«واشنطن بوست»: استجواب مجلة «تشيست» يثير مخاوف بشأن حرية التعبير

«واشنطن بوست»: استجواب مجلة «تشيست» يثير مخاوف بشأن حرية التعبير
وزارة العدل الأمريكية

أثارت رسالة وجهتها وزارة العدل الأمريكية إلى مجلة طبية متخصصة جدلًا واسعًا في الأوساط الأكاديمية والقانونية، بعدما طُرحت تساؤلات حول سياسات النشر والحياد التحريري للمجلة، وسط مخاوف متزايدة بشأن حرية التعبير في المجال العلمي.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، الجمعة، أرسل المدعي العام الأمريكي لمقاطعة كولومبيا، إد مارتن، رسالة رسمية إلى مجلة "تشيست"، وهي مجلة علمية تصدر شهريًا عن الكلية الأمريكية لأطباء الصدر.

وتتناول موضوعات تتعلق بالأمراض الصدرية والرعاية التنفسية، تضمنت الرسالة استفسارات دقيقة حول نهج المجلة في التعامل مع الآراء العلمية المختلفة، وسياساتها في اختيار المقالات والنشر.

وأوضح مارتن في رسالته أنه تلقى معلومات تفيد بوجود انحياز في بعض المجلات العلمية، وربط ذلك بما وصفه بـ"مصالح تجارية" كالإعلانات أو التمويل الخارجي، كما تساءل عما إذا كانت المجلة تمنح مساحة متكافئة للآراء المتباينة، وما إذا كانت تتخذ إجراءات لمعالجة المحتوى الذي قد يكون مضللاً أو يحمل ادعاءات غير دقيقة.

دعوة رسمية للرد قبل مايو

طلب مارتن من رئيس تحرير المجلة، الدكتور بيتر مازون، تقديم رد مفصل على استفساراته بحلول الثاني من مايو المقبل.

وذكرت المجلة، التي تتخذ من ولاية إلينوي مقرًا لها ويصل عدد قرّائها إلى نحو 13 ألفًا ورقيًا، و156 ألف زيارة شهرية متوسطة عبر الإنترنت، في بيان مقتضب أنها استلمت الرسالة، وأنها تخضع حاليًا للمراجعة القانونية من قبل مستشار المجلة.

وأكدت إدارة "تشيست" أن الرسالة نُشرت على الإنترنت دون علمها، ورفضت تقديم تعليق إضافي على مضمونها أو الاستجابة لمطالب مارتن الواردة فيها.

مخاوف من انتهاك حرية التعبير

أثار مضمون الرسالة انتقادات واسعة من خبراء قانونيين ومدافعين عن حرية التعبير، حيث عد بعضهم الرسالة تحمل نبرة تهديدية تهدف إلى التأثير في استقلالية المجلات العلمية.

وصرح المدير التنفيذي لائتلاف "فيرست أماندمنت"، ديفيد سنايدر، بأن ما قام به مارتن يُعد أمرًا غير مسبوق في تاريخ العلاقة بين الحكومة الفيدرالية والمؤسسات الأكاديمية.

وأضاف: "من الصعب تخيّل هدف لمثل هذه الرسالة سوى ترهيب المجلات ومنعها من التعبير بحرية"، وبيّن أن التعديل الأول من الدستور الأمريكي يمنع الحكومة من التدخل في قرارات التحرير داخل وسائل النشر.

لا تعليق من الجهات الرسمية

ورفض متحدث باسم وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية التعليق على القضية، وأحال جميع الأسئلة إلى مكتب المدعي العام الفيدرالي، كما لم تستجب وزارة العدل ولا مكتب مارتن لطلبات وسائل الإعلام بشأن تفسير دوافع الرسالة.

وتزامنت هذه الخطوة مع قلق متزايد داخل المجتمع العلمي من سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي اتهمت بتقييد البحث العلمي وفرض رقابة على المؤسسات التي تُتهم بأنها تنتمي إلى التيار الأكاديمي الليبرالي.

شهدت المؤسسات العلمية خفضًا في التمويل العام، وبحسب مراجعة للبيانات المتاحة حتى نهاية مارس من العام الأول لإدارته، تراجع تمويل المعاهد الوطنية للصحة بأكثر من 3 مليارات دولار مقارنة بنفس الفترة من العام الذي سبق.

وأعربت جامعات ومراكز أبحاث عن مخاوفها من فقدان الدعم الفيدرالي، في ظل وصف الإدارة لبعض المؤسسات البحثية بـ"معاقل اليقظة" أو المعارضة السياسية.

ودعت مسودة ميزانية البيت الأبيض الخاصة بوزارة الصحة والخدمات الإنسانية إلى تقليصات كبيرة في برامج الصحة والعلوم، الأمر الذي فاقم من التوتر بين الحكومة والباحثين.

هل طالت الرسائل مؤسسات أخرى؟

لم تُعرف بعد هوية مؤسسات أخرى ربما تلقت رسائل مماثلة، وقد نفت ثلاث من أكبر دور النشر الطبية والعلمية – من بينها مجلة "نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن" ومجلة "هيلث أفيرز" – تلقيها لأي اتصالات من مكتب مارتن.

أما دار النشر "سبرينغر نيتشر"، وهي واحدة من كبريات دور النشر في المجلات العلمية والطبية، فأعلنت أنها لم تكن على علم بأي تواصل من مارتن، وامتنعت عن تقديم أي تعليق إضافي.

وصرّح المستشار القانوني في مؤسسة الحقوق الفردية والتعبير، جيه تي موريس،  بأن "استخدام المدعي العام لسلطاته لمحاولة التأثير في محتوى المجلات العلمية لا يُعد تنفيذًا لمسؤولياته الدستورية، بل تدخّلًا غير مشروع".

وأكد أن مثل هذه الرسائل تعكس نهجًا مقلقًا من جانب مارتن في التدخل بمسائل ينبغي أن تظل مستقلة، معتبرًا أنها جزء من سلسلة أفعال سابقة لمارتن وجّه خلالها رسائل انتقادية إلى جهات وأشخاص أعربوا عن مواقف تخالف رؤيته.

ومن جهته، أشار ديفيد سنايدر إلى أنه لا يرى أي التزام قانوني يُلزم المجلة بالرد على مثل هذه الرسالة، مشددًا على ضرورة الحفاظ على استقلالية المجلات العلمية.



 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية