات المتحدة أكثر قدرة على تعديل استراتيجياتها التجارية، مستفيدة من هذا التباطؤ لتعزيز سيطرتها على الاقتصاد العالمي.
ومنذ أزمة قطاع العقارات في الصين عام 2021، انخفضت مساحة البناء السنوي للعقارات بنسبة 66%، ما أثر سلبًا على قطاعات اقتصادية أخرى مثل صناعة الصلب والإسمنت والأثاث والأجهزة المنزلية، بالإضافة إلى تراجع كبير في الإنفاق الاستهلاكي، كما تباطأ استثمار الحكومات المحلية في البنية التحتية بسبب مستويات الديون المرتفعة، مما يترك آثارًا طويلة الأمد سواء في الصين أو في الدول التي كانت تعتمد على الطلب الصيني القوي لتصدير منتجاتها.
فرص جديدة للولايات المتحدة
يمنح تباطؤ الاقتصاد الصيني الولايات المتحدة فرصة للضغط على بكين، حيث يمكن لواشنطن الاستفادة من تأثير أسواقها الاستهلاكية وأسواق رأس المال لتقديم بدائل أفضل لحلفائها بدلاً من السماح للصادرات الصينية بالهيمنة.
ومع تزايد المخاوف بشأن هيمنة الصين على سلاسل الإمداد العالمية، قد يصبح حلفاء الولايات المتحدة أكثر استعدادًا لتعديل سياساتهم بما يتماشى مع استراتيجية "تقليل المخاطر" الأمريكية، وهي محاولة لتقليص الاعتماد على الصين في سلاسل الإمداد.
التعريفات الجمركية
ورأت "فورين أفيرز"، أنه إذا كانت إدارة ترامب تريد أن تدير هذه الاستراتيجية بشكل فعال، فإنها ستحتاج إلى التفكير جيدًا في خطط التعريفات الجمركية، فقد اقترح ترامب فرض تعريفات تصل إلى 60% على جميع الواردات الصينية، و10% على السلع من بقية الدول، إلا أن فرض تعريفات عالية على جميع الشركاء التجاريين قد يؤدي إلى ردود فعل سلبية في الاقتصادات الغربية، مثل زيادة التكاليف، وانهيار الطلب، وتباطؤ تنويع سلاسل الإمداد.
وسيكون الخيار الأفضل فرض التعريفات بشكل انتقائي على القطاعات الحيوية التي تهدد فيها الصادرات الصينية التنافسية الغربية، وتقديم ذلك جنبًا إلى جنب مع استراتيجية استثمار استباقية لتوسيع سلاسل الإمداد التي تستثني الصين.
جاذبية الصين تتلاشى
على الرغم من الإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الحكومة الصينية في أواخر 2024، مثل تخفيض أسعار الفائدة وبرامج دعم التجارة، فإن الوضع الاقتصادي قد يكون أسوأ مما تشير إليه البيانات الرسمية.
وعلى الرغم من أن الصين قد تمكنت من توسيع صادراتها إلى أسواق جديدة، خاصة في جنوب شرق آسيا، فإن جزءًا كبيرًا من تنويع هذه الصادرات هو مجرد مظهر، حيث يتم شحن السلع عبر دول ثالثة قبل وصولها إلى الأسواق الأمريكية والأوروبية.
عرقلة التوجهات الاقتصادية
رغم التحديات الاقتصادية، لا تزال الصين تمتلك القدرة على التأثير على الاقتصاد العالمي، إذا تمكنت الصين من خفض قيمة عملتها، فقد يجعل ذلك صادراتها أكثر جذبًا للأسواق الغربية، كما ستستمر الصين في محاولاتها لضمان بقاء صادراتها التكنولوجية والمواد الحيوية في الأسواق العالمية.
وإذا تم تنفيذ التعريفات الجمركية العالية على الصادرات الصينية كما يقترح ترامب، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى انخفاض كبير في الطلب المحلي في الولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبرى، مما قد يتسبب في كساد اقتصادي في العديد من الاقتصادات الغربية.