الأمم المتحدة: الغارات الأمريكية على اليمن تُنذر بتفاقم الأزمة الإنسانية

المدنيون والأطفال الأكثر تضرراً

الأمم المتحدة: الغارات الأمريكية على اليمن تُنذر بتفاقم الأزمة الإنسانية
آثار الغارات الأمريكية في اليمن

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ إزاء الغارات الجوية الأمريكية التي استهدفت مناطق خاضعة لسيطرة جماعة الحوثي في اليمن، خصوصاً في محيط ميناء رأس عيسى خلال يومي 17 و18 أبريل الجاري، ودعت إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس لتفادي مزيد من التصعيد في ظل الوضع الإنساني المتدهور.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك في بيان صدر، الاثنين، إن خمسة من العاملين في المجال الإنساني أُصيبوا خلال الضربات التي طالت محيط الميناء، مشيراً إلى ورود تقارير أولية تفيد بوقوع أكثر من 230 إصابة، بينها 80 حالة وفاة، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

الاستجابة الإنسانية

أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن تعبئة فورية للمساعدات لدعم المرافق الصحية المحلية، بما في ذلك مراكز الرعاية الصحية، ومراكز علاج الإصابات والجراحة الطارئة، إلى جانب توفير مستلزمات طبية وجراحية عاجلة.

وأكد دوغاريك أن الحريق الذي اندلع في الميناء أُخمد، يوم الاثنين، إلا أنه أعرب عن قلق بالغ إزاء التقارير التي تحدثت عن تسرب للوقود في مياه البحر الأحمر، ما يشكل تهديداً بيئياً خطِراً.

وفي المقابل، عبّر دوغاريك عن قلق مماثل تجاه استمرار الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي يشنها الحوثيون ضد إسرائيل وفي البحر الأحمر، داعياً إلى وقف هذه العمليات فوراً، ومؤكداً ضرورة الامتثال الكامل لقرار مجلس الأمن 2768 بشأن أمن الملاحة البحرية.

وجدد المتحدث الأممي دعوته إلى وقف جميع الأنشطة العسكرية داخل اليمن ومحيطه، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة تواصل التواصل مع جميع الأطراف المعنية على الأرض في محاولة لتخفيف التوترات.

من جهتها، قامت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) بزيارة ميدانية إلى ميناء رأس عيسى، وأفادت بوجود دمار هيكلي واسع النطاق في منشآت الميناء. وأعلنت البعثة نيتها تسيير دورية أخرى إلى ميناء الحديدة يوم الثلاثاء لتقييم الوضع هناك.

وأكدت البعثة الأممية استمرار العمل مع كافة الأطراف المعنية لتعزيز الحوار وتقديم مبادرات تهدف إلى تهدئة الوضع في محافظة الحديدة، بما يتماشى مع ولايتها المعنية بدعم الاستقرار في المناطق الساحلية.

دعوات لحماية المدنيين

شدد دوغاريك على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي، ولا سيما القانون الدولي الإنساني، داعياً كافة الأطراف إلى احترام وحماية المدنيين والمنشآت المدنية من الاستهداف.

وطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من العاملين المحتجزين تعسفياً من قبل جماعة الحوثي.

وفي السياق ذاته، دعا المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إلى تقديم ضمانات موثوقة تضمن عدم تحول البحر الأحمر إلى ساحة نزاع مفتوح، معتبراً أن هذه الضمانات ضرورية لحماية الاستقرار الإقليمي ومنع انزلاق اليمن بعيداً عن مسار السلام.

الأطفال في مرمى الخطر 

حذر العاملون في المجال الإنساني من أن العنف المتجدد يعمّق الأزمة الإنسانية المستمرة، حيث لا يزال أكثر من 19 مليون شخص بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية وطبية وحماية، في ظل تفشي الأوبئة وندرة الموارد الصحية.

وأشار مكتب "أوتشا" إلى أن الأطفال يواجهون خطراً مضاعفاً، حيث استمر تفشي مرض الحصبة في محافظة مأرب بارتفاع ملحوظ، مع تسجيل أكثر من 240 إصابة مؤكدة ووفاة أكثر من عشرة أطفال منذ بداية العام الجاري.

وأكد المكتب الأممي أن التصدي لتفشي الأوبئة يتطلب تدخلات صحية مستدامة، وهو ما يستلزم تمويلاً منتظماً وضمان وصول الشركاء الإنسانيين إلى المناطق المتضررة.

جهود مستمرة رغم التحديات

رغم التوترات الأمنية المستمرة، واصل الشركاء الإنسانيون بقيادة الأمم المتحدة تقديم الدعم في مختلف أنحاء اليمن، إذ تمكنوا منذ بداية العام من توزيع مساعدات غذائية لما يقرب من 6 ملايين شخص، إلى جانب دعم أكثر من 500 مرفق صحي يوفّر خدمات علاجية أولية وثانوية لنحو 225 ألف شخص من الرجال والنساء والأطفال.

وفي وقت سابق، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، في بيان، أنه لا يزال يشعر بقلق عميق إزاء أخطار التصعيد الإقليمي، وكرر دعوته لجميع الأطراف إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، وتغليب لغة الحوار على المواجهة.

شنت الولايات المتحدة، منذ بداية عام 2025، عدة ضربات جوية على مواقع قالت إنها تابعة لجماعة الحوثي في اليمن، وذلك في أعقاب هجمات متكررة شنها الحوثيون على سفن شحن دولية في البحر الأحمر وخليج عدن، ضمن تصعيد مرتبط بالصراع في غزة.

وتقول واشنطن إن هذه الغارات تهدف إلى "حماية الملاحة الدولية" وردع الهجمات الحوثية، إلا أن مراقبين حذروا من أن الضربات تزيد من تعقيد الوضع الإنساني في اليمن الذي يعيش أزمة مستمرة منذ اندلاع الحرب عام 2015، وتسببت تلك الضربات بسقوط ضحايا مدنيين وإلحاق أضرار بالبنية التحتية الحيوية، ما أثار قلقاً أممياً متزايداً من أخطار التصعيد الإقليمي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية