"فايننشيال تايمز": ألمانيا تطرح خطة ضريبية بقيمة 46 مليار يورو لإنعاش الاقتصاد

"فايننشيال تايمز": ألمانيا تطرح خطة ضريبية بقيمة 46 مليار يورو لإنعاش الاقتصاد
الاقتصاد الألماني - أرشيف

يعتزم المستشار الألماني فريدريش ميرتس تقديم حزمة تخفيضات ضريبية ضخمة بقيمة 46 مليار يورو لدعم الشركات، في خطوة تهدف إلى إخراج الاقتصاد من الركود وتعزيز القدرة التنافسية لألمانيا على المديين القصير والطويل.

ويستعد وزير المالية الألماني لارس كلينجبيل، المنتمي إلى الحزب الديمقراطي الاجتماعي، لتقديم تفاصيل خطة التحفيز الاقتصادي خلال اجتماع مجلس الوزراء اليوم الأربعاء.

وتتضمن الخطة حوافز ضريبية تُخصص لدعم شراء المعدات الصناعية والمركبات الكهربائية، بتكلفة إجمالية تبلغ 46 مليار يورو حتى نهاية ولاية الحكومة الائتلافية في عام 2029، وفقًا لتقديرات حكومية اطلعت عليها صحيفة "فاينانشال تايمز".

ويشير نص مشروع القانون المرتقب إلى أن "الخروج من حالة الركود الاقتصادي يتطلب إجراءات حاسمة لتعزيز إمكانات النمو للاقتصاد الألماني"، كما تهدف الإجراءات إلى "إرسال رسالة واضحة بأن ألمانيا لا تزال موقعًا جذابًا للأعمال".

ويدمج المستشار فريدريش ميرتس هذا الإصلاح الضريبي في إطار خطة أشمل لتحديث البنية الاقتصادية والبنية التحتية الدفاعية في البلاد.

إنفاق يتجاوز تريليون يورو

وتشمل الخطة العامة إنفاقًا حكوميًا ممولًا بالديون يتجاوز تريليون يورو لتحديث القوات المسلحة الألمانية وإعادة تأهيل البنية التحتية المتقادمة، وتُعد هذه الاستثمارات جزءًا محوريًا من رؤية ميرتس لإنعاش الاقتصاد الألماني، الذي يعاني من تباطؤ واضح.

يُضاف إلى ذلك التزام المستشار ميرتس بدعم تكاليف الكهرباء للقطاع الصناعي التحويلي، والذي يُعد أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، كما أنشأت الحكومة وزارة جديدة مكلفة بتقليص البيروقراطية وتسريع الرقمنة في مؤسسات الدولة.

أثنى كبير الاقتصاديين في بنك بيرينبرغ، هولجر شميدينغ، على المبادرة قائلًا إن "الإعفاءات الضريبية المقترحة مفيدة لجعل ألمانيا وجهة استثمارية أكثر جاذبية"، لكنه حذّر من أن "تخفيف الأعباء التنظيمية سيكون التحدي الأكبر، لكنه لا يقل أهمية عن الحوافز المالية".

تتضمن الإجراءات الجديدة تمكين الشركات، اعتبارًا من 1 يوليو، من خصم 30% من تكلفة الآلات والمعدات الجديدة من فاتورتها الضريبية سنويًا خلال الفترة من 2025 إلى 2027.

وسيُخفض معدل ضريبة الشركات الفيدرالية، والبالغ حاليًا 15%، بمقدار نقطة مئوية واحدة سنويًا بدءًا من عام 2028 حتى يصل إلى 10%.

وسيُتاح للشركات كذلك خصم 75% من سعر شراء السيارات الكهربائية الجديدة خلال السنة الأولى من الضريبة، مما سيؤدي إلى تقليل الدخل الخاضع للضريبة.

وتخطط الحكومة أيضًا لتقديم مزيد من الحوافز الضريبية المُخصصة للاستثمارات في مجالات البحث والتطوير، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية.

فوائد قصيرة المدى

أكد رئيس قسم الاقتصاد الكلي الألماني في بنك دويتشه، روبن وينكلر، أن "المقترحات ستحفز القطاع الصناعي على المدى القصير"، مشيرًا إلى أنها تمثل دفعة ضرورية في توقيت حرج.

وتُخطط الحكومة لعرض هذه الإجراءات على البرلمان بمجلسيه لإقرارها رسميًا قبل نهاية صيف هذا العام، ضمن برنامج عمل الائتلاف الحاكم بقيادة ميرتس، والذي يضم الحزب الديمقراطي الاجتماعي.

تشهد ألمانيا تباطؤًا حادًا في الاستثمار الصناعي منذ سنوات، حيث أظهرت بيانات بنك التنمية الألماني (KFW) أن استثمارات الشركات في المصانع والآلات والمركبات خلال الربع الثالث من عام 2024 كانت أقل بنسبة 9% ما كانت عليه قبل جائحة كوفيد-19.

وفي المقابل، ارتفعت الاستثمارات في الولايات المتحدة بنسبة 11.5%، وفي الاتحاد الأوروبي بنسبة 1% خلال نفس الفترة، ما يبرز التراجع النسبي في الأداء الألماني.

وتشير الأرقام إلى أن نفقات البحث والتطوير في ألمانيا، سواء كانت عامة أو خاصة، لا تزال متخلفة مقارنة بنظيراتها في الدول الصناعية الكبرى.

وبحسب بنك بنك التنمية الألماني ، أنفقت ألمانيا 11% أكثر على الملكية الفكرية مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة، بينما أنفقت الولايات المتحدة 36% أكثر، وأنفقت فرنسا 27% أكثر، خاصة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.

نهج مالي أكثر مرونة

تعكس هذه التغييرات تحولًا ملحوظًا في التوجهات الاقتصادية لألمانيا، التي طالما عُرفت بسياسات الانضباط المالي الصارمة داخل الاتحاد الأوروبي.

ويأتي هذا التحول في سياق اقتصادي صعب، حيث تُعاني البلاد من تباطؤ في النمو وارتفاع في تكاليف الطاقة، إلى جانب منافسة شرسة من الصين.

كما يُحذر الخبراء من أن تهديدات الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على بعض السلع الأوروبية، قد تدفع الاقتصاد الألماني إلى حالة انكماش جديدة هذا العام، ما يُبرز الحاجة المُلحة لاتخاذ إجراءات دعم فورية.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية