«الغارديان»: غالبية مشرفي فيسبوك السابقين بكينيا يعانون اضطرابات نفسية
«الغارديان»: غالبية مشرفي فيسبوك السابقين بكينيا يعانون اضطرابات نفسية
تعرض عدد كبير من مشرفي محتوى فيسبوك السابقين في كينيا، الذين عملوا لدى شركة "ساماسورس" المتعاقدة مع "ميتا"، لأضرار نفسية خطيرة نتيجة تعاملهم مع محتوى صادم ومروع، حيث تعامل هؤلاء المشرفون مع مواد تحتوي على مشاهد عنف، وجرائم قتل، وإساءة معاملة للأطفال، ما أدى إلى إصابتهم بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب، وفقا لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
وذكرت الصحيفة البريطانية في تقرير لها، الأربعاء، أن جيمس إيرونجو بدأ عمله في "ساماسورس" بحماس كبير، حيث توقع أن يحسن من وضعه المعيشي، حصل على راتب يقارب 250 جنيهًا إسترلينيًا شهريًا، وهو ما يعادل ضعف دخله السابق.. شعر في البداية بالأمل، لكن سرعان ما تحول هذا الحماس إلى معاناة نفسية، بعد أن تعامل مع مقاطع فيديو وصور مروعة، بينها مشاهد لأطفال يتعرضون للتعذيب.
وقال إيرونجو: "رأيت طفلًا ممزق البطن يصرخ من الألم دون أن يموت، عندها أدركت أن هذا العمل يفوق قدرتي على التحمل"، تسبب هذا المحتوى في إصابته بأزمات نفسية حادة أثرت على حياته الأسرية، انهار زواجه بسبب تكتّمه على تفاصيل عمله، وأصبح يعاني من مخاوف مستمرة بشأن سلامة ابنته.
بيئة عمل قاسية
واجه مشرفو المحتوى في "ساماسورس" ظروف عمل قاسية، حيث قضى هؤلاء ساعات طويلة في مراجعة مقاطع مليئة بالعنف، وتعرضت إحدى المشرفات لأزمة نفسية حادة بعد مشاهدتها لمقطع مروع، وانهارت بالبكاء وسط زملائها، لم تتلقَّ سوى نصيحة بأخذ استراحة قصيرة لا تتجاوز 15 دقيقة.
وقالت المشرفة: "كيف يمكن لربع ساعة أن يخفف ما عايشته من صدمة؟"، تدهورت حالتها النفسية إلى حد التفكير في الانتحار، وعانت من نوبات بكاء متكررة وعزلة اجتماعية، وأصبحت تشعر بالخدر العاطفي بشكل دائم.
اضطراب ما بعد الصدمة
أظهرت التقارير الطبية أن 140 مشرفًا على الأقل أصيبوا باضطراب ما بعد الصدمة الشديد.
وأكد رئيس خدمات الصحة العقلية في مستشفى كينياتا الوطني، الدكتور إيان كانيانيا، أن 81% من هؤلاء المشرفين استمرت معاناتهم من أعراض الاضطراب حتى بعد عام من تركهم العمل.
واتهم المشرفون السابقون شركة "ميتا" و"ساماسورس" بإلحاق الأذى النفسي بهم عمدًا، ورفعوا دعوى قضائية تتضمن اتهامات بالاستغلال والعبودية الحديثة، وكشفوا أن أجورهم كانت أقل بثماني مرات من أجور نظرائهم في الولايات المتحدة.
العواقب على الحياة الشخصية
أدى العمل في بيئة مراجعة المحتوى إلى تدمير حياة العديد من المشرفين، ولجأ أكثر من 40 مشرفًا إلى تعاطي المخدرات والكحول كوسيلة للتعامل مع الضغوط النفسية. انهارت زيجات البعض، وتدهورت علاقاتهم الأسرية، وفقدوا الرغبة في ممارسة حياتهم الطبيعية.
وقال إيرونجو: "لم أعد أستطيع النوم أو التفكير بشكل طبيعي، وأصبح كل شيء في حياتي مشوشًا ومظلمًا"، وعانى الكثير من المشرفين من الأرق المزمن والكوابيس المستمرة.
مطالب بالعدالة
رفضت كل من "ميتا" و"ساماسورس" التعليق على الدعوى القضائية الجارية، وأكدت "ميتا" أنها توفر دعمًا نفسيًا لمشرفي المحتوى، لكنها لم تعالج مسألة الأجور وظروف العمل.
ودعت المديرة التنفيذية لمنظمة "فوكس جلوف"، مارثا دارك، إلى محاسبة المسؤولين قائلة: "الأدلة واضحة، تعرض كل مشرف في كينيا لاضطراب نفسي بسبب هذا العمل، ويجب أن نحقق العدالة لهم".
تكلفة إنسانية باهظة
سلطت هذه القضية الضوء على الثمن الباهظ الذي يدفعه مشرفو المحتوى من أجل حماية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بينما يستفيد الملايين من بيئة رقمية آمنة، يدفع المشرفون في الكواليس ثمنًا نفسيًا باهظًا يُلقي بظلاله على حياتهم ومستقبلهم.
وطالب مشرفو المحتوى بتحسين ظروف العمل وتقديم دعم نفسي حقيقي لهم، مؤكدين أن ما عايشوه لا ينبغي أن يتكرر مع آخرين.